الصحافة

بعد سقوط الخيار الدبلوماسي لبنان إلى أين؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

اللبنانيون دون استثناء مسكونون بقلق غير مسبوق إزاء استحقاقات مجهولة لم ترتسم معالمها  حتى الآن. عبّرت تغريدات الموفد الرئاسي الأميركي «توم باراك» وتصريحاته من منابر متعددة داخل لبنان وخارجه عن خيبة أمل أميركية وربما صدمة تبدو كافية لإعادة الحسابات بشأن السلطة التي تم تشكيلها بعد توقيع اتّفاق وقف إطلاق النار في نوفمبر المنصرم. وبالتوازي أحدثت مواقف «باراك» نمطاً متصاعداً من الإضطراب والخوف لدى اللبنانيين بدأ من بيروت مع تحميله تبعة نزع سلاح حزب الله للبنان دون سواه، ودعوته الحكومة للبدء بـ»خطوات تنفيذية» لحصر السلاح بيد الدولة بشكل كامل، وإعلانه عدم رغبة واشنطن في التأثير على الخيارات الإسرائيلية لينتهي بما يشبه الإعلان عن «سقوط الخيار الدبلوماسي» كوسيلة لنزع السلاح مع إعلان باراك «إن الكلمات لن تكفي ما دام حزب الله محتفظاً بالسلاح». 

«سقوط الخيار الدبلوماسي» لا يمكن أن يعني سوى البحث عن وسيلة أخرى لتحقيق الهدف السياسي المنشود ما بين إعطاء إسرائيل المساحة الكافية للتعامل مع الوضع القائم في لبنان دون تدخل واشنطن من جهة، والتلويح ببقاء الشعب اللبناني بحالة فوضى من جهة أخرى وفقاً لـــ«باراك».  وفي هذه المساحة ما يتيح هامشاً كبيراً من السناريوهات التي قد تأخذ مسار تفعيل الهجمات الإسرائيلية على لبنان وتوسيعها، أو إنتاج إنقسامات عامودية قابلة للتحوّل الى حالة من الفوضى سواء على المستوى السياسي أو الأمني، وقد يجمع الخيار الأكثر خطورة بين النموذجين معاً. وفي هذا السياق تصبح مواقف أمين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم وعدد من مسؤولية بأن «الحزب متمسك بسلاحه وأنه غير معني بما يجري من تفاوض» أحد  مسوغات التعبير عن الفوضى المرتقبة بما يتجاوز مسألة التصادم مع الدولة.

لكنّ ما يزيد من قتامة المشهد هو تسليم الحكومة بقصور فرض عليها وبعدم أهليتها للقيام بما يمليه عليها الدستور، بل بالذوبان القسري في غياهب عبث دستوري تمثّل بتشكيل لجنة ثلاثية سمحت لنفسها بالتصرف كسلطة انتداب تمتلك الحق بتعليق الدستور ووقف العمل به، وتقود لبنان نحو المجهول. هذا فضلاً عن تعمّد اللجنة المذكورة إخفاء ما يجري عن مجلس الوزراء والتعامل مع اللبنانيين كرعايا تمارس عليهم الغلبة والقوة والتسلط دون أي اعتبار لحقوق سياسية لهم أو لآرائهم وتوجهاتهم ، وليس كمواطنين مشاركين في اتخاد القرار والمسؤولية الاجتماعية، والمرجعية القانونية.

ينسحب سلوك الحكم في لبنان على كل ما طرح عليه إزاء التغييرات التي شهدتها المنطقة بعد سقوط نظام البعث في سوريا وهزيمة حزب الله والحرب الأميركية على إيران بما استوجب إعادة توصيف لأدوار الدول في المنطقة. تؤكد المواقف اللبنانية التي تُرتجل دائماً في مواقع الغلبة والتسلط على الدستور  دون مناقشتها في مجلس الوزراء، أن من يحكمون لبنان لم يغادروا نظام المصلحة الذي أنتجته ميليشيات محور الممانعة وحكامها ــــــــ والذي نما لعقدين من الزمن على حساب سيادة الدول ـــــ  بالرغم من سقوط نظام البعث وتدمير القدرات النووية الإيرانية بعد تراجع نفوذ الأذرع في لبنان وغزة والعراق.

 من حق اللبنانيين أن يسألوا لماذا لم تبادر حكومتهم إلى التجاوب مع الدعوات الفرنسية والأميركية لترسيم الحدود مع سوريا، بما في ذلك مزارع شبعا بالرغم من تزويد لبنان بالمستندات اللازمة لذلك؟ ومن حقهم أن يسألوا لماذا تم اعتماد التسويف مع العرض الذي تلقاه لبنان في مطلع الشهر الحالي خلال زيارة وزير الخارجية البريطاني «ديفيد لامي» إلى قصر بعبدا لإقامة أبراج مراقبة على الحدود الجنوبية مع إسرائيل لتعزيز قدرات لبنان على المراقبة وضمان تنفيذ القرار 1701؟ ومن حقهم أن يعبّروا عن قلقهم إزاء الموقفين الأميركي والفرنسي برفض التجديد لقوات اليونيفيل إذا لم تتاح لها حرية العمل لتطبيق القرار الدولي؟ 

إزاء كل ذلك من حق اللبنانيين أن يسائلوا اللجنة الهجينة التي تمثل الرئاسات الثلاث: إذا كنتم تريدون الذهاب إلى المواجهة فلا ضير في ذلك ولكن ما هي الرؤية البديلة لمستقبل لبنان؟ وما هي قدرات اللجنة الثلاثية على حماية لبنان وما هي الخطط الموضوعة لذلك؟ 
يلامس إسقاط أركان السلطة في لبنان فرص الخيار الدبلوماسي حدود الإنتحار، ففيما يتعذر عليهم تحديد مآلات المواجهة المقبلة ستسعى الولايات المتحدة للثأر من  السلطة التي ساهمت وربما فرضت تشكيلها بعد توقيع اتّفاق وقف إطلاق النار.

العميد الركن خالد حماده - اللواء

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا