هل تطيح "حركة أمل" بمقعد "البعث" في بعلبك - الهرمل؟
منذ ما قبل سقوط النظام السوري، وعلى مدى دورات نيابية متتالية، شكلّ مقعد حزب "البعث" في دائرة بعلبك الهرمل حالة رمزية وسياسية أكثر مما هو تمثيل شعبي فعلي، وبقي المقعد محفوظًا للبعث بدءًا من النائب السابق عاصم قانصوه إلى النائب الحالي جميل السيد الذي شغله لدورتين، كمرشح مدعوم من دمشق، رغم أنه لا ينتمي تنظيميًا إلى الحزب، ولكون مرحلة ما بعد اغتيال الحريري فرضته لضمان الحصانة.
في انتخابات 2022، وبعد تسلمه الأمانة القطرية لحزب "البعث" في لبنان، طرح علي حجازي نفسه مرشحًا طبيعيًا للمقعد، مدفوعًا بشرعية حزبية وتمثيل شعبي، أعاد خلاله للحزب بعثه في لبنان، بعد ضمور وتراجع، ومدعومًا بعلاقته المستجدة مع "حزب الله" الذي سانده ماليًا للقيام بالمهمة خلال تولي الأمانة العامة.
لكن التدخل السوري في وقتها أعاد تثبيت جميل السيد لأسباب مرتبطة بالمزاج الإقليمي والتفاهمات مع الحزب، ويقال أيضًا إن الجناح الأقوى في نظام الأسد حينها، ساهم في إعادة تسميته، في وقتٍ كان حجازي على بعد خطوات من الجلوس على منصة إعلان لائحة "التنمية والوفاء" في بعلبك. وحفاظًا على تماسك الحلفاء زار نائب الأمين العام لـ "حزب الله" حينها الشيخ نعيم قاسم حجازي في منزله للوقوف على خاطره وتطمينه، وحملت الزيارة وعدًا مبطنًا بأن يكون اسمه مدرجًا على اللائحة في دورة العام 2026.
ومع التحولات الكبرى التي بدأت في المنطقة منذ طوفان الأقصى، وصولاً للحرب على لبنان، تبدل المشهد ولم تعد دمشق تمسك بالمفاتيح اللبنانية كما كانت، وفقد حزب "البعث" بريقه بعد سقوط نظام الأسد وتراجع حضوره عربيًا ودوليًا وصولًا للأفول. وتداركًا للتبدلات والتغيرات عمل علي حجازي على تقديم حزب "البعث" بصيغة جديدة تتجاوز الإطار البعثي، وتحاول أن تكون لبنانية غير مرتبطة بالخارج، وذلك عبر مقاربات إعلامية وأخرى تنظيمية كان آخرها منذ شهرين تقريبًا أعلن فيها ولادة الحزب بصورة معدلة، وذلك كله في سبيل البقاء داخل المشهد اللبناني، حتى لو تغيرت التسميات والأطر. ولأن الوعد الذي قطعه الشيخ نعيم قاسم يفترض حجازي أن يبقى قائمًا، لا بد له من مظلة شعبية يسعى الأخير أن يبقيها قائمة لضمان التنفيذ.
تلك الوعود والاتفاقيات بدأت تهتز منذ العام 2022 حيث جاهرت "حركة أمل" بشعبيتها التي تتزايد في بعلبك الهرمل، وهي بالكاد تعطيها مقعدًا نيابيًا واحدًا مقابل أربعة لـ "الحزب" ومقعد "البعث"، ما مجموعه ستة مقاعد شيعية من أصل عشرة موزعة على الطوائف بحسب الحجم التمثيلي والأصوات، طالبت خلالها بنائبين، لكن رياح التوافق والضغط السوري أبقى القديم على قدمه، فكان ردها بإعطاء نائبها غازي زعيتر أكبر عدد من الأصوات التفضيلية حلّ على أثرها ثاني الرابحين في اللائحة برقم تجاوز 22 ألف صوت.
هذا الطرح الذي كان هامشيًا في الدورة السابقة، يتسلل اليوم إلى كواليس النقاشات استنادًا إلى التغيرات الجيوسياسية التي أضعفت الحلفاء التقليديين، وانتهت بسقوط نظام دمشق. وعليه ترى "حركة أمل" أن الوقت قد حان لإعادة النظر في توزيع الحصص داخل اللائحة، وأن مقعد "البعث" زال بزوال الأسد، وخصوصاً أن حضورها الشعبي لا يقلّ عن أي مكون ما يمنحها شرعية المقعدين، وإذا ما أراد الحزب الإبقاء على المقعد ليدفع به من حصته.
وعليه في ظل التحولات الإقليمية وسقوط سوريا، تبدو لائحة "الثنائي" في بعلبك الهرمل أمام اختبار داخلي قبل مواجهة خصومها، والمعادلة التي سترسم على ضوء التبدلات تكشفها الأشهر المقبلة. فالمقعد الشيعي السادس في بعلبك الهرمل لم يعد مضمونًا لـ "البعث" ولا محسومًا لـ "حركة أمل"، بل بات في صلب التفاوض بين القوى والشخصيات، ومن ضمنها حجازي الذي يملك قاعدة شعبية، والسؤال الأهم الذي يبقى منتظرًا الإجابة: هل تبقى المعادلة في بعلبك الهرمل أسيرة توازنات مرحلة انتهت، أم تنحني لحسابات الواقع الجديد وتسعى للتعديل بهدوء؟
عيسى يحيى -نداء الوطن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|