تنظيم الإخوان ينسج شبكة سرية بين عمّان وبيروت

بتحركات خفية وبعيداً عن الأضواء، نسج تنظيم الإخوان المسلمين المحظور شبكة معقدة من التحويلات المالية والعمليات الميدانية بين الأردن ولبنان. تسللت هذه الشبكة عبر أروقة السياسة والأمن، مستغلة الأزمات المتعاقبة لتقويض الاستقرار الأردني، قبل أن تكشف الأجهزة الأمنية الأردنية في عملية دقيقة عن تحويلات مالية غير شرعية عبر شبكات إقليمية، استُخدمت الأراضي الأردنية كنقطة انطلاق لعمليات تبييض أموال وتمويل أجندات تهدد الأمن الوطني.
أظهرت التحقيقات أن التنظيم المحظور لم يختفِ كما يُشاع، بل أعاد ترتيب أوراقه في الخفاء، مؤسساً بنية مالية موازية تعمل خارج الإطار القانوني، تشكل تهديداً مباشراً لاستقرار المملكة الأردنية وأمنها .
أذرع تمتد إلى لبنان
في سياق متصل، أعلنت السلطات الأردنية قبل نحو ثلاثة أشهر تفكيك خلية إرهابية مرتبطة بالتنظيم ذاته، تبين أن أفرادها تلقوا تدريبات عسكرية متقدمة داخل معسكرات في لبنان، بتمويل مباشر من نفس الشبكة المالية. يعكس هذا الترابط بين المال والسلاح نمطاً متقدماً من التنسيق الإقليمي، حيث تُستخدم الأراضي اللبنانية كقاعدة لوجستية للتدريب، ما أثار قلقاً متزايداً لدى الأجهزة الأمنية الأردنية، التي تعتبر هذا التطور تحدياً حقيقياً في مواجهة الأمن الداخلي .
على ضوء هذه الوقائع، شددت السلطات الأردنية الرقابة على التحويلات المالية ووسّعت نطاق التحقيقات، في محاولة لتفكيك الامتدادات العابرة للحدود، وتفكيك الخلايا الإرهابية التي تستخدم التمويل غير المشروع لتحقيق أهدافها .
تبييض الأموال عبر العقارات
كشفت التحقيقات أن الشبكة استخدمت أساليب غير قانونية لجمع ملايين الدولارات، ثم ضخّتها في سوق العقارات داخل الأردن وخارجه، ضمن منظومة مدروسة لتبييض الأموال، تستهدف خلق شبكة نفوذ اقتصادي تُستخدم كورقة ضغط وتأثير سياسي. تهدف هذه الاستراتيجية إلى تقويض الاستقرار الداخلي وشراء الولاءات السياسية والاجتماعية بطرق غير مباشرة، إضافة إلى دعم مشاريع تنظيمية غير معلنة داخل وخارج البلاد.
كما تم تحويل مبالغ مالية كبيرة إلى دول إقليمية، في إطار عمليات تمويل سرية لمشاريع وأجندات مرتبطة بالتنظيم، ما يعكس مدى تعقيد وامتداد الشبكة المالية والتنظيمية التي ما زالت تعمل على نحو يهدد الأمن الإقليمي .
استغلال الأزمات وتضليل الرأي العام
مصادر أردنية مطلعة أفادت صحيفة "نداء الوطن" بأن التنظيم استغل تعاطف الشارع مع الأحداث المتلاحقة في غزة لجمع أكثر من 30 مليون دولار تحت غطاء العمل الإنساني، لكن أقل من 1 % فقط من هذه التبرعات وصل إلى وجهته المعلنة، ما يثير علامات استفهام خطيرة حول مصير الأموال المتبقية.
وأكدت التحقيقات أن عملية جمع التبرعات تمت بوسائل غير قانونية، وأن القسم الأكبر من الأموال هُرب إلى الخارج عبر قنوات مالية مشبوهة، بينما استُخدم الباقي لبناء شبكة نفوذ داخلي سياسي واجتماعي، تمهيداً لنموذج "الدولة داخل الدولة". تُستخدم هذه الأموال لشراء الولاءات والتأثير على القرار السياسي، وتحريك الشارع الأردني وفق أجندات التنظيم، مما يزيد من مخاطر زعزعة الاستقرار الاجتماعي والسياسي.
توقيفات ومصادرة ملايين
في سياق هذه التحقيقات، كشفت مصادر قضائية أردنية أن السلطات ضبطت نحو 4 ملايين دينار أردني مخبأة في منازل ومستودعات، بناءً على إفادة سائق لأحد القياديين. وأسفرت العملية عن توقيف 11 شخصاً، واستدعاء آخرين في إطار عملية تفكيك مستمرة للشبكة.
ad
وتبيّن أن جزءاً من هذه الأموال استُخدم في تمويل حملات انتخابية خلال عام 2024، إضافة إلى دعم مباشر لأحزاب سياسية وتنظيم فعاليات احتجاجية، بهدف تحريك الشارع ودعم تحالفات تخدم أهداف التنظيم. كما جرى تخصيص رواتب شهرية لأشخاص محسوبين على الجماعة لأداء أدوار سياسية وإعلامية، بكلفة سنوية تقدر بـ 1.9 مليون دينار، شملت الانتخابات النقابية والطلابية، ما يعكس حجم التمويل الممنهج للنفوذ داخل مؤسسات المجتمع.
الحسم والمحاسبة
السلطات الأردنية تؤكد عزمها الحاسم على تفكيك البنية المالية والتنظيمية للتنظيم ومحاسبة جميع المتورطين ضمن إطار قانوني شفاف، في خطوة تعكس جدية الدولة في مواجهة التحديات الأمنية والمالية المتشابكة .
وفي الوقت نفسه، تتعالى الأصوات الشعبية المطالبة بتشديد الرقابة على العمل الخيري، ومنع استغلال الدين كغطاء لأجندات سياسية وأمنية، داعية إلى مراجعة آليات التمويل الخارجي والعمل المؤسسي لضمان عدم اختراق هذه الجهات للمجتمع الأردني .
ويبقى الرهان الأكبر على استمرار التحقيقات، التي من المتوقع أن تكشف مزيداً من الأسماء والتفاصيل، في واحدة من أخطر القضايا التي تواجه الأمن الأردني، وتضعه في مواجهة تحديات متجددة على تقاطع المال والإيديولوجيا والارتباطات العابرة للحدود.
المصدر: نداء الوطن
الكاتب: طارق أبو زينب
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|