الصحافة

بري منزعج والحزب مستاء: وزراء "الثنائي" بين الغياب والانسحاب

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

ربطًا بالأجواء المتوترة التي خلّفتها قرارات الحكومة عقب جلستها الأخيرة، فمن المتوقع أن تشهد جلسة اليوم سجالًا أوسع وربما أكثر حدّة، بالنظر لما هو مطلوب، أي مناقشة ورقة الموفد الأميركي توم باراك بالصيغة التي وردت، حيث يُمنع المسّ ببنودها أو تعديلها. ورقة يعتبرها حزب الله صك استسلام، بينما سيبني رئيس مجلس النواب نبيه بري على الشيء مقتضاه، فيما يعود لجلسة اليوم.

لم يكن نهار بري مريحًا بالأمس، يشعر، كما حزب الله، بالانقلاب على التفاهمات. ويتحدث الثنائي عن وجود إصرار على الانتقال بالبلد إلى حال من التوتر لجرّ حزب الله إلى مواجهة داخلية. أسئلة كثيرة طرحها طرفا الثنائي لم تجد من يجيب عنها. بيانا حزب الله وأمل المنفصلان حملا ما فاض من العتب، وكالا الاتهامات بحق رئيس الحكومة، بعد تحييد رئيس الجمهورية جوزاف عون. لكأنّ الثنائي يشعر بما هو آتٍ، وما حصل يحمل مؤشرات خطيرة، والآتي قد يكون أعظم. العين على البقاع واستعانة الجيش بالمسيّرات لملاحقة تجار المخدرات. هذه أيضًا رسالة. فهل نصل إلى يوم تتم فيه ملاحقة سلاح الحزب بهذه الطريقة؟ سيناريوهات الرعب سلكت طريقها للثنائي وجمهوره، وبات نقاش السلاح، حتى ضمن الاستراتيجية الدفاعية، صعبًا.

صدمة الانقلاب على الاتفاق

كل ما شهدته جلسة مجلس الوزراء الأخيرة تمّ من خارج ما هو متفق عليه، حسب الثنائي. كانت الاتصالات قد أفضت إلى أن حصرية السلاح ستُطرح على طاولة البحث، لكن ليس لاتخاذ قرار مرفق بجدول زمني بالشكل الذي أُقرّ فيه. عشية الجلسة، تكثّفت المشاورات واللقاءات بين الرئاستين الأولى والثانية. تلقّى حزب الله وعدًا بأن البحث لن ينتهي إلى إقرار جدول زمني. كان ذلك مستبعدًا بالنظر إلى حصيلة مداولات رئيس الجمهورية جوزاف عون، الذي نبّه رئيس كتلة الوفاء للمقاومة محمد رعد إلى ضرورة أن يخطو الحزب خطوة بهذا الاتجاه، فكان ردّ الآخير أن طرح الموضوع على مجلس الوزراء يمكن أن يؤجّج التوتر وينتهي إلى تشنّج.

يروي الثنائي أن الأمور كانت إيجابية حتى زيارة رئيس الحكومة نواف سلام إلى بعبدا، وإصراره على طرح البند للنقاش والتصويت عليه داخل الجلسة. هنا أيضًا كان الاتفاق على النقاش من دون الإقرار. يشعر الثنائي بالانزعاج. رئيس مجلس النواب عبّر عن استيائه، ونقل عنه زواره قوله إن ما جرى يؤكد أن الأولوية بالنسبة إليهم ليست حصرية السلاح، وإنما الاصطدام الداخلي وفرط البلد. كانت لدى بري معطيات معاكسة لما شهدته الجلسة، ولم يكن في جو أن يُطلب من الجيش إعداد خطة مشروطة بجدول زمني لتسليم السلاح.

وزراء أمل: حضور للنقاش

في جلسة اليوم، قرر بري مشاركة وزراء أمل للنقاش حول ورقة باراك بصراحة ووضوح. يتأمل بري أن تصوب جلسة اليوم وتصحح خلل الجلسة التي سبقتها، واذا لم يحصل وتم إقرار الورقة بالصيغة التي هي عليه، فحينها سيصطدم بـ"عدم توافر شرط الميثاقية"، والميثاقية هنا قبل الدستور. اكتمال  السيناريو  سيكون من أكبر المحرمات، وعندها  سيكون انسحاب وزراء الثنائي احتمالاً وارداً. المطلوب من وجهة نظر بري حد أدنى من الواقعية، "وإلّا فاستتروا"، أما إذا أصرّوا على الذهاب بالسيناريو إلى الآخر، فليُنفّذوا ما أقرّوه إن استطاعوا.

وإذا كان بيان حركة أمل مخففًا نوعًا ما، فإن ما قاله حزب الله في بيانه شافٍ ووافٍ، ويعبّر عن فيض غضب مما أقرّته "حكومة نواف سلام". وليست الإشارة إلى الاسم إلا مضبطة اتهام لرئيس الحكومة، الذي نفّذ، على حد اعتبار الثنائي، الأجندة الخارجية المطلوبة لسحب سلاح المقاومة. 

من مآخذ الحزب على سلام أنه استند في تبريره إلى فقرة اتفاق الطائف كما وردت في ورقة باراك، وأنه لم يأخذ بالاعتبار وجود عدوان إسرائيلي مستمر على لبنان. كان بإمكان الحكومة إيجاد أكثر من صيغة للنقاش بشأنها، والاستفادة بطلب ضمانات لتطبيق الورقة أو وقف العدوان.

عندما زار سلام بعبدا، أبلغ عون إصراره على طرح الموضوع على التصويت رافضًاً التأجيل. تبلّغ بري بالمستجدات، وأدار محركاته ما بين بعبدا وحارة حريك. أجواء تطمينية بأن البحث سيُرجأ، ولن يتم التصويت أو الخروج بقرار. استمرت هذه التطمينات داخل الجلسة، وحين سأل أحد وزراء الثنائي عن المنحى، كانت الإجابة بالتأجيل، إلى أن جرى العكس تمامًا، ما اضطر وزراء الثنائي إلى الانسحاب. وما توافر لدى الثنائي عن مجريات الجلسة أنها كانت من المرات النادرة التي تكون فيها الكلمة الفصل لرئيس الحكومة ووزرائه، الذين أداروا الجلسة بالتناغم مع القوات والكتائب. والغريب أن النقاش لم يتطرق إلى الورقة اللبنانية التي وعد رئيس الجمهورية بمناقشتها، وقد جاءت الجلسة مناقضة لكل ما قيل. يستغرب الثنائي الإصرار على صدور قرار عن مجلس الوزراء، فيما كان يمكن مواصلة البحث في جلسة اليوم. ولماذا تم إيكال الجيش بالمهمة وتحديد مهمته بمهلة زمنية؟ وهل المطلوب في نهاية المطاف جرّ الجيش للتصادم مع حزب الله؟ ولماذا لم يُكلّف الجيش بإعداد خطة تُناقش في الحكومة من دون المرور على تحديد فترة زمنية لسحب السلاح أواخر السنة، وهو ما يتطابق مع ورقة باراك؟

حضور وزراء الحزب غير محسوم

وإذا كان حزب الله قد عبّر عن استيائه مما حصل، فإن حضور وزرائه جلسة اليوم ليس محسومًا. وهو وإن كان قد تعاطى مع ورقة باراك على أنها ورقة إسرائيلية رفض مناقشتها منذ البداية، فقد لا يجد ضرورة لمشاركة الحكومة في نقاشها اليوم. وليس مستبعدًا اقتصار الحضور على وزراء أمل دون الحزب. وحتى ساعات المساء، لم يكن الأمر قد انتهى إلى اتفاق نهائي بين طرفي الثنائي بهذا الشأن.

يعني إقرار ورقة باراك كما هي في جلسة اليوم، حسب الثنائي، انصياعًا لبنانيًا بالكامل للإرادة الأميركية، في ظل غياب الضمانات لفرض المزيد من الشروط على لبنان.

رغم كل ما مُني به، يلتزم حزب الله الهدوء، ويدرك أن الغاية هي جرّه إلى صدام داخلي لنزع الشرعية الداخلية عنه. قد تكون خياراته محدودة، لكنه لن ينجَرّ لفتح معركة داخلية، ويؤكد على ثبات العلاقة مع رئيس الجمهورية، ويعتبر أن الحكومة أقرّت خطوات لم تُدرك عواقبها وخطورتها. "لن ينجَرّ الحزب إلى حيث يريدون جره، والحكمة أن يتحلى بالهدوء والتروي لتجاوز المرحلة"، ولكن تبقى المشكلة في ما سيقوم به الجيش فيما يخص الخطة المطلوبة منه وكيفية تنفيذها فيما بعد. 

هي مرحلة دقيقة، بالغة الحساسية، تقتضي التروي وعدم الانجرا إلى لعبة الشارع أو الاستفزاز، الخيارات ليست كثيرة، لكن المطلوب التروي وإبقاء خطوط الود موصولة.

غادة حلاوي - المدن

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا