الحدود الشمالية الشرقية: سيناريو قاتم أم تنسيق قائم؟
قلق مشوب بالحذر يشهده الشريط الحدودي بين لبنان وسوريا، وتحديدًا في الشمال اللبناني، أجواء كثيرة يتم تسريبها تبعث على القلق والتوتر والتخوف من حصول أحداث أمنية في تلك المنطقة. إذ ضجت الأيام الفائتة بأخبار كثيرة عن عمليات تسلل من سوريا إلى لبنان، إلا أن المسؤولين في الدولة اللبنانية قد نفوا ذلك، وقد أصدر الجيش اللبناني بياناً واضحاً أشار فيه إلى عدم الاستماع للشائعات. كل ذلك يحصل بالتزامن مع الحديث عن ترسيم الحدود البرية بين لبنان وسوريا.
ورغم أن هذه الأجواء أضيف إليها "افتعال" خبر ضم طرابلس إلى سوريا من خلال تسريبات إعلامية إلا أنه بثّ مناخًا من الشكّ والتوجّس، خصوصًا في أوساط الأجهزة الأمنية اللبنانية، التي ترى في هذه "النوايا" جزءًا من لعبة جيوسياسية معقّدة، تتقاطع فيها حسابات العديد من الدول على الأراضي اللبنانية.
ويأتي التوتر الأمني شمالًا على وقع ما يُحكى عن رفض "حزب الله" ورقة "توم برّاك"، ما قد يفتح باب التصعيد العسكري من الجانب الإسرائيلي، مقابل تحرّك محتمل لـ"هيئة تحرير الشام" من الجانب السوري في حال حصول اشتباك مفتوح. وفي ظل هذا المشهد القاتم، تبدو الحاجة ملحّة أكثر من أي وقت مضى إلى وضع استراتيجية وطنية لضبط الحدود، بينما تشير كل المعطيات إلى أن لبنان أمام أيامٍ صعبة ومعقّدة، وأمام أسبوع سياسي حاسم لتحديد وجهة الأمور بين الحرب والسلم، ربطًا بجواب لبنان على هذه الورقة.
مداهمات في خربة داوود
في خضم هذه الأجواء، داهمت القوة الضاربة في شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي، بلدة "خربة داوود" في عكار، يوم الخميس الماضي، وأوقفت مجموعة من 15 شخصاً من الجنسية السورية.
وبحسب معلومات خاصة لـ"المدن"، فإن المجموعة يُشتبه بانتمائها إلى تنظيمات متطرفة، وكانت قد دخلت إلى لبنان من الحدود الشمالية خلسة، واستقرّت في مبنى من طبقتين يملكه مغترب من البلدة، ويشرف عليه نازح سوري منذ سنوات.
المثير في القضية أن عناصر "المعلومات" ضبطوا في الموقع خرائط وصوراً تشير إلى نقاط حدودية ومعابر غير رسمية شمالًا، ما يعزّز فرضية أن المجموعة كانت تتحضّر لتنفيذ عمليات أو تسهيلات عسكرية معيّنة.
ورغم عدم صدور أي بيان رسمي من الجيش اللبناني بشأن العملية، تؤكد المعطيات جدّية التهديد الأمني.
وثيقة الأمن العام
بالتوازي، انتشرت وثيقة صادرة عن الأمن العام اللبناني، تُحذّر من محاولات تهريب بطاريات سيارات مفخخة إلى داخل الأراضي اللبنانية عبر الحدود الشمالية والشرقية، بهدف استخدامها في عمليات إرهابية.
الوثيقة، التي يعود تاريخها إلى 4 تموز 2025، جرى تعميمها على مختلف الأجهزة الأمنية، ما يُشير إلى تنسيق ميداني عالٍ للرد على أي خطر محتمل.
تعزيزات وخطف مدنيين:
الجيش اللبناني، بدوره، دفع في اليومين الأخيرين بتعزيزات إضافية من فوج مغاوير البحر إلى مناطق التماس الحدودي، وسط معطيات تفيد بتسلّل مسلّحين إلى قرى لبنانية متاخمة للجانب السوري، خصوصًا في مناطق علوية، بعد ورود أنباء مؤخرًا عن عمليات خطف طالت مدنيين علويين نازحين.
وتشير المصادر إلى أن عناصر "هيئة تحرير الشام" تمكّنوا من التسلل إلى تلك القرى، وهم من نفّذوا هذه العمليات.
في المقابل، تؤكّد مصادر محلية وأهالي القرى الحدودية أن "المغاوير البحرية" كثّفوا دورياتهم بشكل يومي، في الأيام الأخيرة، من العريضة وصولًا إلى وادي خالد، وسط إجراءات صارمة لضبط المعابر غير الشرعية التي لطالما شكّلت ثغرة أمنية.
فوضى الحدود:
المشهد العام يوحي بأن الحدود الشمالية تعيش على إيقاع الفوضى الأمنية، خصوصًا مع وجود جهات ترى في الشمال بيئة رخوة قابلة للاستغلال أمنيًا وعسكريًا.
وفيما أشارت مصادر عسكرية لـ"المدن" إلى أن المؤسسة العسكرية بصدد اتخاذ خطوات استباقية، تشمل زيادة نقاط المراقبة، وتفعيل التنسيق مع مختلف الأجهزة الأمنية. كما تنشط اتصالات مع الجانب الأمني السوري لتوضيح خلفيات هذه العمليات.
أشارت قيادة الجيش، في بيان، إلى أنّه "إلحاقًا بالبيان الصادر بتاريخ 1/7/2025 والمتعلق بالتدابير الأمنية للجيش عند الحدود اللبنانية السورية، تعيد قيادة الجيش التشديد على ضرورة توخي الدقة من قبل وسائل الإعلام لدى نشر أخبار تتعلق بالجيش والوضع الأمني، لا سيما في المناطق الحدودية، لما تتركه الشائعات والأخبار غير الدقيقة من توتر داخلي وانعكاسات سلبية على الاستقرار، كما تدعو إلى العودة إلى بياناتها الرسمية للحصول على المعلومات الدقيقة". في هذا السياق، أكّدت أنّ "القيادة تستمر في التواصل مع السلطات السورية، وتتخذ التدابير الاعتيادية اللازمة لضبط الحدود ومنع أي مساس بالأمن".
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|