هل يُعيد حزب الله انتشاره جنوب الليطاني عبر وحدة "الرضوان"؟!
قدمت تقديرات إسرائيلية معلومات تشير إلى أن وحدة الرضوان التابعة لحزب الله تكبّدت ضربة قاسية خلال الحرب الأخيرة، التي استمرت حتى وقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني 2024. استهدف الجيش الإسرائيلي قدرات الوحدة وبنيتها التحتية، لا سيما على طول خط التماس وفي مناطق مختلفة من لبنان، حيث تم تصفية 31 قائدًا بارزًا ومئات العناصر في محاولة لإضعافها.
ومن بين 108 عناصر من حزب الله الذين تم اغتيالهم منذ وقف إطلاق النار، ينتمي 13 منهم إلى وحدة الرضوان، وهي نسبة مرتفعة مقارنة بحجم الوحدة داخل القوة العسكرية المجملة للحزب. ومنذ وقف إطلاق النار، قُتل 13 عنصرًا من الوحدة جميعهم جنوب نهر الليطاني، ضمن نطاق القرار 1701. أول تصفية موثقة كانت في 4 آذار 2025، وما قبل هذا التاريخ تم توثيق مقتل 26 عنصرًا من وحدات أخرى. تشير البيانات إلى أن بداية من آذار 2025، شكل قتلى وحدة الرضوان نحو 26.5% من مجمل قتلى حزب الله جنوب الليطاني.
ووفق التقديرات، فإن وحدة الرضوان أصبحت مؤقتًا غير قادرة على تنفيذ مهمتها الأساسية، وهي تنفيذ اجتياح واسع لمنطقة الجليل، حتى عمليات صغيرة باتت غير مرجحة. توقيت هذه العمليات يشير إلى أن وحدة الرضوان عادت إلى التمركز جنوب الليطاني خلال ثلاثة أشهر بعد وقف إطلاق النار، بعدما كانت قد خفّضت من وجودها العلني وربما انسحبت فعليًا من الجنوب. الآن، تعمل الوحدة على إعادة تأهيل وبناء قدراتها مع عودة تدريجية للجنوب اللبناني، خصوصًا جنوب الليطاني، حيث رصد الجيش الإسرائيلي هذه التحركات عبر أجهزة استخباراتية رغم محدودية قدرة إسرائيل على المراقبة الكاملة.
التحليلات تشير إلى أن وحدة الرضوان تحاول إعادة نشاطها وبناء قدراتها بشكل مخفي، وتعيد بناء خططها لتنفيذ عمليات نوعية ضد التواجد الإسرائيلي أو القيام بمحاولات تسلل إلى الأراضي المحتلة، في محاولة لاستعادة حضورها العملاني في جنوب لبنان، وهي أنشطة يتطلّب تنفيذها عودة تدريجية إلى الجنوب اللبناني، وخصوصًا إلى ما بعد نهر الليطاني. وتُظهر المعلومات المتوافرة من عمليات تصفية عناصر الوحدة في جنوب لبنان أن وحدة الرضوان تعيد حساباتها، وتعكف على إعادة بناء خططها العملياتية تحضيرًا لتنفيذها في المستقبل. هذه العمليات قد تشمل اختراقات بفرق صغيرة، أو هجمات باستخدام عبوات ناسفة، إطلاق نار من مسافات قريبة، أو اقتحام مواقع عسكرية، وغيرها من السيناريوهات المشابهة.
تقارير إعلامية أفادت بانتشار الجيش اللبناني في حوالي 80% من مساحة جنوب الليطاني، لكن السيطرة الكاملة غير مؤكدة، ما يثير الشكوك حول قدرة الجيش اللبناني على منع نشاطات وحدة الرضوان التي تعمل على إعادة بناء نفسها. بناءً عليه، ومن منظور القيادة في إسرائيل، فترى أن وجود الجيش الإسرائيلي على الحدود ضروريًا، مع أهمية دعم المجتمعات المحلية على الخط الحدودي لتكون خط الدفاع الأخير في حال نجاح تسلل بعض العناصر.
ومن خلال توزّع عمليات استهداف عناصر وحدة الرضوان، يمكن الكشف عن نمط جغرافي لافت، يُظهر أن الانتشار العسكري للوحدة بعد وقف إطلاق النار اتخذ شكلًا تدريجيًا في عمق الجنوب اللبناني، وخصوصًا ضمن مناطق القرار 1701. فقد طالت الاغتيالات قرى أساسية مثل عيناتا، حولا، ياطر، شقرا، ورب ثلاثين، وكلها معروفة بأنها مناطق تماس تاريخي، فجميعها تقع ضمن نطاق 2–5 كلم تقريبًا من السياج الحدودي، مما يجعلها ذات رمزية في البنية الأمنية لحزب الله. اللافت أيضًا أن ثلاثًا من العمليات نُفذت في محيط صور، وتحديدًا في رشكانية، دردغيا (معروب)، والمخرونة، ما يشير إلى توجّه نحو إعادة بناء القدرات في مناطق جنوبية أقل خطورة، ولكنها قريبة من البنية اللوجستية للحزب.
كما تُظهر خريطة الاستهدافات أن بعض القرى، مثل رشكانية ومعروب والمخرونة، لا تقع مباشرة على خط التماس، لكنها تؤدي دورًا لوجستيًا أساسيًا في دعم أي نشاط ميداني قريب من الحدود. تُعرف هذه القرى بما يُسمّى “الحلقات اللوجستية”، أي النقاط التي تُستخدم لتخزين الأسلحة، أو نقل العناصر، أو التنسيق والاتصالات، أو حتى تقديم دعم طبي وتقني، بعيدًا عن مرمى الرصد المباشر. وتكمن أهميتها في موقعها الجغرافي الذي يربطها بشبكة طرق فرعية ورئيسية تؤمن حركة سريعة بين القرى الحدودية والداخل، كطريق معروب باتجاه شقرا، أو المخرونة نحو بنت جبيل.
بهذا المعنى، تشكّل هذه المناطق ما يشبه “الخط الخلفي” الذي لا يظهر في واجهة الاشتباك، لكنه يُعتبر ركيزة حيوية لأي تموضع أو تحرّك عملاني في الجبهة الجنوبية. هذا التوزيع الجغرافي يعكس نية متزايدة لدى وحدة الرضوان في إعادة التموضع داخل مناطق مألوفة وداعمة، رغم الضغط العسكري والاستهداف الإسرائيلي المتواصل.
يبقى أن نشير، أن المعلومات الواردة في هذا التقرير تعتمد على دراسة لمركز “ألما” الإسرائيلي للأبحاث والتعليم، وهو مركز مستقل تأسس عام 2014 ويختص بدراسة التحديات الأمنية على الحدود الشمالية لإسرائيل، مع تركيز خاص على نشاطات حزب الله. يعتمد المركز على مصادر مفتوحة مثل البيانات الصحفية والتقارير العسكرية، ويُستخدم من قبل صانعي السياسات والباحثين الأمنيين.
مع ذلك، لا تخلو المعلومات الإسرائيلية من توجهات سياسية وأمنية، فقد تُستخدم في أهداف دعائية أو لتبرير الانتشار العسكري في مناطق مثل جنوب الليطاني. لذلك، يبقى من المهم النظر لهذه البيانات ضمن سياقها السياسي.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|