حماس تكشف كذب نتنياهو وتؤكد رفضه لصفقة شاملة للإفراج عن الأسرى
العفو عن نتنياهو… تمهيداً للتّسوية الكبرى؟
منتشياً بالهجوم على إيران وتدميره مشروعها النووي، نصّب الرئيس الأميركي دونالد ترامب نفسه “عرّاباً” لإسرائيل، سامحاً لنفسه بالتدخّل بالقضاء الإسرائيلي عبر المطالبة بإلغاء محاكمة بنيامين نتنياهو الذي يواجه تهم رشوة واحتيال وخيانة الأمانة، وهي تهم ينفيها منذ بدأت محاكمته في عام 2020.
ازداد الحديث أخيراً عن “سيناريو مخرج” لهذه المحاكمة يتمثّل في منح نتنياهو عفواً عامّاً، مقابل اعتزاله الحياة السياسية، إذ يملك الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ صلاحيّة العفو عن نتنياهو، لكنّ وسائل الإعلام الإسرائيلية نقلت عنه أنّ العفو “ليس مطروحاً حاليّاً”، وأنّ نتنياهو “لم يقدّم طلباً كهذا”.
في المقابل أثار تدخّل ترامب في محاكمة نتنياهو جدلاً بين السياسيّين الإسرائيليّين، وطرح مفاهيم عن العلاقة مع واشنطن ومدى استقلاليّة القضاء. وتلقّف نتنياهو دفاع ترامب عنه، وجنّد خلفها وزراء حكومته وأعضاء الكنيست المحسوبين عليه، علّها تنقذه من المحاكمة.
وصف رئيس لجنة الدستور في الكنيست سيمحا روتمان تصريحات ترامب بأنّها “تعكس حقيقة عميقة”، على الرغم من أنّها “لا تنبع من صلاحيّة قانونيّة”. وأضاف: “للقضاء الإسرائيلي عيوب كثيرة، ومحاكمة نتنياهو مثال على تراكم تلك العيوب”. وعلى الرغم من ذلك، شدّد على أنّ تدخّل الرئيس الأميركي في الشؤون القضائية الإسرائيلية غير مناسب، داعياً في المقابل الرئيس الإسرائيلي، إسحاق هرتسوغ، إلى التدخّل ومنح عفو لرئيس الحكومة.
اعتبر وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر أنّ محاكمة نتنياهو “فقدت كلّ قيمة”، داعياً إلى إنهاء القضيّة من خلال صفقة ادّعاء، بينما أعرب وزير الثقافة والرياضة ميكي زوهار عن تأييده لترامب قائلاً إنّ “ترامب على حقّ، وقد حان الوقت لإنهاء المحاكمة”، مضيفاً أنّ ترامب “يعبّر عن شعور كثير من الإسرائيليين، ونتنياهو أنقذ الدولة من خطر وجوديّ”، بينما وصفت وزيرة المساواة الاجتماعية ماي غولان ما يتعرّض له نتنياهو بـ”حملة اضطهاد سياسي”، وكتبت أنّ “برج الأكاذيب هذا ينهار”، داعيةً إلى “وقف المهزلة”.
من جهته، قال وزير الأمن القومي إيتامار بن غفير إنّ “إسرائيل دولة مستقلّة وذات سيادة، لكنّ الرئيس ترامب محقّ تماماً”. أضاف: “حان الوقت لإلغاء المحاكمة العبثيّة التي فبركتها الدولة العميقة في محاولة لتنفيذ انقلاب ضدّ الديمقراطية”. أمّا وزير الاتّصالات شلومو كرعي فتبنّى موقفاً أكثر حدّة، إذ كتب أنّ استمرار محاكمة نتنياهو “بات يهدّد أمن الدولة”، واصفاً إيّاها بـ”المسرحية المكلفة”.
غضب المعارضة
أثار موقف ترامب غضب المعارضة في إسرائيل، التي حاولت أن تبقى مواقفها في إطار اللباقة والدبلوماسية. وفي هذا الإطار قال زعيم المعارضة يائير لابيد إنّ “لدى إسرائيل عرفاناً بالجميل للرئيس ترامب، لكن كما قال سمحا روتمان، ليس من دور الرئيس التدخّل في مسار قضائي بدولة مستقلّة”، وأضاف: “أفترض أنّ هذا تعويض يقدّمه لنتنياهو لأنّه سيقوم بالضغط عليه بشأن غزّة لإنهاء الحرب”.
اعتبرت عضو الكنيست عن حزب “الديمقراطيّين” نعما لزيمي أنّ “نتنياهو ليس بريئاً لدرجة أنّه يحتاج إلى تجنيد ترامب لإلغاء محاكمته”، واعتبرت أنّ “ما نشره ترامب يُظهر بوضوح كيف تُؤخذ دولة بأكملها رهينة لمتّهم جنائيّ”، وتابعت: “نتنياهو حرِّر النظام الديمقراطي في إسرائيل من قبضتك الخانقة. لا يمكن لفساد شخص واحد أن يدمّر مجتمعاً بأكمله. كفى”.
قال عضو الكنيست غلعاد كَريب ردّاً على تصريحات ترامب: “لا يوجد إنسان فوق القانون، ولا حتّى رئيس الحكومة”. بينما عضو الكنيست أريئيل كَلنَر قال: “من حيث المبدأ، أعارض أيّ تدخّل أجنبي في الشؤون الداخلية لدولة إسرائيل، ألم يحن الوقت لأن تُجري منظومتنا القضائية بعض المحاسبة الذاتيّة؟”.
بدورها وصفت صحيفة هآرتس العبرية تدخّل ترامب بـ”السافر”، وعنونت افتتاحيّتها الجمعة: “هرتسوغ لا للعفو”، وقالت فيها: “لقد أخطأ ترامب عندما قرّر التدخّل في هذه القضيّة لأنّه سيُضعف نظام إنفاذ القانون الإسرائيلي ويزيد من الاستقطاب داخله، ولأنّ تدخّله الفظّ يُصوّر إسرائيل محميّة أميركية”.
تسوية في المنطقة؟
يرى مراقبون في إسرائيل أنّ دعوة ترامب ليس هدفها إنقاذ نتنياهو من المحاكمة فقط، بل خطوة تمهّد الطريق لتسوية في المنطقة، إذ قال الكاتب والمحلّل بن كاسبيت في “معاريف” إنّ “الهدف من العملية الواسعة هي تسوية إقليمية جديدة في الشرق الأوسط، وإلغاء التحقيق المضادّ لبنيامين نتنياهو”. وتابع بن كاسبيت: “نتنياهو مستعدّ للإقرار بالذنب من خلال الاعتراف بتهم مخفّفة، وأن يُحكم بعقوبات خفيفة بدون اعتقال، لكن يرفض وصمة العار التي تجبره على ترك الحياة السياسية، لكنّه مستعدّ للاعتزال بعد نهاية الولاية الحاليّة له”.
نقلت هيئة البثّ الإسرائيلية عن مصدر إسرائيلي قوله إنّ تصريحات ترامب كانت جزءاً من تحرّك واسع لإنهاء الحرب في غزة وإعداد الرأي العامّ لاحتمال منحه عفواً، ولم تُنشَر عبثاً بل كانت جزءاً من محاولة دبلوماسية شاملة يشارك فيها أيضاً فاعلون دوليّون آخرون.
ضمن هذا السياق كشفت القناة الـ 12 الإسرائيلية أنّ عميت حداد محامي نتنياهو أجرى أخيراً محادثات سرّية مع رئيس المحكمة العليا المتقاعد أهارون باراك بغية التوصّل إلى صفقة ادّعاء في ملفّات الفساد التي يتّهم بها نتنياهو. وذكرت القناة أنّ القاضي باراك أبدى ملاحظتين لتحقيق ذلك: الأولى تتعلّق بضرورة قبول موافقة المستشارة القانونية للحكومة غالي بهاراف ميارا على أن تكون الوسيط بين الطرفين، علماً أنّ ميارا رفضت حتّى الآن جميع طلبات القضاة لبدء مثل هذه الوساطة، والثانية اعتزال نتنياهو السياسة.
أوضح المحامي عميت حداد أنّ لدى نتنياهو شرطين أساسيَّين ضمن أيّ تسوية، وهما ألّا يُلزَم بالتنحّي عن السلطة وألّا تُلحَق أيّ وصمة عار بملفّه الشخصيّ.
أحمد الصادق- أساس ميديا
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|