غضب في المطلة من موكب عاشورائي في كفركلا: الحزب يستعرض القوة
تعديل قانون الشراكة مع القطاع الخاص: القطاع العام من حصّة المصارف
8 سنوات مرّت على إقرار قانون تنظيم الشراكة بين القطاعين العام والخاص، رقم 48/2017، وإلى الآن لم تتمكّن الدولة من تنظيم عقد شراكة واحد مع القطاع الخاص.
كل العقود التي نظّمت جاءت في أطر قانونية مغايرة. والحكومة تقرّ بذلك عندما تقول في الأسباب الموجبة للتعديلات إنه «لم يُثبت هذا القانون قدرته على جذب المستثمرين»، لكنها تستعمل هذا التبرير لتفرض تعديلات هي أسوأ من القانون بصيغته السابقة، وهو أمر عليه أن يتعامل معه النواب انطلاقاً من ضغوط سياسية وخضوع تام للإرادة الدولية، التي ستنضم إليها المصارف في لبنان.
في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة أقرّت سلّة من التعديلات على قانون الشراكة مع القطاع الخاص. بينها ثلاثة تعديلات أساسية ترمي إلى الآتي:
- الاكتفاء بعارض واحد من القطاع الخاص بدلاً من ثلاثة على أن يعرض الأمر على مجلس الوزراء لإقراره.
- فتح الباب أمام المصارف للحلول محلّ الشريك في المشروع في حالات متعدّدة قبل بدء تشغيل المشروع، من أهمها أن يكون المصرف مموّلاً للمشروع، وأن يقدّم له الشريك تنازلاً أو رهناً لأسهمه في الشركة مقابل التمويل. وهذا يمنح المصرف حق الحلول محلّ الشريك ويعطيه الحق في تسمية مشغّل للمشروع أيضاً. وكذلك أعطي الشريك الخاص حقّ التنازل عن المستحقات المالية الآنيّة والمستقبلية لمصلحة المموّلين، أي المصارف.
- إعطاء شركة المشروع حق الجباية والتحصيل وقبض الأموال من المنتفعين من الخدمة مباشرة، ومنحها أيضاً حقّ اقتطاع حصّتها مباشرة من الإيرادات المحصّلة، وحقّ إيداع الأموال المحصّلة من المنتفعين في حساب احتياطي توزّع منه على شركاء المشروع.
أتت هذه التعديلات التي اقترحتها وزارة المال بهدف فكّ «القيود الموضوعة على الشركات». ففي سياق فكّ هذه القيود، فتحت التعديلات المال العام على مصراعيه أمام المصارف التي سبق أن تعاملت مع أموال المودعين بـ«أمانة ومسؤولية» وبدّدت أكثر من 120 مليار دولار في سبيل تعظيم أرباحها السنوية ومصاريف رؤساء وأعضاء مجالس إدارتها وكبار الموظفين فيها. فهل أطلق لبنان مرحلة المحاسبة على ما حصل وأجرى نقداً ذاتياً وتدقيقاً في كل قرش ضاع عبر المصارف، وباشر بتعديلات جذرية في آليات تنظيم المصارف والرقابة على أعمالها، حتى تُمنح المصارف هدية كهذه؟
فبموجب هذه التعديلات التي أقرّها مجلس الوزراء، صار لدى المصارف القدرة على تعطيل أي مشروع شراكة بين القطاعين العام والخاص، إذ إنها لن تموّل أي مشروع إلا بعد رهن أسهم الشريك الخاص، ويحقّ لها الحلول محلّ الشريك الخاص قبل بدء تشغيل المشروع، ويحقّ لها الحصول على الإيرادات الآنية والمستقبلية... باختصار ستكون المصارف شركاء حصريين في هذه المشاريع بشكل مباشر أو عبر طرق التفافية لطالما اهتدت إليها. بمعنى آخر، ستخلق السلطة في لبنان فرص عمل بالجملة لمصارف مفلسة ولمصارف أجنبية أيضاً.
هذه التعديلات تثير الكثير من الريبة والشكوك. فالحجّة التي تتكرّر الآن، وهي أنّ تسهيل الشروط يساعد على استقطاب التمويل الخاص، لم تثبت جدواها بعد مضي ثماني سنوات على إقرار هذا القانون الذي أهمل لمصلحة تنفيذ مشاريع مع القطاع الخاص بناء على عقود BOT، لذا تتعمّد السلطة «تغيير طبيعة العلاقة بين شركات القطاع الخاص والدولة بإدخال المصارف طرفاً ثالثاً في المشروع» وفق ما يقول رئيس المركزي الاستشاري للدراسات والتوثيق عبد الحليم فضل الله.
ويشير إلى أنّ بعض هذه التعديلات «يمنح المصارف الحق بعقد اتفاقات مع الدولة، والتدخّل في تعيين مشغّلين جدد بدل الشركة الأساسية الفائزة بعقد الشراكة، وبهدف إنقاذ الأموال المدفوعة للمشروع، ومن دون الحاجة لإجراء مزايدة جديدة».
في الواقع، إنّ النقاشات التي أجريت في المدّة التي سبقت إقرار النسخة الحالية من المشروع (قبل التعديلات الحالية التي أقرّها مجلس الوزراء وأحيلت إلى مجلس النواب)، «كانت الملاءة المالية للشريك الخاص هي الأساس، ولذلك لم تكن هناك أي إشارة لمنح المموّل حقوقاً مباشرة على المشروع، لا بل إنّ هذه التعديلات تفتح المجال للتعاقد مع شركاء غير مليئين مالياً» وفقاً لفضل الله.
وبموجب هذه الحقوق سيتاح لأي مصرف الفوز بمشروع ما من دون ترخيص أو منافسة في مناقصة أو أي قيود أخرى مثل إعلان الشراكة والتعاقد. «هذه الدورة، كانت تحتاج لسنة على الأقل» يقول فضل الله.
والواقع هو أنّ المصارف اللبنانية ليست قادرة أو جاهزة لتغطية التمويل المطلوب في ظلّ أوضاعها الحالية المعروفة، فضلاً عن القيود التي يفرضها قانون النقد والتسليف، والذي لا يسمح للمصارف بالتمويل إلا عبر رأس مالها، ما يعني أنّنا ذاهبون إلى الاستعانة بالمصارف الأجنبية التي ستصبح شريكة في القطاع العام.
في كل مشاريع الخصخصة كان هناك نقاش بشأن مسألة التحصيل والجباية والقبض التي نصّ عليها القانون وحصرها بيد مؤسسات القطاع العام، لكنّ التعديلات الحالية تنسف هذا الأمر. فالشريك الخاص يفترض أن يجبي العائدات لمصلحة الدولة، لا جبايتها واقتطاع حصّته مباشرة. ومثل هذا الحقّ يتيح للشريك الخاص «تسنيد عائدات المشروع بهدف تشغيل المشروع»، أي إنه سيموّل نفسه من عائدات المشروع!
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|