الصحافة

هواجس جدّية من إهمال أذرع إيران

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

خلال جولات التفاوض التي كانت قائمة بين الولايات المتحدة وإيران قبل الحرب التي بدأتها إسرائيل على هذه الأخيرة، كان زوار العاصمة الأميركية من نواب وشخصيات لبنانية ينقلون عن المسؤولين الأميركيين أن موضوع التفاوض يقتصر بين الجانبين على الملف النووي ولا شيء آخر سواه. وكان هذا الأمر مدعاة لرهانات داخلية على قاعدة وجوب انتظار هذه المفاوضات وما ستؤدّي إليه وإن كان إنجاز أي اتفاق على الملف النووي سيترك إيران حرة ومرتاحة في الملفات الأخرى شأنها في ذلك ما حصل في الاتفاق حول ملفها النووي في 2015.

العوامل الجديدة التي دخلت على الخط أخيراً تتعلق بالحرب ونتائجها على ضوء إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب اتفاقاً لوقف النار يظهر لبنان السياسي طموحاً لاستطلاع البنود التي رافقته وهل ثمة بنود قد يكون أهمها الإبقاء على النظام وعدم التطلع إلى المسّ به بعد تهديده من إسرائيل وحتى من ترامب نفسه.

لم يأت الأميركيون في أيّ لحظة من هذه الحرب على ذكر أذرع إيران في المنطقة فيما المؤشر الوحيد لذلك برز حين التقى وزراء خارجية بريطانيا وألمانيا وفرنسا نظيرهم الإيراني في جنيف قبل يومين من الهجوم الأميركي على المنشآت النووية الإيرانية. في حيثيات الاجتماع وفق ما أعلن الأوروبيون وجود ثلاثة ملفات أساسية على الطاولة إلى جانب ملفات ثانوية ولكن مهمة لهذه الدول الأوروبية تتعلق بالمعتقلين الأوروبيين لدى طهران وأمور مماثلة. فأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن مبادرة أوروبية مشتركة، قائلاً إن فرنسا وألمانيا وبريطانيا "ستقدّم عرضاً تفاوضياً كاملاً لإيران"، لكنه ربط أي تقدم بملفات أخرى تتجاوز البرنامج النووي داعياً إلى تضمين "مسألة تمويل إيران لحلفائها في الشرق الأوسط" في المفاوضات. ولكن هذه المفاوضات فشلت لمصلحة الهجوم الأميركي على المنشآت الإيرانية ومنها إلى إعلان وقف للنار بعيداً من الأوروبيين.

ثمة قلق لا تخفيه أوساط عدة كان قائماً قبل الحرب وازداد حدّةً بعدها من اتفاق أميركي مع إيران يهمل موضوع اذرعها في المنطقة في ضوء المراعاة الشديدة التي أظهرها الرئيس الأميركي حيال إيران بعد وقف النار. يبرز أمران في هذا الإطار لا يمكن تجاهلهما: الأول أن مراقبة أداء "حزب الله" في الحرب الأخيرة على إيران والتزامه الابتعاد عن مساندتها عُزي إلى حدّ كبير إلى مدى الضعف الذي أصابه على رغم التلويح من إيران بأنه لا يزال ورقة يمكن أن تحرّكها متى شعر النظام بالخطر الشديد. وحتى إن إسرائيل نفسها استندت إلى منطق إضعافها الحزب ما شلّ قدراته عن مواجهتها من دون أن تقصّر في استمرار توجيه ضربات استهدفت عناصر له في الجنوب تزامناً مع الحرب على إيران. الخلاصات عن مدى ضعف الحزب يعتقد البعض أنها لا تجعل منه ملفاً يوضع على طاولة المفاوضات مع إيران. فمن جهة هناك اتفاق لوقف النار بين لبنان وإسرائيل والتزام مندرجات القرار الدولي 1701 وسائر القرارات التي تفضي إلى نزع سلاح الحزب. وهذا ملفّ لا يزال يسعى الأميركيون لدى السلطات في لبنان من أجل تنفيذه على قاعدة هذا الالتزام وبمعزل عن أي ملف تفاوضي ثنائي بين الولايات المتحدة وإيران ويظهرون استعداداً لوساطة بين لبنان وإسرائيل تنطلق من تنفيذ لبنان هذا البند.

والأمر الآخر أن واشنطن لا تزال تترك لإسرائيل هامش الضغط على الدولة اللبنانية في هذا الإطار. مثار القلق في ظل هذه المعطيات أن أيّ اتفاق بين الولايات المتحدة وإيران يمكن أن يترك موضوع أذرع إيران خارجه ما يحتمل أن يترك لبنان يتخبّط في معالجة هذا الملف وحده مراوحاً بين رغبته في حلّ هذا الموضوع بالتفاهم وعجزه عن ذلك وبين ضغوط خارجية لا تتحمّس للانخراط في الاستثمار فيه من دون إيجاد حلول لهذا الملف. فبين الهاجس الأميركي بتأمين متطلبات الأمن والاستقرار لإسرائيل، التي يمكن تأمينها عبر الاتفاق الأميركي الإيراني المرتقب على خلفية وعود ترامب لإيران بالسلام والازدهار، وضمان مقاربة مختلفة من النظام الجديد في سوريا إزاء إسرائيل وعودة سوريا إلى علاقات وثيقة مع الدول العربية بعيداً من إيران، قد لا يجد لبنان الاهتمام والدعم اللذين يحتاج إليهما لإنهاء ملفاته العالقة. ويقول ديبلوماسيون في هذا الاطار إن مورغان أورتاغوس زارت لبنان مرتين وزارها أخيراً السفير الأميركي توم براك في مهمة استكمالية لما كانت تقوم به أورتاغوس، وبقيت المواقف اللبنانية على حالها من دون أي تغيير فيما ثمة رؤية سلبية إزاء ربط تنفيذ نزع السلاح أو معالجته بالاشتراطات نفسها التي يتبنّاها "حزب الله".

فمع أن لبنان يتمسّك ويجب أن يتمسّك بضرورة تنفيذ إسرائيل التزاماتها في ما يتعلق باتفاق وقف النار وتنفيذ القرار 1701، فإن المقاربة الرسمية التي تبقى انتقادات داخلية حول التأخير في موضوع سلاح الحزب تجد صداها في الخارج والبعض الكثير منها يعبّر عن هذا الخارج أيضاً.

هناك عوامل أخرى مؤثرة في هذا السياق، ولكن الخشية الكبرى تبقى في التفاهمات الأميركية في أيّ اتجاه غالباً وانعكاسها على لبنان.

روزانا بو منصف -النهار

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا