"الدنيا كلها نصيب"... اليوتيوبر السورية بيسان إسماعيل تعلن رسميًا انفصالها عن خطيبها (صورة)
تفاوت باستعداد الطلاب للامتحانات الرسمية: كرامي لم تراع ظروفنا
ليست المسألة في الموعد، بل في ما تراكم قبله. في التاسع من تموز، يتوجه آلاف طلاب شهادة الثانوية العامة إلى مراكز الامتحانات الرسمية، وهم يعلمون أن ورقة الأسئلة قد لا تشبه سنتهم الدراسية. عامٌ بدأ متأخراً، تحت القصف، في ظل تنقّل بين التعليم الحضوري والتعليم من بعد، وقلق أمني لم يفارقهم. ومع ذلك، تصرّ وزيرة التربية ريما كرامي على أن لا حاجة لأي تخفيض إضافي في المواد، وأن الوقت كان كافياً، والدروس أُنجزت، والامتحانات "عادلة".
لكن ما تقوله كرامي من خلف مكاتب الوزارة، ينقضه طلاب الجنوب والبقاع والضاحية والشمال، وحتى طلاب المدارس الخاصة في بيروت. فمنهم من لم يُنهِ المواد الأساسية، ومنهم من درسها على عجل، ومنهم من لم يراجع الدروس كما يجب، ولا يعرف إن كان قد اكتسب المهارات المطلوبة أم اكتفى بإنهاء "البرنامج" شكلياً. هكذا، يبدو أن الامتحان هذا العام لا يختبر فقط التحصيل العلمي، بل قدرة الطلاب على النجاة من عام دراسي أقرب إلى حقل ألغام.
"نحنا تلاميذ الخاص هيك، الله يعين الرسمي"
في بيروت، تنقسم صورة الواقع التربوي: طلاب أنهوا المنهج "نظريًا" وفق ما تقتضيه التقارير الرسمية، وآخرون يلهثون في اللحظات الأخيرة لاستدراك ما فاتهم، وسط شعور عام بأن الاستعدادات تجري على عجل، ومن دون عمق كافٍ.
غابريال لبّس، الطالب في ثانوية جبران غسان تويني، يلخّص المشهد لـ"المدن" بقوله: "الاستعدادات جيدة من حيث الشكل، لكن الواقع مختلف تماماً. الدروس ضُغطت بطريقة غير طبيعية. مواد تحتاج إلى شهر من الشرح والتحليل، أنهيناها بأسبوع واحد. ركّزنا بشكل أساسي على المواد العلمية، فيما تمّ تهميش المواد التي تعتمد على الحفظ والفهم. صحيح أننا أنجزنا البرنامج، لكن ذلك حصل عن طريق التكثيف والحشو. ما جعلنا نصل إلى الامتحانات ونحن منهكون ذهنياً وغير واثقين من مدى إتقاننا للمضمون".
أما إليانور فريج، من مدرسة لور مغيزل، فتؤكد أن الدروس لم تُستكمل كما يجب. وتقول: "العديد من الدروس لم تُشرح بالكامل، خصوصاً في مادة الرياضيات، حيث لم يتمكن أستاذ المادة من تغطية بعض المحاور الأساسية".
وتأتي شهادة رين جمعة، من مدرسة العاملية، لتُظهر حجم الإرباك والضغط المتراكم على الطلاب. تقول بغصّة: "عشنا عاماً دراسياً خانقاً من بدايته حتى نهايته. ألغوا حصص الفراغ، وأضيفت إلينا حصص مكثّفة فقط لنتمكن من إنهاء البرنامج بأي ثمن. ورغم كل ذلك، ما زلنا غير مستعدين. وإن كنّا نحن، طلاب المدارس الخاصة، نعاني بهذا الشكل، فكيف هو حال طلاب الثانويات الرسمية؟"، تسأل. وتتهم الوزارة بأنها "زادت علينا الدروس، بدل أن تأخذ في الاعتبار ظروفنا. يبدو أن الوزيرة لا تريد إلا أن تسقطنا".
الجنوب: التعليم بين القصف والمنصات
في جنوب لبنان، لا تزال الحرب تُلقي بثقلها على اليوميات المدرسية كما على تفاصيل العيش. هناك، لا يعلو صوت فوق صوت النجاة، حيث تزامن الدرس مع الغارات، فيما المراجعة الحالية للامتحانات تسير على وقع التحليق المنخفض للطيران الإسرائيلي.
زهراء حامية، طالبة في ثانوية كفرحتى الواقعة في إقليم التفاح، توجز واقع التعليم في جملة واحدة: "أنهينا المنهج، لكن لم نحلّ أي دورة تدريبية تقريباً. كل الوقت خُصّص للشرح فقط، ولم يتسنّ لنا التأكد من استيعابنا. نحن غير مستعدّين للامتحانات".
أما في بلدة عين إبل، فقد اضطرت مدرسة "القلبين الأقدسين" إلى اعتماد التعليم من بُعد بشكل شبه دائم منذ اندلاع الحرب، فيما نُقل قسم من طلابها إلى فرع آخر في البوشرية ببيروت. تقول أندريا حاج: "نعم، أنهينا البرنامج، لكن معظمنا لا يشعر بالجهوزية. هناك تفاوت كبير في المستوى بين الطلاب، خصوصاً بين من واصل تعلّمه من بعد ومن اضطر للنزوح أو واجه انقطاعات مستمرة في الإنترنت".
يذهب علي حجاج من دير أنطار والطالب في مدرسة "مبرة علي الجمال"، إلى أبعد من ذلك، متحدّثًا عن واقع لا يمكن تجاهله: "نلجأ إلى معهد خاص خارج المدرسة كي نتمكن من فهم المواد الأساسية، لأن الوقت لم يكن كافيًا، ولم نتمكن من حلّ التمارين. كنا نأمل بإقرار المواد الاختيارية هذا العام، لكننا تفاجأنا بالعكس. فوق ذلك، لا تزال الأجواء الأمنية متوترة. في بعض الأيام، نُضطر إلى مغادرة المنزل فجأة بسبب القصف. كيف يمكن أن نكون مستعدّين في ظل هذا المشهد؟".
البقاع: الضغط نفسه، والإجابات الناقصة
في البقاع، لا يختلف المشهد كثيرًا عن الجنوب، وإن كان القصف أقل حضورًا. المدارس الرسمية هناك حاولت أن تجاري الضغوط، لكن الوقت كان خصمها الأول.
رنيم موسوي، الطالبة في ثانوية تمنين التحتا الرسمية، تروي لـ"المدن" تجربة مليئة بالركض في الوقت الضائع: "الأساتذة بذلوا جهدًا كبيرًا، لكن الوقت لم يسعفهم. كنا نحاول اللحاق بالمواد الأساسية، وفي النهاية لم نتمكن من إنهاء مادة التاريخ، خصوصاً القسم المتعلق بالعالم العربي".
أما مريم حلاني، من ثانوية الإمام الجواد، فتعبّر عن خيبة أمل مشتركة بين طلاب كثر، إذ تقول: "كنا ننتظر هذا العام أن تُعتمد المواد الاختيارية، تخفيفًا للضغط، لكن حصل العكس تمامًا. لم أتمكن من حل أي دورة تدريبية، وأنا غير مستعدة. كمية المواد ضخمة، والضغط لا يُحتمل".
الشمال: من التفاوت إلى التناقض
في شمال لبنان، ينقسم المشهد التربوي على صورتين متناقضتين: مدارس رسمية بالكاد تلتقط أنفاسها وهي تلاحق المنهج المتراكم، ومدارس خاصة أنهت برامجها براحة تامة، كأنها في بلد آخر لا تعنيه الأزمات.
شيماء شحادة، الطالبة في ثانوية البداوي الرسمية للبنات، تصف واقع مدرستها الذي لا يختلف كثيراً عن مدارس الأطراف المهملة، فتقول: "كل فرع من الفروع الأربعة لم يتمكن من إنهاء مواده الأساسية، سواء في الاقتصاد أو الرياضيات أو الفيزياء. نلجأ إلى حصص إضافية، للتعويض ونأمل أن تكون الامتحانات رحيمة، لأننا لم نُمنح الفرصة الكافية للاستعداد الكامل".
في مقابل هذا التعب، تبرز تجربة آدم ضناوي، الطالب في مدرسة "العبير"، الذي يقول ببساطة: "أنهينا كل المواد براحة تامة، دون أي ضغوط تُذكر. لا نواجه مشكلات، ونحن جاهزون للامتحانات".
هذا التفاوت الفادح بين طلاب الشمال، وإن بدا تفصيلاً موضعياً، إلا أنه يعكس حقيقة أن لا عدالة تعليمية في لبنان. فالمكان الذي وُلد فيه الطالب، أو المدرسة التي التحق بها، يحددان مسبقاً فرص نجاته من عبء المنهج ومن احتمال السقوط في الامتحانات. وبين طلاب ما زالوا يسعون لتعويض ما فاتهم، وآخرين درسوا "براحة تامة"، يصبح الامتحان الموحد، مجرّد قناع لإخفاء الفوارق الطبقية التي باتت تهيمن على كل زاوية من زوايا التعليم.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|