ليست سوريا المستهدفة… بل المسيحيون المشرقيون!
في زمنٍ صار فيه المذبح مسرحًا للذبح، والصلاة هدفًا للإبادة، والكنيسة ساحةً لانتحاريّي جهنّم، لم يعد الصمت خيانة فحسب… بل صار شراكة في الجريمة.
تفجير كنيسة مار إلياس للروم الأرثوذكس في قلب دمشق ليس “حادثًا أمنيًا”، كما يحلو لبعضهم التهوين، بل فصل جديد من حرب مفتوحة على الوجود المسيحي في المشرق.
حرب لا تنتهي بالقنابل، بل تبدأ بها.
حرب يُراد لنا أن نموت فيها صامتين، خانعين، مخدَّرين بشعارات “العيش المشترك”، و”الدولة الجامعة”، و”المواطنة المتساوية”… وهي دولة لا تحمينا، ولا تمثّلنا، ولا تبكي علينا حتى في موتنا.
هذا التفجير: رسالة من الجحيم
الانتحاري لم يختر صدفة لحظة القدّاس، ولم يتسلّل عشوائيًا إلى الكنيسة.
هو اختار التوقيت، والمكان، والهدف: أطفال، نساء، وشيوخ ركعوا للربّ، ففجّر نفسه فيهم.
لكن الأخطر من التفجير، هو ما لا يُقال:
• كيف دخل هذا “الشيطان” إلى قلب دمشق؟
• من مرّره عبر عشرات الحواجز الأمنية؟
• من سلّحه؟ من غطّاه؟ من سهّل له أن يفجّر بيت الربّ؟
هذه الأسئلة ليست مزايدات، بل واجب وطني وإنساني في وجه منظومة أمنية تدّعي السيادة بينما تُشرّع أبواب العاصمة أمام أدوات الجحيم.
سوريا اليوم: أرض فصائل ورايات سوداء
لم تعد سوريا دولة واحدة، بل فسيفساء أمنية وسياسية ممزّقة.
من إدلب إلى الجنوب، ومن دمشق إلى حمص، يتحكم بالمشهد عشرات الفصائل التي:
• بعضها كان في “داعش” أو “النصرة”، واليوم يتلطّى باسم “المصالحات”؛
• بعضها عشائري، ديني، أو مناطقي، يفرض سلطة الأمر الواقع؛
• بعضها يرتدي لباس الدولة، لكنه يستبطن العقيدة التكفيرية ذاتها التي فجّرت مار إلياس.
هؤلاء يسيطرون اليوم على الحواجز، المداهمات، والقرار الأمني في مناطق كثيرة، بما فيها المناطق المسيحية.
تشير تقارير محلية وحقوقية إلى أنّ أكثر من 18 اعتداء طال كنائس ومؤسسات مسيحية في سوريا منذ عام 2012، بينها كنائس في حمص، الرقة، دير الزور، وريف دمشق.
بعض هذه الهجمات تَبنّته جماعات متطرفة، والبعض الآخر ظلّ “قيد التحقيق”، أو طُمس مساره القضائي والإعلامي.
الأخطر أن عناصر من هذه الجماعات أُعيد دمجهم لاحقًا ضمن “الفصائل الرديفة”، أو “اللجان الأمنية المشتركة”، بل وأصبحوا شركاء في الحكم تحت مظلّة الدولة.
من يحكم الأرض… ليس من يؤمن بها
إن من يمسك اليوم بالأرض السورية، ليس جيشًا وطنيًا، ولا مؤسسات دولة، بل منظومة هجينة تضم:
• أمن رسمي هش،
• فصائل أُعيد تدويرها،
• مصالحات مفخخة.
ليست المشكلة فقط في الإرهابي الذي فجّر نفسه في كنيسة مار إلياس، بل في النظام الذي سمح باندماج القتلة في منظومته، وشرّعهم شركاء في الأمن.
حين تتحوّل الحواجز إلى نقاط ابتزاز، والفصائل إلى “رديف” شرعي، لا تعود الدولة دولة… بل تصبح واجهة فصائلية بثوب رسمي.
لسنا أقليات… نحن الأصل
نرفض أن نُختزل في خانة “الأقلية”.
نحن لسنا “مكوّنًا”، ولا “فائضًا سكانيًا” على هامش جمهوريات الخراب.
نحن أبناء هذا الشرق.
نحن كنائسه، وكتابه، وحرفه، ولغته، وأبجديته.
نحن أنطاكيا، وسوريا الكبرى، وبيروت الحارسة.
نحن لم نأتِ مع الاستعمار، بل سبقنا الجيوش والخرائط.
لم نُهاجر من الغرب… بل من هنا بدأنا، وهنا نبقى.
يوحنا العاشر… صوت لا يساوم
في هذا المشهد المروّع، نهض صوت شجاع.
البطريرك يوحنا العاشر لم يساير. لم يبرّر. لم يتذرّع بـ”الوضع الأمني”.
قالها بوضوح: ما جرى ليس حادثًا معزولًا… بل إرهاب منظّم وموجّه.
لم يختبئ خلف “الوحدة الوطنية”، ولا خاف على “السلم الأهلي”، بل قال الحقيقة كما هي:
المسيحيون في المشرق مستهدفون، ومن لا يرى فليصمت.
نحن أبناء النار… ولسنا رمادًا
نُصلب… لكن لا نُكسر
نُضرب… لكن لا نستسلم.
نُقتل… لكن لا نموت.
نحن أبناء النار، ولسنا غبارًا عالقًا في زوايا التاريخ.
نحن من تعلّم أن القيامة تمرّ بالصليب، لا بالهرب، ولا بالصمت، ولا بالتعايش المزيّف.
والمشرق، إن فرغ منّا، يفرغ من روحه، من تاريخه، من معناه.
الرسالة وصلت… والردّ هو البقاء والمجاهرة
تفجير مار إلياس ليس مجرد عمل إرهابي، بل إنذار أخير:
إما نكون هنا، أو لا يكون شيء.
وجودنا صار موقفًا، وبقاؤنا صار مقاومة.
نحن لا نطلب حماية… بل نُعلن أننا نحمل هذا الشرق على أكتافنا منذ ألفي عام، ولن نسقط الآن.
الردّ لن يكون بالبكاء، ولا بالبيانات، بل بالثبات، بالمجاهرة، بالموقف، وبالصليب مرفوعًا فوق كل جرح.
من آمن بالقيامة… لا يُرهب، لا يُهزم، ولا يركع.
تحيّة لشهداء قدّاس الرب،
وسحقًا لكل منظومة تكفيرية تتخفّى برداء الدولة أو تُبرّر بصفقة أمنية!
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|