"طهران تايمز": إسرائيل خططت لتفجير داخل أمريكا.. وإيران أحبطت المؤامرة
خامنئي في المونديال
تتسق احتفالات إيران بـ "النصر" مع تاريخ طويل من احتفاء الشعوب العربية والإسلامية بالخسائر التي حققتها المنتخبات والأندية خلال مشاركتها في البطولات الكبرى، وعلى رأسها "المونديال"، تحت عنوان "المشاركة المشرفة" في حين أنها في لبنان اتخذت طابعًا مغايرًا، إذ لم يكتفِ "حزب الله" بتوجيه "آيات التبريك والتهنئة" إلى من "دام ظلّه" الوارف "بتحقق هذا النصر الإلهي المؤزّر"، بل ذهب بعيدًا بدعوته "جميع شعوب الأمة إلى استلهام هذا النصر العظيم" (!!!) المتمثل بعملية قصف منسقة مع الأميركيين على قاعدة "العديد" في قطر، أسقطت الدفاعات الجوية صواريخها، ما عدا واحدًا، لتكون عربونًا ترامبيًا يحفظ القليل مما تبقى من ماء وجه الملالي!!
من المفارقات الرمزية التي تختزن الكثير من الدلالات المعبرة عن حجم الفجوة الهائلة بين منطقتنا والتطورات العلمية والتكنولوجية المذهلة، أن يحتفل علي خامنئي بمشاركته الخائبة في "مونديال" النفوذ، رغم خسارته الركائز الثلاث التي قام عليها مشروع الملالي التوسعي، من الأذرع وعلى رأسها الحزب الإلهي إلى الباليستي فالنووي، بالتزامن مع خسائر فادحة تلقتها الفرق العربية في "مونديال الأندية" المقام في أميركا.
صاغ الملالي صورة النصر بالارتكاز على عنصرين متوازيين: "الصمود" و"إيلام العدو". والحال أن صمود النظام كان إرادة عالمية جامعة، وإن تباينت الأسباب، بين سيناريوات الفوضى التي يتجاوز تأثيرها الخليج ليطال الشرق الأوسط والقوقاز وآسيا الوسطى والأناضول، وبين إصابة "آيات الله" بمقتل من خلال حشرهم نظامهم بحدوده الجغرافية، وترك الفرصة لتفاعل عوامل التفجير الذاتية.
فيما انحسر عنصر "الإيلام" في الصور والفيديوات المتناقلة لهلع الإسرائيليين ونزوحهم إلى الملاجئ، في استمرار لصورة نمطية تاريخية ذات بعدَين عربي وإسلامي، تجعل الشعور بالفزع المعادل لخسائر سياسية وجغرافية وإنسانية وثقافية. واحدة من المفارقات تبدّت في رفع شعار "سنُصلّي في القدس خلال جنازات عدد من القادة والعلماء الإيرانيين، في نفس الوقت الذي كان الملالي يفاخرون بإصابة بعض صواريخهم مدينة القدس، بما يكرّس اعترافًا ضمنيًا بـ "إسرائيليتها".
بيد أن لوحة المفارقات بما فيها من متواليات وصور كاريكاتورية ساخرة لا تكتمل إلا ببصمة "ترامبية"، تجلّت بإطلاق "حرب الأيام الـ 12" على "المونديال" إيّاه، ليعيد تذكيرنا بـ "حرب الأيام الستة" عام 1967، والتي ابتدع لها "العلّامة" محمد حسنين هيكل مصطلح "النكسة" للتخفيف من وطأة كارثيتها.
إحدى المشهديات التي لا تزال حية من إرث تلك المأساة، صورة نائب مصري يرقص طربًا في البرلمان غداة تراجع جمال عبد الناصر عن قرار تنحّيه "المحسوب"، مقابل صورة للبكاء في "الكنيست" الإسرائيلي حزنًا على القتلى. مشهدية طبق الأصل لنصر الملالي المزعوم، تعبر عن كيفية تحويل الأنظمة الأيديولوجية التوسعية الهزيمة الاستراتيجية إلى "نصر": "صمود" القائد الخالد على كرسي نظامه بموازاة "إيلام العدو" المتفجع على خسائره.
في نهائي كأس العالم الذي استضافته أميركا عام 1994، أضاع روبرتو باجيو ركلة ترجيحية منحت اللقب للبرازيل في صورة خلدها التاريخ. ليقال بعدها أن باجيو، أحد أساطير إيطاليا الكروية "مات واقفًا". وهو التوصيف الواقعي الأكثر انطباقاً على حال عبد الناصر، حيث تجمع شهادات وآراء معاصريه من نخب سياسية وفكرية أنه مات فعليًا إثر "النكسة"، أو بمعنى أدق ماتت الأسطورة التي صنعها. حتى أن العلامة هيكل يقول في كتاب "الانفجار" واصفًا عبد الناصر يوم خطاب التنحي "كأنّه أضاف إلى عمره عشر سنوات على الأقل". اليوم نظام الملالي أيضًا "مات واقفًا" بعدما أضاع برعونة الكثير من الفرص التي منحت إليه بسخاء عزّ نظيره، ولن يسع التخريجات العقائدية والتوريات تجميل هذا الواقع.
ومع قرب اكتمال آخر الحلقات المؤسسة للنظام الإقليمي الجديد، صار لِزامًا على لبنان الخروج من إسار الانتظار، إذّاك يصبح التحدي الماثل أمام "العهد" والحكومة هو كيفية صياغة توازن معقد يعيد هيبة الدولة ويحفظ بعضًا من الكبرياء "الزجاجي" لـ "حزب الله"، عبر معادلة تسحب السلاح وتترك له صورة انتصار على نمط "المشاركة المشرفة" يستطيع من خلاله إيهام جماهيره ببريق مخاتل.
وإذا كان لبنان فشل في قراءة التحولات الناجمة عن "حرب الأيام الـ 6"، وأساءت نخبه السياسية توظيف "المسألة اللبنانية" ضمن التوازنات والمعادلات التي ارتسمت على وقع إرثها، فدفعنا ثمنًا أسطوريًا، فإن نتائج "حرب الأيام الـ 12" أتاحت فرصة ذهبية لإقفال تلك الفاتورة الطويلة كي "لا يموت لبنان واقفًا". "مسألة السلاح" تشكل صاعق تفجير لعموم "المسألة اللبنانية" بأحلامها وأوهامها في آن.
سامر زريق -نداء الوطن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|