"ساعدوني بابا وماما عم يموتوا"... تسجيل صوتي مؤثّر لطفلة ناجية من غارة قبريخا
سلخ الدروز عن مجتمعهم هو مقتلة لهم ولسوريا الموحدة وخطر كبير له انعكاسات

بعد أيام من الاحداث الدامية، وتحت الضغط الاميركي والغارات الاسرائيلية، سحبت السلطات السورية قواتها بالكامل من محافظة السويداء في جنوبي سوريا، تزامناً مع إعلان الرئيس أحمد الشرع تكليف فصائل درزية مسؤولية الأمن، ثم تنديده بالتدخل الإسرائيلي.
وفي تعليقه على الاقتتال الذي أدى إلى سقوط عدد كبير من القتلى يتجاوز الـ 375، رأى الباحث والأستاذ الجامعي رامي الرّيس، في حديث إلى وكالة "اخبار اليوم" أن "ما حصل في السويداء خطير ويتخطى كل التوقعات لا سيما لجهة التعرض للمدنيين بمعزل عن طائفتهم وانتمائهم المذهبي، وهو أمر ينمّ عن نزعة انتقامية غير مفهومة وحقد وكراهية غير مبررين".
وأضاف: "من هنا كانت الدعوات لرأب الصدع ووأد الفتنة دون تأخير، إذ بالاضافة إلى الجانب الإنساني هناك أيضاً الجانب الميداني - السياسي والجغرافي الذي يؤدي إلى توسع هذه الأحداث والغرق في اقتتال طائفي ومذهبي لا طائل منه، كما هو مرشح ليمتد إلى خارج حدود السويداء وربما خارج الحدود السورية، وبالتالي هذه التطورات السلبية تتطلب اجراء اتصالات سياسية مكثفة مع المعنيين داخل سوريا ومع القوى المؤثرة في الساحة السورية لقطع الطريق: اولاً على الفتنة الطائفية، وثانياً: على التدخل الاسرائيلي المشبوه دائماً في اهدافه وتوقيته والذي يهدف إلى تأجيج هذه الصراعات وليس اطفائها.
وفي سياق متصل، شدد الرّيس على أن أي مغامرة لمجموعة طائفية اكانت درزية أو غير درزية في الرهان على الاحتلال الاسرائيلي لتغيير وقائع ميدانية داخل الاوطان هو رهان خاسر، جُرّب في لبنان في السابق وفي دول اخرى، وهو يعكس قصر نظر عن كيفية التعامل مع موازين القوى الاقليمية. وذكّر الريس أن اسرائيل في داخل كيانها تميز بين اليهود والطوائف الأخرى انطلاقا من قانون يهودية الدولة الذي صدر عن الكنيست في العام 2018، فإنها بطبيعة الحال لن تكترث لأقليات خارج الدائرة اليهودية أو خارج حدود الكيان، وبالتالي هذا ما يطرح علامات استفهام جدية حول الأهداف الحقيقية للتدخل الاسرائيلي في السويداء لا سيما في الطريقة التي تم فيها.
في المقابل، اشار الريّس إلى أن "تقاعس السلطة السورية غير المبرر عن القيام بمسؤولياتها ودورها في حماية مواطنيها بمعزل عن انتماءاتهم الطائفية، وعن ردع المجموعات الارهابية خصوصاً إنها ليست المرة الأولى التي تحصل فيها مثل هذه الأعمال المدانة والمستنكرة وغير المقبولة إنسانياً وسياسياً وعلى كل المستويات، هو ما يفتح الطريق أمام تكرارها في أكثر من منطقة".
وسئل: حين ترسم اسرائيل حدوداً لأقليات معينة في المنطقة، فهل هي في نفس الوقت تشرعن يهوديتها واقليتها في المنطقة؟
أجاب الرّيس: "هذه المقاربة خطيرة جداً في حدّ ذاتها، فهي تحوّل المنطقة إلى مجموعة دويلات طائفية متناحرة بما يبرر عنصرية المشروع الصهيوني ويعطي اسرائيل الذريعة لتقول انها ليست الدولة الدينية الوحيدة في المنطقة، وبالتالي يُفتح المجال امام اقتتال مذهبي وطائفي بين هذه الدويلات".
وبالعودة إلى الوضع الدرزي، لفت الرّيس إلى أنّ "الدروز سبق أن خاضوا في مطلع القرن العشرين الثورة الكبرى التي ضمت كل اطياف المجتمع السوري ورفضوا العروض الفرنسية الانتدابية لانشاء دولتهم الخاصة، وقد أكدوا وقتذاك أنهم جزء من الأوطان التي يعيشون فيها وليس لديهم مشروع انفصالي خاص".
وقال: "اليوم محاولة دغدغة مشاعر الدروز بمثل هذا الطرح مجدداً من خلال اللعب على الوتر الطائفي من شأنه أن يؤدي إلى انعاش هذه المشاريع المشبوهة وادخال المنطقة في التفتيت الطائفي والمذهبي الذي يصب أولا وأخيراً في مصلحة اسرائيل".
وأضاف: "لذلك علينا أن نذهب في الاتجاه المعاكس تماماً اي تعزيز هوية الاوطان العربية التي تعيش فيها وأن ينغمس الدروز والاقليات الأخرى في مجتمعاتهم".
ولكن، شدد الرّيس أن "هناك أيضاً مسؤولية على الحكومات المركزية – وفي هذه الحالة على حكومة دمشق- أن تُحاسب جميع المسؤولين عن هذه الارتكابات وتلك التي سبقتها وألا تسمح بتاتاً حصول تجاوزات من هذا النوع سواء في الساحل السوري أو في السويداء أو في أي منطقة أخرى، بما يؤدي إلى اعادة بناء الثقة تدريجياً مع الحكومة المركزية واعادة استتباب الأمور وفق القواعد التي يفترض ان تتم فيها".
وختم الرّيس: "إن سلخ الدروز عن مجتمعهم السوري هو مقتلة لهم ولسوريا الموحدة، وهذا خطر كبير له انعكاسات على المنطقة ككل. والأمر نفسه ينطبق على الأقليات الأخرى".
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|