"كلو مسموح" في بيت الدين: إبهار وضحك وكارول سماحة تفاجىء الجمهور

من مسرح برودواي في ثلاثينيات القرن الماضي إلى مسرح بيت الدين في جبل لبنان، انصهر التاريخِ وتآلفت الجغرافيا في لقاء الحضارات، ضمن مشهديّة أخّاذة، جمعت وجوهًا بارزة في الغناء والرقص والتمثيل، في عمل مسرحي غنائي بعنوان "كلو مسموح" المقتبس عن المسرحيّة العالميّة Anything Goes،التي عُرضَت للمرّة الأولى منذ حوالي تسعين عامًا، ونالت ما يفوق الخمسين جائزة عالميّة.

لم يكن العرض الأول لـ "كلو مسموح" بنكهته اللبنانيّة على خشبة مهرجانات بيت الدين، وقد لا يكون الأخير، إلّا أنّ مشهدية القصر برمزيته التاريخيّة وهويته الفنيّة الثقافيّة، وإضاءته الخلّابة بألوانها المتغيّرة انسجامًا مع أحداث المسرحيّة، أضافت إلى وهج العرض ألقًا حبس أنفاس الحاضرين. وقد لاقت المسرحيّة الموسيقيّة التي تعرض على مدى أمسيتين متتاليتين تفاعلًا كبيرًا من الجمهور، تصفيقًا وإعجابًا وضحكًا.
كل العناصر تآلفت في "كلو مسموح" لتقدّم عرضًا أشبه بتحفة فنيّة نابضة بالحياة والحركة والنغم على مدى ساعتين، للمخرج والكاتب والممثل روي الخوري، من بطولة الفنانة كارول سماحة وإنتاج نايله الخوري. جمع العمل المسرحي إلى سماحة، نخبة كبيرة من الممثلين والراقصين، بوجود أوركسترا حَيّة، قادها إليو كلاسي، وضمّت موسيقيين من مختلف الجنسيات. أبطال العمل، فاجأورا الجمهور بمواهبهم الغنائيّة ورقصهم إلى جانب أدائهم التمثيلي، وهم

فؤاد يميّن، دوري السمراني، جوي كرم، نور حلو، نزيه يوسف، ريجينا سيميونيدي، وشربل سمّور. جميعهم أبدعوا في تجسيد لوحات استعراضيّة فنيّة غنائيّة راقصة، في قالب تمثيلي مشبع بالإبهار البصري، وبالكوميديا الممتعة.
أمّا كارول سماحة التي عادت إلى المسرح بعد سبعة عشر عامًا في "كلو مسموح"، فشكّلت دينمو العمل بلا منازع، حيث أثبتت قدرات فنيّة هائلة، غناءً وتمثيلًا ورقصًا في الوقت نفسه، دون أن تتمكّن اللوحات الراقصة التي قدّمتها، بكل ما تطلبته من مجهود ولياقة من التأثير على أدائها في الغناء الحي، إذ بقي صوتها قويًّا صادحًا متمكّنًا خلّابًا. والمفاجأة كانت في الدور الذي جسّدته سماحة في شخصية "ياسمينا" بمنحاه الكوميدي، فكانت الفتاة المهضومة الظريفة القويّة الماكرة الحالمة والرقيقة في آن معًا.
المسرحية تجسّد قصّة حب كاد أن يكون شبه مستحيل، بفعل الفروقات الطبيقيّة بين الحبيبين. تدور أحداثها على متن سفنية تقلّ مهاجرين. يلعب روي الخوري دور كريم الشاب الولهان. حبيبته أمل تبادله مشاعر الحب، لكنها تقبل بعرض زواج من رجل ثري لتحافظ على مكانة عائلتها وثروتها الآيلة إلى التلاشي. وفي غفلة من العريس "المْثَقل بالأكل والشرب" يلتقي العاشقان ويتبادلا عبارات الحب في مشهدية غنائيّة، تتحول معها قناطر القصر وحجارته إلى وردية. فؤاد يمين يؤدي دور مجاعص، رئيس عصابة متنكّر بشخصية "أبونا" يبادر لمساعدة كريم في الفوز بحبيبته المخطوبة. يؤدي دور العريس الثري أحد أبرز سماسرة العقارات الممثل دوري السمراني. وتجسّد الممثلة جوي كرم (شقيقة سينتيا كرم) دور ألمازة .
بالكثير من التشويق، يتابع الجميع مجريات قصّة الحب، وعشية الزواج وفيما العاشق خلف قضبان السجن، يحصل ما ليس في الحسبان، إذ يكشف العريس لياسمينا سرًّا يقلب كلّ الموازين، ويغيّر مسار الأحداث، ويجمع ثلاثة عشاّق في عرس واحد، يكون لياسمينا نصيب منه. كل ذلك يحصل بالتداخل بين الغناء والتمثيل والرقص، بالتكامل مع الديكور والكثير من الأزياء لزوم اللوحات الراقصة. وهكذا تمكّنت سفينة روي الخوري وأبطالها من الإبحار بجمهور بيت الدين في رحلة مختلفة، انتهت بتصفيق حاد.