عربي ودولي

استنزاف الساحات.. ولاية الفقيه بين نيران أميركا ومُر الاستسلام في لبنان

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

في ظل الغموض السائد حول مصير المفاوضات الأميركية-الإيرانية، تتضارب التقارير حول وضع البرنامج النووي الإيراني. فبينما يحسم بعضها بأن البرنامج قد انتهى فعلياً بعد الضربات، تؤكد تقارير أخرى أن تلك الضربات ربما تكون قد أخرت عمله فحسب. وفي خضم هذه التناقضات، يترنح مصير هذا الملف الحساس، الذي يبقى معلقاً بانتظار القرار الأميركي حول إعادة الكرة لناحية توجيه ضربات جديدة لطهران.

في غضون هذا “الوقت المستقطع” الهش، تبدو إيران وكأنها تستنزف “حديقتها الخلفية” في لبنان. هذه الاستراتيجية قد تدفع طهران في النهاية نحو خيارين لا ثالث لهما: إما الاستسلام لمطالب القوى الكبرى أو الانتحار في مواجهة عسكرية شاملة مع الولايات المتحدة وإسرائيل معًا، بعدما أصبحت قدراتها ووجودها الإقليمي تحت المجهر.

في ظل الضبابية السائدة حول مصير المفاوضات الأميركية-الإيرانية، وتأرجح الموقف الإيراني إزاء الشروط الموضوعة حول ملفها النووي، يبقى مصير هذا الملف معلقاً. فالقرار الأميركي ما زال غامضاً حول ما إذا كانت واشنطن ستكتفي بالضربات العسكرية التي استهدفت المفاعلات النووية الإيرانية لإضعاف النظام وشل قدراته على إعادة إحياء تخصيب اليورانيوم، أم أنها ستنتقل إلى مرحلة إسقاط النظام. هذا الخيار الأخير يبدو معقداً للغاية، ليس فقط لغياب البديل الموثوق به لإدارة مرحلة ما بعد ولاية الفقيه، بل أيضاً في ظل التعقيدات الداخلية الناجمة عن وجود قوميات إيرانية متعددة، يرفض بعضها البقاء ضمن الدولة المركزية ويعبر عن رغبته في الاستقلال.

وبانتظار جلاء المشهد الإيراني ومصيره المعلق، تحولت الأنظار الأميركية باتجاه بؤر توتر أخرى في المنطقة. يتصدر ملف غزة حاليًا اهتمام الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي يؤكد على ضرورة إنهاء هذا الملف من خلال التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وحماس، يليه حل شامل لقضية الأسرى.

من جهة أخرى، برز لبنان بقوة على الساحة الإقليمية، خاصة بعد تسلم السفير الأميركي في تركيا والمبعوث الخاص إلى سوريا، توم باراك، الملفين السوري واللبناني معًا. وقد زار باراك بيروت للمرة الأولى في محاولة واضحة لانتشال الدولة اللبنانية من التخبط الذي تعيشه، وخصوصًا في ما يتعلق بتطبيق القرارات الدولية. لا يبدو أن الجهود المبذولة في هذا الصدد تحظى بالرضا الأميركي الكامل، وهو ما عبر عنه باراك بوضوح في حديثه إلى صحيفة وول ستريت جورنال، ما يشير إلى أن الضغوط الأميركية على لبنان قد تتصاعد في المرحلة القادمة. في مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز، وصف توم باراك وقف إطلاق النار الذي أنهى الحرب بين إسرائيل وحزب الله في نوفمبر/تشرين الثاني بأنه “فشل ذريع” لأن إسرائيل لا تزال تقصف لبنان، بينما ينتهك حزب الله بنود الاتفاق على حد ما نقلت عنه الصحيفة. وأشارت نيويورك تايمز إلى أن براك قدم الشهر الماضي اقتراحاً من وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو “يُحدد للحكومة اللبنانية، وفق أهداف وجداول زمنية محددة، كيفية نزع سلاح حزب الله وإصلاح اقتصاد البلاد”. وتوقعت أن يتلقى رداً عليه الأسبوع المقبل.

ونقلت الصحيفة عن المبعوث الأميركي قوله “إن نزع سلاح حزب الله يتطلب “الترغيب والترهيب”، ويتضمن قيام الجيش اللبناني بتفتيش المنازل بحثاً عن الأسلحة. ولإشراك المجتمعات الشيعية في العملية، أشار إلى سعي الولايات المتحدة لتقديم مساعدة مالية من السعودية وقطر تُركز على إعادة إعمار أجزاء من جنوب لبنان التي تضررت خلال الحرب، مضيفاً أنه “إذا استفاد شيعة لبنان من هذا، فسيتعاونون معه”. تُشير هذه التصريحات بوضوح إلى تحول حاسم في الاستراتيجية الأميركية تجاه لبنان؛ إذ تؤكد رفض واشنطن للوضع الراهن وسعيها المباشر لتحقيق الاستقرار الإقليمي الأوسع عبر منهج شامل يتعامل مع ملف حزب الله الاقتصادي والأمني، وذلك رغم التعقيدات الداخلية للمشهد اللبناني.

في موازاة تحرك المبعوث الأميركي توم باراك وزيارته المرتقبة إلى لبنان، جاءت زيارة الأمير يزيد بن فرحان، نائب وزير خارجية المملكة العربية السعودية. ومعروف أن المملكة تتحرك دائماً خلال الأزمات اللبنانية الخانقة، وتكتسب زيارة الأمير هذه أهمية خاصة. فلا يمكن فصلها عن التحرك الأميركي، ولقاؤه المرتقب مع باراك، والمحاولات الدبلوماسية الرامية إلى تجنيب لبنان إمكانية عودة إسرائيل لاستهدافه بشكل أوسع، بحيث لا يقتصر الأمر على مجرد جولات من الغارات والاغتيالات، والتي قد تحدث بحجة عدم التزام الدولة اللبنانية، ومن ورائها حزب الله، ببنود الاتفاقات الدولية.

تتجه الأنظار الآن نحو ما سينتج عن الاجتماعات المكثفة في بيروت، الرامية إلى صياغة الرد اللبناني على مقترح المبعوث الأميركي توم باراك. وقد تضاربت التسريبات حول مضمون هذا الرد، الذي يشارك في صياغته الرئيس جوزف عون ورئيس الحكومة، بالإضافة إلى الناطق الأساسي باسم الحزب، أو “عرّاب الاتفاقات” كما يُعرف، رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري الذي يشكل حلقة الوصل المحورية بين حزب الله وباقي الأطراف الدولية والمحلية المعنية، مما يضفي على دوره أهمية خاصة في تحديد مسار هذا الرد ومستقبل لبنان.

 

مع الإشارة إلى تضارب الروايات حول نص الرد، حيث سُرّب موقف الحزب لناحية موافقته على مبدأ “خطوة مقابل خطوة” الذي اقترحه رئيس الجمهورية جوزاف عون، في وقت نفى بري في حديث صحفي ما نُسب إليه لناحية تشاؤمه بقوله: “كل ما يُتردّد ويُنقل على مواقع إعلامية والتواصل الاجتماعي نقلاً عني في خصوص السلاح هو فبركات إعلامية كاذبة لا أساس لها من الصحة”.

ختامًا، تؤكد مصادر متابعة أن طهران ما زالت تحاول إنقاذ نظامها من خلال ما تبقى لها من رصيد في المنطقة، لا سيما في لبنان. وما الاغتيال الذي نفذته إسرائيل في منطقة بيروت، وهوية المستهدف وانتماؤه لفيلق القدس، سوى محاولة لإظهار أن إيران ما زالت فاعلة خارج جغرافيتها.

 

المصدر: صوت بيروت انترناشونال

الكاتب: كلادس صعب

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا