الصحافة

حصار السويداء واقع تؤكده شهادات أهل المدينة: لماذا تنفيه الحكومة السورية؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

قد يكون من الواجب اليوم الإعتراف بإن الهوية والإنتماء السوريين قد دخلا مرحلة «الصراع على البقاء»، وإذا ما كانت هناك كتلة وازنة من السوريين، بمختلف تياراتهم ونخبهم وأحزابهم، تعمل كما «الرافعة» في انتشال كلاهما من الغرق، فإن كتلة، وازنة هي الأخرى، تشد بالأولى نحو أسفل، ولربما يطول الوقت قبيل أن تتضح محصلة الصراع بين الكتلتين، وإذا ما كانت لمعركة «الشد» آنفة الذكر أذرع خارجية، متراصفة هي الأخرى على جانبيها، فإنه يبدو صعبا تحديد تراصف «السلطة» التي يبدو «اتجاه شدها» عصيا على الفهم، فتارة يلحظ على سلوكها «تشجيع» هذا «الفريق»، ثم يلحظ، في أحيان أخرى، سلوكا يشي بـ «تشجيع» الفريق العامل على الجبهة الأخرى، وإذا ما كان الأمر غير ذلك، فكيف يمكن فهم سياسات الحكومية السورية المتبعة في أعقاب الإعلان عن اتفاق وقف» إطلاق النار»، الحاصل في السويداء منذ يوم الإثنين في الحادي والعشرين من شهر تموز الفائت؟

في اليوم التالي لهذا اليوم الأخير بدأت الأخبار الواردة من السويداء تشير إلى إن «احتياطي الطحين والوقود والعديد من المواد الغذائية «في المدينة قد «تجاوز الخط الأحمر»، بعيد «استهداف المهاجمين لصوامع القمح في قرية أم الزيتون»، وبعيد «منع الحواجز لمرور أي كمية من الوقود مهما صغر حجمها»، وفقا لصفحات ناشطين، ووفقا لصفحة «السويداء 24» المحلية، واللافت هنا أن طريقة التعاطي تلك لا تشير إلى وجود نوايا بتجاوز التداعيات التي خلفتها الأحداث الدامية التي تعرضت لها المدينة، وريفها، على امتداد نحو أسبوع. تقول أليس مفرج، وهي عضوة «هيئة التفاوض العليا» السورية السابقة وابنة مدينة السويداء، في منشور لها 27 تموز «نطالب مجلس الأمن والأمم المتحدة بإلزام السلطات الإنتقالية السورية بشكل جدي وفوري للسماح بدخول أعضاء لجنة التحقيق الدولية المستقلة حول سوريا (COI)، و الآلية الدولية المحايدة والمستقلة (IIIM) إلى محافظة السويداء وباقي المناطق السورية، والبدء بجمع الأدلة المتعلقة بجميع إنتهاكات حقوق الإنسان، بما فيها عمليات القتل خارج نطاق القضاء»، ومن المؤكد هو أن تلك الدعوة تمثل أساسا من النوع الذي يمكن البناء عليه، إذا ما حسنت نيات الخارج وكذا نظيرتها عند الحكومة السورية، والإنطلاق للمحافظة على بقايا «خيوط الربط» الممسكة، بوهن، بين أجزاء النسيج السوري، ففي أعقاب انتشار الأخبار عن تصاعد الحصار المفروض على السويداء أعلنت العديد من النقابات المدنية والمهنية في هذي الأخيرة عن «قطيعتها مع النقابات المركزية في دمشق»، كما أعلن «مجلس نقابة المحامين» عن استقالة أعضاءه بالكامل «احتجاجا على ما يجري»، أما نقابة المهندسين فأصدرت بيانا نعت فيه العشرات من كوادرها الذين قضوا إبان أحداث العنف التي تعرضت لها المحافظة، ومثلها فعلت نقابتي المهندسين الزراعيين والأطباء البيطريين، والجميع أكد في بياناته «رفضه التجييش، والدعوات التكفيرية، وإيقاف التعامل مع المركز (دمشق) ريثما يزول الفكر المتطرف الذي يحتكرها»، وعلى الرغم من كل ذلك قالت الحكومة، على لسان نور الدين البابا، المتحدث باسم وزارة الداخلية، يوم 30 تموز، إن «مزاعم حصار السويداء كاذبة ومضللة»، وأضاف إن «الحكومة فتحت ممرات إنسانية لإدخال المساعدات وخروج المدنيين»، وفي محاولة للوقوف على الوضع الراهن أجرت «الديار» اتصالين مع كل من جميل حاتم، مؤسس «تجمع الشأن العام والسلم الأهلي»، و كمال العفلق، ناشط مدني، وكلاهما مقيم بالسويداء .

يقول العفلق في رده على تصريح البابا، آنف الذكر، إن «مجرد الإعلان عن فتح معابر فهذا اعتراف بوجود حصار»، وأضاف أن «المعبر الوحيد الذي يصل المحافظة بمحيطها هو بصرى الشام»، قبيل أن يتابع فيقول إن «وسائل إعلام السلطة، التي تصور عشرات الشاحنات على ذلك المعبر وهي تنتظر الإذن بالدخول، تعمل على تصدير مشهد مضلل للخارج، لأن ما يدخل منها لا يزيد عن شاحنتين أو ثلاث يوميا، وهي بالكاد تحمل ما يكفي من حاجة بضع أفران وثلاثة مشافي لا تزال قيد الخدمة للتشغيل»، أما جميل حاتم فقدم صورة أشد سوادوية من تلك التي سبقتها، وقال «هناك حصار مطبق على السويداء، وكل ما يقوله المسؤولون في الحكومة عار عن الصحة»، وأضاف إن «قوات الحكومة، التي تحاصر المحافظة، لا تزال تمنع وصول المساعدات إلا بالحد الأدنى لتشغيل بعض الأفران وخدمة ثلاثة مستشفيات فقط»، وأضاف حاتم «طوابير الخبز وصلت إلى حدود غير مسبوقة في تاريخ السويداء، أما حركة السير فهي شبه مشلولة على وقع الشح في المحروقات، والعديد من المتاجر أغلقت أبوابها جراء خلوها مما تبيع»، قبيل أن يتابع حديثه فيقول «ثمة مشكلة أكبر لا يجري تسليط الضوء عليها، فالمحافظة الآن مهددة بخطر انتشار الأوبئة التي يمكن أن تنتج عن بقاء عشرات الجثث في العراء دون دفن، ولعل بقاءها يعتبر دليلا دامغا على شدة الحصار، حيث من المستحيل الوصول إليها بفعل المخاطر الأمنية التي يمكن أن تنجم عن الفعل>.

أعلنت منظمة «الهلال الأحمر» الدولية، يوم 28 تموز الفائت، عن تسيير قافلة إغاثات قالت إنها الرابعة حتى تاريخه، وقالت المتحدثة باسمها في حديث مع «سكاي نيوز»، إن «القافلة ضمت 40 طنا من الطحين، و27 ألف ليتر من المحروقات»، وأضافت «لكن المحافظة بحاجة إلى أكثر من ذلك بكثير»، كما سجلت في سياق حديثها شهادة تقول «حين مرور القافلة من معبر بصرى الشام إلى قلب المدينة كانت آثار العنف شاهدة، والمحال التجارية مغلقة، والحياة معطلة تماما»، كما ذكرت إن هناك» نحو 60 ألف شخص تركوا منازلهم»، في الوقت الذي أكد فيه مدير «وحدة التواصل والإعلام» في المنظمة، عمر المالكي، إن «المنظمة سوف تستمر في تسيير قوافلها لتلبية احتياجات العائلات وتخفيف معاناتها»، وإن المنظمة تدعو الحكومة السورية إلى «إعادة الخدمات العامة من ماء وكهرباء واتصالات وخدمات طبية» إلى المدينة وريفها، أما الأكاديمي يحيى العريضي، عميد كلية الإعلام بدمشق زمن النظام السابق والمعارض للأخير لاحقا وابن مدينة السويداء، فقال في لقاء على «هاشتاغ»، 28 تموز الفائت، إن «قوات الحكومة تشترط على بعثات الهلال الأحمر حضورها من انطلاقة القافلة إلى حين توزيعها، وهذا بالتأكيد عمل معيق لعمل تلك البعثات»، وأضاف في شهادته إن «34 قرية، هي ربع قرى محافظة السويداء، توحي مناظرها وكأن المغول أو التتار قد مروا بها»، قبيل أن يضيف إن «فاجعة السويداء كانت السبب الرئيسي وراء إطلاق (جبهة الإنقاذ السورية)»، التي كان العريضي أحد الموقعين على بيانها التأسيسي .

تؤكد السردية السابقة على أمرين اثنين، أولاهما أن المدينة تعيش أوضاعا صعبة تستدعي تدخلا حكوميا سريعا، أو أقله عدم إعاقة المنظمات الدولية التي عبرت عن استعدادها في المساعدة، وثانيهما الإعتراف بأن ثمة وجودا لـ»حصار» مفروض على المدينة، وهو، بهذا السبب أو ذاك، كما «السكين» الحادة أمام «قالب زبدة»، بحيث لا يلزم، للـ»الأيادي» الممسكة بقبضتها، كثير جهد تبذله للقيام بفعل من ذلك النوع .

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا