ماذا يخفي التصويب على عون؟

بدأ الموفد الأميركي توم برّاك برفع وتيرة لهجته تدريجياً، في معرض مخاطبته المسؤولين اللبنانيين عبر منصة «إكس»، محذّراً من أنّه طالما احتفظ «حزب الله» بالسلاح فإنّ التصريحات لن تكون كافية. لكن اللافت انّ هناك في الداخل أيضاً من باشر التصويب على رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون مباشرة.
لوحظ في الفترة الأخيرة انّ بعض الجهات الداخلية التي تستعجل التخلص من سلاح «حزب الله»، راحت توجّه سهامها وانتقاداتها إلى عون على نحو واضح، وصولًا إلى إبداء خيبة الأمل الصريحة في العهد، لأنّه لم يتخذ بعد أي خطوات او قرارات عملية في اتجاه نزع سلاح الحزب.
واللافت انّ بين المعترضين على سلوك عون، مَن كانوا قد أشادوا بخصاله ونظّموا قصائد التبجيل به بعد انتخابه رئيساً للجمهورية، وكأنّ هؤلاء أرادوا عبر تحولهم وانعطافتهم، إعطاء إشارة إلى أنّ فترة السماح انتهت، وانّ لا حصانة دائمة للعهد حتى لو كان عنوانه هو جوزاف عون.
ويروّج المعترضون على سلوك عون بأنّه يهادن «حزب الله» ويسايره بينما كان المنتظر منه، وفق توقعاتهم، ان يكون حازماً وحاسماً في تنفيذ مطلب حصرية السلاح، حتى لو أدّى ذلك إلى مواجهة مع الحزب.
وبهذا المعنى، يبدو أنّ هناك في الداخل من قرّروا ان ينصّبوا أنفسهم «لجنة فاحصة»، تتولّى إخضاع السلطة عموماً، ورئيس الجمهورية خصوصاً، إلى امتحانات يومية في مادة «نزع السلاح»، ثم يتمّ على أساسها إعطاء العلامات التي غالباً ما تكون تحت المعدل وفق «باريم» المتحمسين لحرق المراحل.
اما المطلعون على حيثيات موقف عون، فيؤكّدون انّه يتصرف كرئيس لكل لبنان وليس لفئة دون سواها، وبالتالي فهو معني انطلاقاً من موقعه بحماية السلم الاهلي وبمقاربة الصورة الكاملة للواقع الداخلي من كل زواياها وأبعادها، في حين انّ البعض يريد دفعه إلى مغامرة غير محسوبة.
ويعتبر هؤلاء انّ الهجوم الذي يستهدف عون انما ينطوي على كثير من التجني، لافتين إلى انّ دوافع هذا الهجوم متأتية من حسابات شعبوية ومزايدات سياسية ترتبط بالاستعداد للانتخابات النيابية المقبلة لدى بعض القوى المعروفة.
ويدعو المدافعون عن نهج عون إلى أخذ العبرة مما جرى في سوريا أخيراً، حيث حاول الرئيس احمد الشرع نزع سلاح دروز السويداء بالقوة، فكانت النتيجة نزاعاً اهلياً وفوضى عارمة استغلتهما إسرائيل لخدمة مصالحها، وكادا يأخذان سوريا إلى المحظور.
ويتساءل أصحاب هذه المقاربة: من هو ذاك القبضاي الذي يستطيع نزع سلاح «حزب الله» بالقوة؟ فليشمر عن زنوده ويرينا ما الذي يستطيع فعله؟
ويوضح المقتنعون بسلوك عون، انّه يعوّل على الحوار والتفاهم لمعالجة ملف السلاح، على قاعدة تحصين الاستقرار الداخلي، وليس المجازفة به، لافتين إلى خطورة زجّ الجيش في مواجهة عسكرية مع «حزب الله»، لأنّ مثل تلك المواجهة سترتب تداعيات وخيمة.
ويستعيد المحذّرون من هذا السيناريو تجربة انقسام الجيش خلال ولاية الرئيس امين الجميل، نتيجة عدم مراعاة خصوصية نسيجه ودقة تركيبته آنذاك، معتبرين انّه يجب الإتعاظ من الدروس وعدم تكرار وصفات مجرّبة أثبتت إخفاقها.
ويعتبر دعاة الواقعية والحكمة في التعاطي مع قضية السلاح، أنّ الحرب الإسرائيلية، على أهوالها، تبقى اقل سوءاً من الحرب الداخلية التي من شأنها أن تنسف مرتكزات الدولة. ويلفتون إلى انّ التزام الجانب الإسرائيلي باتفاق وقف إطلاق النار والانسحاب من الأجزاء الجنوبية المحتلة والكف عن الاعتداءات والخروقات وإطلاق الأسرى، سيعزز موقف الرئاسة وسيعطي قوة دفع للبحث في حصرية السلاح.
عماد مرمل - الجمهورية
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|