الصحافة

هل بات الحزب أمام جوزف عون آخر؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

منذ قرار حكومة الرئيس نوّاف سلام يوم الثلاثاء، يتردّد أنّ التواصل مقطوع تماماً بين الرئيس جوزف عون وقطبَيْ الثنائية الشيعية الرئيس نبيه برّي و”الحزب”. اكتفى “الحزب” إلى الآن ببيان رفض تكليف الجيش وضع خطّة لحصر السلاح في يد الدولة، محتفظاً، على ما يوحي على الأقلّ، بأوراق أخرى في يده ويد حركة أمل، تتدرّج في سلّم السلبيّة: مقاطعة جلسات مجلس الوزراء، احتفاظه بورقة الاستقالة من الحكومة في انتظار أوانها، ذهاباً إلى تجييش الطائفة من تحت ومن فوق وراءه، انتهاءً بهيئاتها الدينية، وصولاً إلى فتوى سياسية إيرانية عبّر عنها بالأمس وزير الخارجية الإيراني تحرّم تجريده من السلاح.

أرسل قرار حكومة الرئيس نوّاف سلام تكليف الجيش وضع خطّة إجرائية لحصر السلاح في يد الدولة اللبنانية، ينتهي تطبيقها في نهاية السنة، أكثر من رسالة إلى الخارج والداخل في آن:

– أولاها: تأكيد صدقيّة رئيسَي الجمهورية والحكومة اللبنانية في الإيفاء بالالتزامات التي قطعاها حيال هذا البند، وجدّيّة ذهابهما إلى أبعد من النصوص، وهو وضع الالتزامات موضع التنفيذ. وقد يكون ذلك الامتحان الأقسى في الجلسة المقرّرة في 31 من الجاري عندما تصبح أمام قرار التصويت على خطّة الجيش: متماسكة متضامنة، أم يُصار إلى تعطيل الجلسة وتحوُّل قرارها إذّاك حبراً على ورق يبقى في أدراج قيادة الجيش.

استعادة قرار الحرب والسّلم

– ثانيتها: لم تكن جلسة الثلاثاء في حاجة ملزمة إلى التصويت على قرار مُصوَّتٍ عليه في الأصل مرّتين: عندما أقرّ مجلس الوزراء البيان الوزاري، وعندما حازت حكومة سلام ثقة البرلمان بناءً عليه، على أنّ ذاك البند جزء لا يتجزّأ منه، بحضور ممثّلي الكتل الموزَّرة.

– ثالثتها: ليس إيكالها إلى الجيش وضع خطّة تنفيذية لحصر السلاح في يد الدولة، معهودٍ إليه تطبيقها، سوى مؤشّر على أنها استعادت قرار السلم والحرب الذي لا يحتاج إلى التصويت عليه في مجلس الوزراء بغالبيّة الثلثين، تبعاً لِما تنصّ عليه المادّة 65 في الدستور. مرجعيّة التنفيذ في شمال نهر الليطاني وفي كلّ الأراضي اللبنانية هي نفسها، ووحدها، المنوط بها ما يُفترض أنّه خطّة جمع السلاح وبسط سلطة الدولة. أمّا ما لا يزال غامضاً إلى الآن فالالتباس المحيط بها: خطّة عسكرية يضعها الجيش لم تحظَ سلفاً بغطاء سياسي كامل يكفل نجاح تطبيقها، خصوصاً لدى الفريق الرافض المشمول بها. ما يستدرج سؤالاً لا يقلّ أهميّة وهواجس: يطبّقها الجيش بالتراضي أم بالقوّة؟

– رابعتها: الطلب من قيادة الجيش وضع الخطّة في مهلة تنتهي آخر هذا الشهر أصاب عصفورين بحجر واحد: الأوّل تقييد لخطّة حصر السلاح بمهلة ملزمة لإنجازها وأخرى مقيِّدة لانتهاء تطبيقها، وهو ما يضفي طابع العجلة عليها. والثاني منع إحالة القرار إلى المجلس الأعلى للدفاع كي يناقشه، ويفتح بعدئذٍ أوسع الأبواب على آراء متناقضة لا تنتهي حتماً إلى التوافق عليه في مؤسّسة لا تملك أن تقرّر. مع أنّه أعلى هيئة سياسية عسكرية أمنيّة تبعاً للسلطات المنضوية في عضويّته، بيد أنّ مآل دوره يقتصر على التقدّم فحسب بتوصيات، لا تصبح سارية إلّا بعد موافقة مجلس الوزراء الذي يتقدّم عليه بصفته السلطة الإجرائية الجماعية المقرِّرة. يأتي الدستور على ذكر المجلس الأعلى للدفاع مرّتين عابرتين كأحد اختصاصات رئيس الجمهورية في المادّة 49 على أنّه رئيسه، ورئيس مجلس الوزراء في المادّة 64 على أنّه نائب رئيسه.

– خامستها: صوّب “الحزب” في بيان الأربعاء على حكومة سلام، نائياً بموقفه المتشدّد ورفضه قرارها والتسليم بتطبيقه، عن الرئيس جوزف عون الذي رأس جلسة اليوم السابق واتّخذ القرار بتفاهمه مع رئيس الحكومة، علاوة على أنّه الأب الأوّل لقرار حصر السلاح في يد الدولة مذ أطلقه في خطاب القسم، ووافق “الحزب” على دخول حكومة سلام بعد تعهّداتها للخارج والداخل في آن بإدراج حصر السلاح في بيانها الوزاري. على الرغم من نبرة الرفض في بيان الأربعاء وخروج وزيرَيْ “الحزب” وحركة أمل من جلسة الثلاثاء احتجاجاً، لم يوصد “الحزب” الباب في وجه الرئيس أو جهر بقرار عزمه على فرض منع تنفيذه وإن بالقوّة.

حليف في مواجهة الضّباع؟

– سادستها: وقد يكمن سرّ قرار حكومة سلام في دلالة تحوّل موقف رئيس الجمهورية في عيد الجيش عندما سمّى، للمرّة الأولى، “الحزب” في معرض تأكيد المضيّ في خطّة حصر السلاح في يد الدولة. حتّى ذلك الوقت تفادى الإتيان على ذكر “الحزب” مراعاة لحوار كان يجريه معه بالتركيز على ما اقترحه في خطاب القسم، وأقرن حصر السلاح باستراتيجية أمن وطني من ضمنها استراتيجية دفاعية. ما عناه قرار حكومة سلام أخيراً طيّ ذاك الاقتراح نهائيّاً.

أوّل مَن ألغى مفاعيل الاستراتيجية الدفاعية هي الورقة الأميركية بدعوتها إلى مباشرة تجريد “الحزب” من سلاحه من ضمن روزنامة مدروسة تفصيليّة. تبنّى مجلس الوزراء مبدأ الروزنامة بإيكال برمجة الخطوات الإجرائية التالية إلى الجيش، مع الأخذ في الاعتبار خصوصيّة الوضع اللبناني. فسّر “الحزب” الاستراتيجية الدفاعية بأنّها فرصة تمكّنه من الاحتفاظ بسلاحه دونما استقلاله بقرار استخدامه. ما انتهى إليه قرار حكومة سلام إخراج الجيش من بازار سلاح لا “الحزب” تخلّى عنه ولا الجيش وضع يده عليه.

– سابعتها: ليس قليل الأهميّة ما يدور في أوساط “الحزب” منذ الثلاثاء من خيبة أمل فاجأهم بها موقف رئيس الجمهورية. حتّى ذلك الوقت عدّه “الحزب” حليفاً له في مجلس الوزراء في مواجهة “الضباع” المعادين له، وهم وزراء حزب القوّات اللبنانية وحزب الكتائب والحزب التقدّمي الاشتراكي ووزراء رئيس الحكومة، المستعجلين للتخلّص من سلاح “الحزب”. لم يُخوِّنه، إلّا أنّه لا يكتم أنّه أضحى الآن، منذ خطاب عيد الجيش، أمام جوزف عون آخر لم يعد يشبه الذي عرفه واطمأنّ إليه.

نقولا ناصيف - اساس ميديا

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا