احداث سوريا تُقلق الاميركيين وتثبّت اهمية مسار عون

ليبانون ديبايت"-فادي عيد

أظهرت لقاءات السفير الاميركي توم بارّاك في لبنان، ان واشنطن قلقة من الفوضى المحتملة في سوريا، بعد اندلاع احداث السويداء. قد يُفسّر الأمر أنّه يتعلّق بمستقبل بارّاك السياسي، وعلاقته بالرئيس الاميركي دونالد ترامب، الذي كلّفه بإدارة التفاوض في منطقة حسّاسة جدّاً، ولذلك يخشى السفير الاميركي ان يفشل في مهمة تسوية النزاع بين لبنان وإسرائيل، بعدما فشل في ترتيب البيت السوري. لكنّ المسألة هي أبعد من ذلك، وتتعلق بهواجس اميركية جدّية من فوضى سورية، جرّاء تفلّت المجموعات الإسلامية المتطرفة، التي اظهرت مجدداً خطورتها خلال الهجوم على السويداء، وقبلها مناطق الساحل السوري.

كان بارّاك نفسه، يحث اللبنانيين على سرعة التصرف، "كما تفعل سوريا، بسرعة الصاروخ"، وهو تبنّى خريطة الطريق السياسية التي وضعها الرئيس السوري احمد الشرع، إلى حد قال فيه بارّاك امام المسؤولين اللبنانيين: ادعموا الشرع، لأنه القادر على ضبط سوريا ومنع تفلّت المجموعات المتطرفة التي ستؤثر على لبنان. ومن هنا، تقول مصادر سياسية مطّلعة انه "تبيّن ان السرعة في دمشق، ادخلت سوريا في فوضى، ظهرت معالمها في السويداء، وكادت ان تتمدّد، بعدما فشلت دمشق في ادارة الملف برويّة وحكمة سياسية". وتضيف، "لذلك يُثبت الخيار اللبناني الذي انتهجه رئيس الجمهورية جوزاف عون، أنه الأكثر ضمانة للسلم الأهلي في لبنان، ومنع الفوضى، وتحقيق الاهداف الاستراتيجية بحنكة وطنية".

لم يتراجع الرئيس عون عن ثوابته التي اعلن عنها في خطاب القسم، والتي جدّد الالتزام بها، وآخرها ما قاله خلال زيارته إلى البحرين. وهو ما تجده المصادر نفسها تأكيداً على اهمية مسار الرئيس عون، "الذي يعلم ان اتخاذ اي قرار كبير وخطير في لبنان، بحجم ملف سلاح حزب الله، لن يُكتب له النجاح من دون تأمين ارضية لبنانية". وترى ان ذلك "لا يعني أنّ المساحة الزمنية مفتوحة، إلى ما لا نهاية، بل هي ترتبط بمسارين: إلزام إسرائيل على الانسحاب من اراض لبنانية ومنع تعدياتها، و التفاهم اللبناني على خطة دفاع وطني". وهو ما يجري التفاوض بشأنه اساساً مع الاميركيين، تحديداً في مسألة تنفيذ إسرائيل للقرار الدولي ١٧٠١.

وتسأل المصادر: "ماذا لو قررت الحكومة اللبنانية اقرار خطة سريعة وفورية لنزع سلاح الحزب؟ كيف؟ وماذا عن نتائجها وتداعياتها؟ وهل نضع الجيش اللبناني والقوى الامنية، في مواجهة مع مكون لبناني؟". ومن هنا بالذات، ترى المصادر نفسها اهمية ما يفعله رئيس الجمهورية لعدم تكرار ما حصل مثلا، مع السوريين في السويداء، جرّاء تسرع السلطات السورية في معالجة مسألة حسّاسة، بالقوة، لا بالسياسة والحوار".

وتعدّد المصادر مخاطر تداعيات اي قرار لبناني متسرّع وغير مدروس، " لأنه سيؤدي حُكماً إلى اشتعال الفوضى، وحصول تفكّك محتمل في المؤسسات اللبنانية وإنهاك القوى الامنية والعسكرية، وأخذ لبنان إلى المجهول".

وتعتبر المصادر نفسها ان الاميركيين انفسهم تفهّموا موقف لبنان الرسمي، وأدركوا تماماً مدى خطورة اي تسرّع في اتخاذ قرار خطير، لذلك هم يتواصلون مع المسؤولين اللبنانيين، ويستمرون بالحوار في تفاوض يقوده بارّاك، الذي يحثّ ويؤكد على اهمية استقرار وامان لبنان اولاً، ومنع دخوله في فوضى، او تكرار مشهد سوريا. مما يؤكّد صحة خيارات الرئيس عون، وتحديداً في مساره لتنفيذ بند حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية.

وقد جاءت مباركة البطريرك الماروني بشارة الراعي لخطوات عون، لتوحي بأنها تفهّمٌ لابعادها الوطنية، خصوصاً ان رئيس الجمهورية هو رئيس لبنان بكل مكوناته ومناطقه وطوائفه، يقود البلد، ويحرص على منع اصطداماته او تفكّك بنيته، وليس رئيس فريق لبناني واحد، فحسب