متفرقات

من حرائق الغابات إلى الشواطئ الملوّثة وأزمة النفايات: بيئة لبنان على المحكّ!

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

تشهد البيئة اللبنانية واحدة من أسوأ مراحلها، وسط تدهور متسارع يطاول مختلف مكوّناتها، من الشواطئ الملوّثة والمعتدى عليها، إلى أزمة النفايات المستفحلة، وصولًا إلى الحرائق المتكررة التي تلتهم ما تبقّى من غابات خضراء. هذا التدهور البيئي بات يهدّد صحة المواطن بشكل مباشر، في ظل غياب خطط مستدامة والمعالجات الجذرية من قبل الجهات المعنية، ما يضع بيئة لبنان فعلاً على المحكّ.

هل نخسرُ لُبنانَنا الأخضر؟

تتكرّر مشاهد الحرائق في لبنان كل عام، مهدّدة ما تبقّى من مساحاته الخضراء وسط غياب خطط الوقاية والجاهزية.

وأظهر التقييم الأولي لحريق القبيات الأخير، وفق ما يُشير الخبير في الشؤون البيئية مصطفى رعد في حديثٍ لموقع mtv، أنّ المساحة المتضرّرة تجاوزت الـ 20 هكتاراً في منطقةٍ ذات حساسيّة إيكولوجيّة عالية جدًّا، حيث أنّ قدرة الغطاء النباتي على التعافي بعد الحريق محدودة للغاية بفعل طبيعة الموقع وظروفه المناخيّة والبيئيّة”.
ويُضيف رعد أنّ “مثل هذه الحرائق تُعدّ جرس إنذار يؤكّد الحاجة الملحّة لوضع إدارة مخاطر حرائق الغابات والأحراج في صدارة أولويات الدولة، بدءاً من الوقاية والتخطيط المسبق وصولاً إلى الإستعداد السّريع ورفع جهوزيّة فرق الإستجابة، وإعادة التأهيل واستعادة النظم البيئيّة المتضرّرة”.

وإذا عدنا إلى حرائق الغابات خلال عام 2024، يُبيّن تقرير جامعة البلمند الصّادر في كانون الأول من العام نفسه، أنّ الحرائق تسبّبت في خسائر كبيرة وتدمير أكثر من 10,800 هكتار من الأراضي، أي ما يُعادل 4 أضعاف مساحة بيروت. وهذه الخسائر توزّعت بين الغابات والأراضي الزراعيّة، مع تركّز الأضرار في المناطق الجنوبيّة مثل النبطية وجنوب لبنان، حيث امتدّت الحرائق على مسافة تصل إلى 10 كيلومترات داخل الأراضي اللبنانيّة.

كما يُطالب الخبير رعد بتعزيز التعاون الدولي لتوفير الدّعم الفني والمالي لمُكافحة الحرائق وإعادة تأهيل المناطق المتضرّرة، بالإضافة إلى تطوير استراتيجيّات الوقاية من خلال إنشاء مناطق عازلة وتنظيف الغابات من المواد القابلة للإشتعال. والأهمّ هو التوعية المجتمعيّة لزيادة الوعي حول مخاطر الحرائق وطرق الوقاية منها.

الصرف الصحي في البحر… خطر يهدد البيئة وصحة الإنسان

من جهة أخرى، أفاد تقرير المجلس الوطني للبحوث العلمية لعام 2024 أنّ أكثر من 20 موقعًا على الشاطئ اللبناني ملوثة وغير صالحة للسباحة، بسبب ارتفاع مستويات التلوث الجرثومي والبرازي.

وفي هذا السياق يرى الخبير الدولي في البيئة والمياه د. جلال حلواني أنّ تصريف المياه المبتذلة أو ما يعرف بـ “الصرف الصحي” في البحر من دون أي معالجة، يُعد من أخطر مصادر التلوث البيئي، وهذا له آثار عميقة على البيئة البحرية وعلى صحة الإنسان، فهذه المياه المبتذلة تحتوي على جراثيم وفيروسات إضافة إلى مواد كيماوية وعضوية ومعادن ثقيلة، وعند وصولها إلى البحر تحصل عملية تفاعل مع هذه المواد، ثم تحصل عملية تحلل بيولوجي للجراثيم بشكل خاص.

ويضيف حلواني أنّ هذا التفاعل البيولوجي يستهلك الأوكسجين الموجود في البحر، وإذا لم يكن هناك كاسر موج، فهذا يؤدي إلى نقص بالأوكسجين المتاح للبيئة البحرية، وتحديدًا الكائنات كالأسماك، والنباتات البحرية، ما يتسبب بموتها وانتشار طحالب يمكن أن تكون خطرة.

ويؤكد حلواني أنّ وجود هذه الجراثيم (Escherichia coli) أو “إي كولاي” يمكن أن يتسبب بإسهال أو بارتفاع الحرارة، إضافة إلى مرض التهاب الكبد الفيروسي (Hepatitis)، وإذا كانت كمية المياه التي يبتلعها كبيرة، يمكن أن تتسبب بوفاته، إذا لم تتم معالجة هذا التلوث في جسمه وإعطاؤه المضادات الحيوية لمجابهة هذه الفيروسات.

وينبه حلواني إلى أنّ هناك الكثير من الأقوال غير الدقيقة التي تقول إنَّ البحر قادر على أن يتخلص من كل المياه المبتذلة ومخاطرها، وهذا غير دقيق، لأن قدرته محدودة وتتعلق فقط بالملوثات الجرثومية، وتحلل المواد الكيميائية العضوية يتطلب فترة طويلة جداً، فيما المواد الكيميائية غير العضوية لا تتحلل أبداً.

أزمة النفايات إلى الواجهة

من جانب بيئي آخر، تُعد أزمة النفايات في لبنان من أبرز وأخطر التحديات البيئية والصحية التي تواجه البلاد منذ سنوات.

وتشدد وزيرة البيئة تمارا الزين في حديث لـ “نداء الوطن” على أنه “لا يمكننا الاستمرار بنفس الطرق القديمة التي أوصلتنا إلى هذه الكارثة البيئية”، مضيفةً أنّه “علينا إيجاد حلول جذرية تضع حداً لهذه الممارسات المدمرة”.

وعند سؤالها عن الحلول البديلة، تُشير الزين إلى “أنها مقتنعة تمامًا بأنّ المحارق الحديثة لإنتاج الطاقة من النفايات هي جزء أساسي من الحل. دبي، وهي مدينة صغيرة نسبيًا، تعتمد هذا النموذج بنجاح لتجنب المطامر. يمكننا الاستفادة من هذه التجارب، خاصة وأنها تُوفّر لنا الطاقة وتُقلل من حجم النفايات بشكل كبير. لكن الأهم هو الحوكمة السليمة والإدارة الشفافة لهذا الملف، لتجنب تكرار أخطاء الماضي”، لافتةً إلى أنّ “حرق النفايات العشوائي يُساهم بضرر صحيّ كبير كارتفاع معدلات الإصابة بالسرطان في المناطق، خصوصًا في بيروت”.

وتعتبر أنه “لطالما كان دور البلديات محط جدل في ملف النفايات. لكنّ اللامركزية في إدارة النفايات هي السبيل الصحيح. تكمن المشكلة في غياب التمكين الحقيقي للبلديات، إذ نسعى لنوفّر لها الدعم المالي والفني والبنية التحتية اللازمة، لتتمكّن من إدارة ملف النفايات بشكل فعّال ومستدام”.

وتضيف الزين: “يجب أن يكون هناك تنسيق فعّال بين الوزارة والبلديات، وأن نعمل كفريق واحد. دور الوزارة هو وضع الاستراتيجية العامة، تقديم الدعم الفني وتسهيل الإجراءات، بينما تتولى البلديات التنفيذ على أرض الواقع، بما يتناسب مع خصوصيّة كل منطقة”.

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا