سلطة أحمد الشرع بعد 8 أشهر: الدعم الخارجي لا يلغي الفشل الداخلي؟!
على الرغم من مرور 8 أشهر على إسقاط النظام السوري السابق، ما قاد إلى ولادة السلطة الإنتقالية الجديدة برئاسة أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني)، لا تزال تُطرح الكثير من الأسئلة حول مستقبل الأوضاع في دمشق، خصوصاً أن هذه السلطة كانت قد تعرضت لمجموعة واسعة من التحديات الداخلية، التي لم تنجح في التعامل معها، بل كرست حالة من الإنقسام التي ليس من السهل معالجتها في وقت قريب.
حتى الآن، لا تزال هذه السلطة تراهن على الدعم الخارجي الذي تحظى به، خصوصاً أن العديد من الجهات الدولية والإقليمية الفاعلة ترى أنها الأكثر قدرة على منع الذهاب إلى المزيد من الفوضى، بالرغم من كل ما حصل في الأشهر الماضية، من دون تجاهل أن معظم تلك الجهات لم تخرج، بالنسبة إلى كيفية النظر إلى الملف السوري، عن منطق الصراع على النفوذ مع إيران.
إنطلاقاً من ذلك، من الضروري التوقف عند الإحصاء الذي اعلن عنه المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس، حيث كشف أنه وثق مقتل 9889 شخصاً في مختلف أنحاء سوريا، خلال الفترة الممتدة من 8 كانون الأول 2024 وحتى 6 آب 2025، نتيجة استمرار أعمال العنف والانتهاكات على يد جهات محلية وخارجية، إلى جانب الفوضى الأمنية العارمة، موضحاً أن بين الضحايا، سقط 7449 مدنياً، منهم 396 طفلا و541 سيدة، مما يعكس هشاشة الواقع الأمني، والخطر المتزايد على الفئات الأضعف في المجتمع.
في هذا السياق، تشير مصادر متابعة، إلى أن الأخطر من كل ذلك هو أن السلطة الموقتة لم تنجح في تقديم أي تطمينات إلى مختلف المكونات السورية، بل على العكس ساهمت في زيادة الشرخ المجتمعي، الأمر الذي من الطبيعي أن ينعكس على نظرة تلك المكونات إلى شكل الدولة المستقبلي.
في هذا الإطار، تلفت المصادر نفسها إلى أن المجازر في الساحل دفعت العلويين للمطالبة بالحماية الدولية والإدارة الذاتية، بينما الدروز، بعد أحداث السويداء، عملوا على ترجمة ذلك على أرض الواقع، من خلال الإعلان عن تشكيل لجنة تتولى إدارة المحافظة، في حين يبقى الأهم هو عدم معالجة ملف المفاوضات مع "قوات سوريا الديمقراطية"، التي تعتبر الأكثر قوة وتنظيماً.
هنا، قد يكون من اللافت أن هذه السلطة، قبل إكمال عامها الأول، بدأت تواجه الكثير من الأسئلة حول قدرتها على الإستمرار، ليس نتيجة الخلافات الخارجية حولها، نظراً إلى أنها تحظى بدعم كبير لا يستهان به، بل نتيجة الواقع الداخلي، الذي بات يدفع العديد من الأصوات، التي كانت في الأصل معارضة للنظام السابق، إلى التشكيك بقدرتها على البقاء أكثر من أشهر.
هنا، تذهب المصادر المتابعة إلى الحديث عن مجموعة من الملفات، التي تهم القوى الخارجية الداعمة لهذه السلطة، تبدأ من الرغبة في عدم دخول البلاد في فوضى أكبر من الحالية، على قاعدة أن الأمر من الممكن أن تستفيد منه بعض الجهات، أبرزها إيران وتنظيم "داعش"، ولا تنتهي عند غياب البديل السياسي، بحسب المبررات التي تقدم، بل تشمل أيضاً المجموعات المتطرفة المتحالفة مع هذه السلطة، إلى جانب الدور الوظيفي الذي من الممكن أن تلعبه على مستوى المنطقة.
على الرغم من ذلك، تشدد المصادر نفسها أن كل ذلك لا يلغي أن الواقع الداخلي يبقى الأساس لتثبيت دعائم الحكم أو إنهياره في المستقبل، أو يكون، على الأقل، البوابة التي تفرض على تلك السلطة تقديم المزيد من التنازلات، حيث يكفي إعطاء الخطوات التي تقوم بها إسرائيل، منذ اليوم الأول، كمثال، بعد أن باتت تسيطر على مساحات واسعة من البلاد، بالرغم من كل التنازلات والرسائل الإيجابية التي قدمت لها.
في المحصلة، تلفت المصادر نفسها إلى أنه، حتى الآن، السلطة الموقتة خسرت قدرتها بالحفاظ على وحدة البلاد، في حال لم تتدخل الجهات الخارجية الداعمة لفرض تسويات عليها تتعلق بشكل النظام، بينما في المستقبل قد تخسر ما هو أكبر، في حال قررت الإستمرار بالنهج نفسه، أو وجدت نفسها أمام تحدي الصراعات على النفوذ بين تلك الجهات، أو الصراعات على التوجهات بين تلك المتحالفة المحلية معها، أو ربما تفجرت بوجهها أزمات داخلية أخرى.
ماهر الخطيب -النشرة
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|