مداهمات بعلبك كسرت "الخطوط الحمراء" في لبنان
شن الجيش اللبناني مداهمات استهدفت تجار مخدرات في منطقة نفوذ لـ"حزب الله"، شرقي البلاد، غداة اتخاذ مجلس الوزراء قرارا بحصر السلاح بيد الدولة، في تطور يراه محللون سياسيون بداية لـ"الاستقلال" عن النفوذ الإيراني الذي عانت منه البلاد لعقود.
ولم تكن المداهمات مجرد حملة أمنية ضد مجرمين، بل خطوة سياسية مدروسة جاءت غداة قرار يقضي بحصر السلاح بيد الدولة، وهو ما يراه مراقبون "كسرا فعليا لخطوط حمراء" ظلت قائمة منذ نهاية الحرب الأهلية، عندما بقي "حزب الله" خارج سلطة الدولة تحت عناوين سرعان ما تحولت إلى غطاء سياسي وأمني واقتصادي لدويلة موازية تتسع على حساب مؤسسات الجمهورية.
وذكرت وسائل إعلام لبنانية أن الجيش قتل المطلوب البارز، علي زعيتر المعروف بـ"أبو سلة" وآخرين في منطقة الشراونة في بعلبك.
وقال المحلل السياسي اللبناني جورج حايك إن الخطوات التي بدأتها الدولة اللبنانية، ولا سيما بعد انتخاب الرئيس جوزيف عون، تمثل "منحى جديداً لاستعادة الهيبة وبسط السيطرة على كامل الأراضي"، مشيراً إلى أن "ما قامت به الحكومة كان يجب أن يحصل منذ زمن بعيد".
وأوضح حايك، في حديث لـ"إرم نيوز"، أن الحكومة الحالية بدأت بتطبيق القرار الصادر أمس عبر ملفات صغيرة تتعلق بالمطلوبين وشبكات التهريب والعشائر المسلحة على الحدود، لافتاً إلى أن "هذه المجموعات لم تكن بعيدة عن ارتباطات مع دويلة حزب الله"، على حد تعبيره.
وأضاف: "هذه ملفات تاريخية كانت الدولة تتجنب الصدام معها منذ الاستقلال، لكنها اليوم تتحرك بحزم لاستعادة حصرية السلاح وإلغاء وجود أي قوة مسلحة خارج مؤسسات الدولة".
واعتبر حايك أن القرار الحكومي موجّه بالدرجة الأولى إلى "حزب الله"، مؤكداً أن "رفض الحزب لهذا القرار وتحديه لمجلس الوزراء ورئيس الجمهورية، يعكس رغبة في إبقاء السلاح خارج سلطة الدولة".
وأردف قائلاً: "الحكومة حددت مهلة زمنية حتى نهاية العام لحصر السلاح، لكن لا نعرف إن كانت إسرائيل ستنتظر هذه المهلة، فالوضع متوتر والحزب يبدو وكأنه يجر لبنان لمواجهة خطيرة".
وعبر عن أمله بأن "يتحلى حزب الله بالوعي، وألا يذهب إلى مغامرة خاسرة سواء مع إسرائيل أو مع الدولة، فالمواجهة الآن لن تكون لصالحه ولن يربح لبنان من ورائها شيئاً".
بدوره، رأى الكاتب والمحلل السياسي اللبناني أمين بشير أن ما جرى في جلسة الحكومة الأخيرة يشكّل تحولا مفصليا في المشهد السياسي اللبناني، قائلاً: "الواضح أن الدولة، بعد جلسة أمس، اتخذت قراراً واضحاً بفصل لبنان وقراره السياسي عن إيران، ورفع وصاية حزب الله وسلطته عن القرار الوطني".
وأشار بشير في حديث لـ"إرم نيوز" إلى أن هذا التوجّه بدأ يتجلى بخطوات عملية على الأرض، أبرزها المداهمات الأمنية في بعلبك التي طالت تجار مخدرات محميين، كانوا "يتغطّون بمسؤولين من حزب الله أو يستفيدون من غطاء سياسي أو جغرافي داخل بيئة الحزب".
وأضاف: "حتى لو أن القرار سياسي من حيث المبدأ، إلا أنه ورد صراحة في البيان الوزاري وتحوّل إلى قرار رسمي داخل مجلس الوزراء، ومع الوقت، ستظهر مؤشرات على أن لبنان بدأ فعلاً برفع يد إيران عن قراره السياسي، ويتحرك لضبط كل من يخالف القانون والدولة".
وأكد بشير أن هذا المسار قد انطلق فعلاً، قائلاً: "بدأ المسار، وعلينا أن نرى إلى أين سيصل".
وتابع: "حزب الله اعتبر أن القرار غير موجود، لكنه قرار قائم فعلياً وننتظر إلى أين سيتجه".
وقال: "ما يجري هو رسالة واضحة إلى حزب الله وبيئته، مفادها أن من كانوا سابقاً في حماية الحزب، سواء بالانتماء أو بالنفوذ الجغرافي، لم يعد بإمكانهم الاحتماء بقوته لمخالفة القانون. فالدولة بدأت تقول كلمتها".
وكان حزب الله الأربعاء أكد أنه سيتعامل مع قرار تجريده من سلاحه "كأنه غير موجود"، متهما الحكومة اللبنانية بارتكاب "خطيئة كبرى"، بعد تكليفها الجيش وضع خطة لنزع سلاحه قبل نهاية العام، في خطوة وصفها خصوم الحزب بـ"التاريخية".
وأعلن رئيس الحكومة نواف سلام الثلاثاء "تكليف الجيش اللبناني وضع خطة تطبيقية لحصر السلاح قبل نهاية العام الحالي بيد الجهات المحددة في إعلان الترتيبات الخاصة بوقف الأعمال العدائية وحدها"، على أن يتم "عرضها على مجلس الوزراء قبل 31 من الشهر الجاري لنقاشها وإقرارها".
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|