الصحافة

هل قوّةُ لبنان بسلاحِه؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

لم يكنْ من الضروري أن نقدّمَ الحلوى ضيافةً للموفد الأميركي «توم برّاك»، لعلّ العينَ تستحي وتغضُّ النظرَ عن السلاح، لأنّ لبنان ليست قوّتُه بسلاح المسيّرات بل بسلاح الحضارات.


ثمَّ، لو أنّ السلاح هو الذي يحمي الدول من الخطر الوجودي، لكان وجود ما يزيد على مئتَي دولة في العالم مهدّداً بالخطر، ولكان في مقدور بعض الدول الكبرى أنْ تحتلّ سائر دول الأرض وتزيلها من الوجود.

يقولون: «هناك ثلاثة أخطار حقيقية على لبنان: الخطر الإسرائيلي، والطغيان الأميركي، والأدوات الداعشية...».

ولكن، من أجل إزالة الخطر الإسرائيلي الوجودي يقتضي إزالة إسرائيل من الوجود، ولا بدّ كذلك من مواجهة الطغيان الأميركي بالطغيان اللبناني، ولو أنّنا نملك هذه القوة النارية الطاغية، لما وافقنا على وقف النار، لوقف طغيان التدمير والتهجير والإغتيالات فوق الأرض وتحت الأرض.


أمّا خطر «الأدوات الداعشية» فإنّه أكثر ما يستهدف المسيحيِّين كمثل تفجير كنيسة مار الياس في دمشق... وهل هذا يعني أنّ على المسيحيِّين أنْ يمتلكوا السلاح من أجل الدفاع عن وجودهم من الداعشية؟

هذا مع العلم، أنّ أيَّ خطرٍ وجودي على طائفة في لبنان هو خطرٌ على كلّ لبنان وعلى كيانه الوجودي.

إذا كان من شأن كلّ طائفة أنْ تدافع عن نفسها بسلاحها، فيحلّ سلاحُها محلّ السلاح الشرعي للدولة، فقد تتحوّل الدولة إلى مجموعات عشائرية متضاربة، وعلى المجلس النيابي إذْ ذاك أن يعدّل الدستور، وعلى رئيس الجمهورية أنْ يعدّل خطاب القَسَم، وعلى الحكومة أن تتخلّى عن بيانها الوزاري، ليصبح الخطر الوجودي لكلّ طائفة يترنّح بين الوجود والعدم.

في كتابهِ: «الوجود والعدم» يرى الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر: «أنّ الوجود هو وجود إنساني قبل كل شيء، يتحّرك فيه الإنسان عبر إمكاناتٍ تجعل الأفعال ممكنةً، فلا جبْرَ ولا إكراه ولا وجود لإرادتَين بل لمشيئةٍ واحدة...».

القول: إنَّ قوةَ لبنان في ضعفهِ لا يعني الإستسلام والتخلّي عن سلاحه المقاوم، بل هو يمتلك السلاح الأمضى لمبارزة إسرائيل بتفوّق، إنّه السلاح الحضاري والسياسي والسياحي والتجاري والخدماتي والثقافي والإعلامي والديمقراطي، والإنفتاح على العالم بصيغة مثالية تسفّهُ العنصرية الصهيونية.


إنّه سلاح اللوبي اللبناني في المغتربات الذي بات يحتلّ مركزاً مرموقاً مؤثِّراً في قرارات الأمم بما ينافس اللّوبي الصهيوني ويخلع الستائر التي تغطّي به إسرائيل جرائمها الوحشية ضدّ إنسانية الإنسان.

أليس أنّ المغترب اللبناني «توم برّاك»: هو الذي يتولّى المفاوضات في سوريا ولبنان باسم أميركا؟

والمغترب اللبناني مسعد بولس مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب للشؤون العربية والشرق الأوسط وإفريقيا، مكلّفٌ معالجةَ الأوضاع القائمة فيها، ومن أمثالهما هناك في المغتربات ألوف من اللبنانيِّين البارزين.

في الملمَّات الكبائر لا بدّ من إيقاظِ العقل عندما يكون راقداً على فراش الموت السريري.

وفي ملمّات حرب 1975 وجّـه الإمام موسى الصدر نداءً إلى العقل «وشنَّ حملةً على السلاح الذي يستعمله المواطن بصورة وحشية ضدّ مواطنيه، والذي يعرّض الأمة والوطن للإنفجار...» مجلة الحوادث: 11/7/1975.

وعن الشرعية قال الإمام: لا حلّ في لبنان إلّا بإقامة الشرعية، ولا شرعية إلّا بتذويب الدويلات أياً كانت صيغتُها...» 30/7/1978.


ثم راح الإمام الصدر يؤنّب اللبنانيِّين الذين يتخلّون عن الوطن ويعرِّضونه للخطر فقال: «تركتم الوطن الفريد من نوعه والذي لا نملك غيره... هذه الأرض التي تعكس السماء، وهذه الجغرافيا التي تمثلّ التاريخ وامتدّت إلى العالم كلّه فتبَلْورَ العالم منها...» 7/1/1976.

لعلّ أبرز المِحَن التي حلّتْ بلبنان، هو هذا الهبوط في مستوى كبار الرجال أمثال الإمام موسى الصدر، الذي كان إماماً لكل اللبنانيِّين، وإماماً للبنان الوطن...

أولئك الرجال الذين أنقذوا لبنان من خطر الفتوحات، وحقّقوا وجوداً لبنانياً ضارباً في العالم، ووجوداً حضارياً في التاريخ.

الجمهورية- جوزف الهاشم

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا