الضربة الأميركيّة ليست للقضاء على إيران... بل لإنقاذ "إسرائيل"
بالرغم من المهلة الزمنية الجديدة والمحددة بأسبوعين، التي منحتها الولايات المتحدة لإيران لإبرام الاتفاق النووي، قامت هذه الأخيرة بهجوم مفاجىء على المواقع النووية الثلاثة : نطنز وفوردو وأصفهان. وهكذا استفادت المقاتلات الأميركية من عاملي السرعة والمفاجأة لتنفيذ هجماتها، وألقت 125 طائرة مشاركة في حملة "مطرقة منتصف الليل" بكامل حمولتها، المقدرة بحوالى 182 طنًا من القنابل الخارقة للتحصينات على المواقع المستهدفة.
وإذا كانت الضربة الأميركية متوقعة، إلا أن أحدًا لم يكن يتوقع حدوثها بهذه السرعة، فالجميع كان بانتظار تطورات إيجابية على المستوى الديبلوماسي، ولا سيما أن الرئيس ترامب أعلن أكثر من مرة أنه يميل إلى الحل الديبلوماسي وليس إلى الحل العسكري. فما الذي حدث ليعود الرئيس الأميركي عن قراره ويذعن للمطالب "الإسرائيلية"، ويقوم بإعطاء الأوامر لقواته العسكرية بالتدخل مباشرة في الحرب الدائرة بين إيران و"إسرائيل"؟
وطيس الحرب يتزايد وخطرها يتوسع
عندما قامت "إسرائيل" بشن هجماتها على إيران في الثالث عشر من حزيران 2025 ، كانت تعتقد أن حربها ستستمر لأيام عديدة لا اكثر ولا اقل، فهي أعدت كل العدة لتكون الضربة سريعة ومفاجئة وقاضية، بناء على معلومات استخبارية موثوق بها. فقد شنت أولى غاراتها على القيادة العليا الإيرانية ومركز اجتماع أمني للحرس الثوري وقيادته، وكان من المقرر أن يحضره كل القادة العسكريين والأمنيين. ومن المعلوم أن جهاز "الموساد الإسرائيلي" هو واحد من اقوى أجهزة الاستخبارات في العالم.
وبالعودة إلى تاريخ هذا الجهاز وإنجازاته على مر الزمن منذ نشوء دولة "إسرائيل"، نرى أن كل معلومات هذا الجهاز كانت معلومات موثوق بها ويُعتمد عليها. لقد استطاع هذا الجهاز تجنيد مئات الأشخاص، وزرع مئات الجواسيس في كل أنحاء العالم العربي. ومن الأمثلة على مدى قوة أجهزة المخابرات "الإسرائيلية"، يجب الإشارة إلى اسماء كبيرة وشهيرة في عالم التجسس، وهنا نذكر الفنانات المصريات الشهيرات اللواتي ارتبطت أسماؤهن بـ "الموساد"، ومنهن كاميليا في مصر، وبرلنتي عبد الحميد الزوجة السرية الثانية للمشير عبد الحكيم عامر، أحد أقرب المقربين من الرئيس المصري جمال عبد الناصر، وأحد أبرز الضباط الأحرار الذين قادوا ثورة 23 يوليو 1952 معه، والذي استمر في منصبه إلى ما بعد حرب الـ 67. كذلك نشير إلى إيلي كوهين الزائع الصيت، الذي كان مقربًا من رؤساء الوزراء وأركان الحرب في سورية، والذي أعدم في ما بعد في ساحة المرجة في العام 1965. كذلك نشير إلى شولا كوهين المعروفة "بلؤلؤة الموساد" التي استطاعت التقرب من كل البيوتات السياسية اللبنانية ومعظم السياسيين في فترة ما قبل العام 1967 ، ومؤخرا الصحفية البريطانية التي استطاعت الوصول إلى أقرب المقربين من الخامنئي، والتي استطاعت الفرار قبل انكشاف أمرها.
إذا، "إسرائيل" اعتقدت أن ضرب القيادة الإيرانية سيمكنها من إنهاء الحرب بأيام معدودة. ومن المعلوم ان كل الحروب التي خاضتها كانت تعرًف بالأيام، على شاكلة حرب الأيام الستة في تموز 1967. إلا أن ما عملت له "إسرائيل" لسنوات لم يعطِ النتائج المرجوة، فاستطاع الإيرانيون ليس فقط الصمود، إنما استطاعوا دك المدن الإسرائيلية من "تل أبيب" إلى "حيفا" ومختلف مدن الشمال، وصولًا إلى جنوب "إسرائيل" وصحراء النقب وبرشيفا وغيرها. وأصبح مفاعل ديامونا النووي على بعد خطوات من نيران الصواريخ الباليستية الإيرانية.
لقد تكبدت "إسرائيل" أضرارًا جسيمة لم تكن في الحسبان، وبالرغم من إعلان قادتها ومن ورائهم الغرب من أن "إسرائيل" متفوقة، إنما الواقع على الأرض أثبت عكس ذلك. ولقد تيقن الأميركيون أن لا قدرة "لإسرائيل" من الاستمرار في حرب استنزاف طويلة الأمد، بالرغم من تفوق سلاح الجو "الإسرائيلي"، ولكن إيران بصواريخها الباليستية والفرط صوتية، استطاعت توجيه ضربات قاتلة إلى قلب الكيان.
وهنا نشير إلى أن "إسرائيل" تحل بالمرتبة 15 في قائمة الجيوش الأقوى في العالم، وبالرغم من أن إيران تحل في المرتبة 16، فإن مساحة إيران تبلغةحوالى مليون وسبعة آلاف كم، في حين تبلغ مساحة "إسرائيل" حوالى 22.000 كم، أما عدد سكان إيران فيبلغ أكثر من 92 مليون، فيما "إسرائيل" لا يتعدى عدد سكانها عشرة ملايين، وهذا ما يعطي إيران قدرة أكبر للصمود.
أميركا هبّت لمساعدة "إسرائيل"
من هنا نفهم موقف الولايات المتحدة التي تريد وضع حد لحرب الاستنزاف، ولكن مع إعطاء نتنياهو مبررا لإنهائها، وذلك بإعطائه سيناريو يظهره بمظهر المنتصر الذي استطاع تحقيق بعض أهدافه، وإن كان بواسطة الولايات المتحدة. فهل تستطيع الولايات المتحدة إقناع إيران بعدم الرد بصورة قوية على هجماتها، مقابل الدخول بمفاوضات لحل النزاع؟ الأيام المقبلة ستأتينا بالحل، ولكي تبرهن أن الهدف من وراء استهداف أميركا للمواقع النووية، لم يكن بهدف القضاء على إيران، إنما بهدف إنقاذ "إسرائيل".
حبيب البستاني - الديار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|