محليات

الورقة اللبنانية في مهبّ الشروط: هل يفكك حزب الله سلاحه؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

كانت اللجنة المكلفة صياغة الورقة اللبنانية للرد على اقتراحات الموفد الأميركي توم براك، تعقد مزيداً من الاجتماعات فيما المهلة الفاصلة قبل وصوله إلى بيروت تضيق. وكشف مصدر مشارك في اللجنة لـ"اندبندنت عربية" أن ورقة لبنان مؤلفة من ست صفحات، وأن أعضاء اللجنة الستة وهم ممثلو رؤساء الجمهورية ومجلس النواب والحكومة ينكبون يومياً لساعات طويلة على كتابة نص مدروس ودقيق بوعي كامل وبجدية وبمسؤولية، رافضاً الكشف عن تفاصيل أخرى.

لكن حجم التناقضات في المعطيات، التي تقترب حيناً من التفاؤل بإنجازها، والتشاؤم في أحيان أخرى، ترك انطباعاً بأن القرار النهائي ليس لدى اللجنة، وهو أبعد من أن يحسم بين أعضائها وحتى لدى الرؤساء، ما دام المعني المباشر أي "حزب الله" لم يعط جوابه، أو إن مقاربته لا تزال سلبية كما انعكست في الكلام الأخير للأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم.

إشارة إيران لم تأتِ

وعلى رغم الكم المقصود من المعلومات والمعطيات المطلوب توزيعها عن موقف "حزب الله"، يؤكد مصدر دبلوماسي أن المشكلة ليست في النص الذي سيتضمن التزاماً ببسط سيادة الدولة وحصرية السلاح وإن على مراحل، تطبيقاً لاتفاق الطائف والقرارات الدولية، إنما في الشرط الأميركي المزدوج الذي تبنته المجموعة الخماسية، والذي ينص على تبني الحكومة اللبنانية الورقة المعدة من اللجنة بعد مناقشتها، إضافة إلى إعلان قيادة "حزب الله" بصورة رسمية الموافقة على تسليم سلاحه ضمن مهلة لا تتخطى نهاية العام الحالي. ويكشف المصدر أن الأمور لا تزال عالقة عند هذه المسألة، وأن "حزب الله" ينتظر إشارة من إيران لم تأتِ بعد.

ويسري في لبنان منذ نوفمبر (تشرين الثاني)، اتفاق لوقف إطلاق النار بعد نزاع امتد أكثر من عام بين إسرائيل و"حزب الله"، تحول إلى مواجهة مفتوحة اعتباراً من سبتمبر (أيلول). وعلى رغم ذلك، تشن الدولة العبرية باستمرار غارات في مناطق لبنانية عدة خصوصاً في الجنوب، تقول غالباً إنها تستهدف عناصر في الحزب أو مواقع له.

ونصّ وقف إطلاق النار على انسحاب "حزب الله" من المنطقة الواقعة جنوب نهر الليطاني (على مسافة نحو 30 كيلومتراً من الحدود مع إسرائيل في جنوب لبنان) وتفكيك بناه العسكرية فيها، مقابل تعزيز انتشار الجيش وقوة الأمم المتحدة لحفظ السلام (يونيفيل).

كذلك نص على انسحاب القوات الإسرائيلية من مناطق تقدمت إليها خلال الحرب، لكن إسرائيل أبقت على وجودها في خمسة مرتفعات استراتيجية، يطالبها لبنان بالانسحاب منها.

مواكبة عربية فرنسية

وسط الغموض في موقف "حزب الله"، وبانتظار حسم السلطة السياسية في لبنان أمرها، خصوصاً أنها تلقت أكثر من رسالة تفيد بأن عدم الالتزام بإعلان رسمي بجدول زمني بتسليم السلاح يعني أن الأمور ستتجه إلى مزيد من السخونة مع ارتفاع نسبة المواجهة العسكرية مجدداً، وأن لبنان سيترك لمصيره، لفتت حركة دبلوماسية ناشطة لتجنيب لبنان الأسوأ والضغط في اتجاه إعلان رسمي بسحب السلاح، تمثلت في زيارة مفاجئة للموفد السعودي مساعد وزير الخارجية يزيد بن فرحان، بقيت تفاصيلها بعيدة من الإعلام، واستنفار السفيرة الأميركية ليزا جونسون سفراء المجموعة الخماسية (أميركا وفرنسا وقطر والسعودية ومصر) إلى اجتماع عقد في مقر السفارة الأميركية هو الأول منذ أشهر طويلة.

وكشفت مصادر دبلوماسية لـ"اندبندنت عربية" أن المجموعة الخماسية ومن ضمنها فرنسا تبنت وجهة النظر الأميركية في الدفع باتجاه إعلان رسمي بتسليم السلاح والضغط لحصول ذلك، وذكرت المصادر أن اجتماع الخماسية كان مناسبة لتجديد التزام الدول المعنية بالملف اللبناني، وفرصة لتوحيد وجهات النظر حول مسألتي حصر السلاح بيد الدولة، والإصلاحات الاقتصادية.

وفي السياق نفسه أتت زيارة المبعوث الأميركي الخاص توم براك إلى باريس قبل بيروت. وكشفت مصادر دبلوماسية فرنسية لـ"اندبندنت عربية" أن براك التقى وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو في زيارة هدفت إلى تنسيق أميركي - فرنسي يكون إجمالاً في مصلحة لبنان. وذكرت المصادر أن الجانبين أعربا عن رغبتهما في العمل من أجل سيادة لبنان واستقراره وإعادة إعماره، وتطرقا في هذا السياق إلى دور آلية مراقبة وقف إطلاق النار وقوات الـ"يونيفيل" على بعد أسابيع من جلسة التجديد للقوات الدولية في مجلس الأمن وسط اعتراض إسرائيلي وأميركي.

وأكدت المصادر أن لقاء براك - بارو تطرق إلى الشأن السوري، وأن كلاً من فرنسا والولايات المتحدة الأميركية أكدا عزمهما التعاون الوثيق مع السلطات الموقتة لتعزيز مكافحة تنظيم "داعش"، والعمل على التوصل إلى اتفاق بين دمشق وقوات سوريا الديمقراطية من أجل ضمان استقرار البلد.

مؤشرات ذات دلالات

وكان "حزب الله" استبق زيارة براك وواكب التحضيرات الرسمية اللبنانية للرد على الاقتراح الأميركي بسلسلة مؤشرات ذات دلالات معبرة صبت كلها في اتجاه سلبية موقفه على رغم دقة المرحلة، مع الإصرار على إتمام الانسحاب الإسرائيلي من النقاط الخمسة قبل تسليم السلاح. ولعل كلام السفير المصري علاء موسى بعد اجتماعه برئيس الجمهورية جوزاف عون شكل أولى هذه المؤشرات، حين قال إن "هناك كثيراً من الأمور التفصيلية التي يجب معالجتها، وإن الدولة اللبنانية على دراية بهذه التفاصيل". وعبر الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم في سلسلة إطلالات ومواقف بمناسبة ذكرى عاشوراء بوضوح عن رفض تسليم السلاح حين ساوى الدولة بالعدو وقال "لن نسلم سلاحنا للعدو"، وعندما أكد أنه لن يقبل بالاستسلام، وأن "الدفاع عن الوطن لا يحتاج إلى إذن من أحد"، مضيفاً "عندما يطرح بديل جاد وفعال للدفاع، نحن جاهزون لأن نناقش كل التفاصيل".

الأمين العام لـ"حزب الله" أكد اليوم الأحد أيضاً، أن التهديدات الإسرائيلية لن تدفع حزبه إلى "الاستسلام" أو ترك السلاح، وقال قاسم خلال كلمة متلفزة بمناسبة إحياء ذكرى عاشوراء "هذا التهديد لا يجعلنا نقبل بالاستسلام، لا يقال لنا لينوا مواقفكم، بل يقال للعدوان توقف. لا يقال لنا اتركوا السلاح".

وطالب قاسم إسرائيل بأن "تنسحب من الأراضي المحتلة وتوقف عدوانها وطيرانها وتعيد الأسرى ويبدأ الإعمار" أولاً، وعندما يتحقق ذلك، "نحن حاضرون للمرحلة الثانية، لنناقش الأمن الوطني والاستراتيجية الدفاعية. حاضرون لكل شيء، ولدينا من المرونة بما يكفي من أجل أن نتراضى ونتوافق".

وعكست معلومات نقلتها وكالة "رويترز" لم ينفها الحزب، عن اتجاه لديه إلى عدم تسليم كل سلاحه ونيته الاحتفاظ بالسلاح المتوسط والخفيف والتخلي عن الصواريخ والطائرات المسيرة فحسب، وهو ما وصفته مصادر نيابية بأنه "تذاكٍ" على البيان الوزاري وما تعهده رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، معربة عن تخوفها من أن يكون السلاح الخفيف والمتوسط بهدف الاستمرار في إمساك القرار الداخلي، بعدما تكون قد انتفت الحاجة إلى مقاومة العدو. ولفت في هذا الإطار الاستعراض المسلح في بيروت لعناصر من "حزب الله" في مناسبة دينية، وعلق النائب عن العاصمة إبراهيم منيمنة على صفحته بموقع "إكس"، "إن رفع السلاح في أحياء بيروت، وهذا الاستعراض غير المبرر، هو رسالة تهدف للقول بالتمسك بالسلاح، وهو سلاح للبلطجة وترهيب الناس لإبقاء المدينة أسيرة للسلاح المتفلت".

دنيز رحمة فخري - إندبندنت عربية 

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا