من بيروت إلى الكويت.. أينما يحضر "الحزب" تشتد الأزمة على الشيعة اللبنانيين!
بين مطرقة الانهيار الاقتصادي في الوطن الأم وسندان التضييق الأمني في بلدان الاغتراب، تعيش الجالية اللبنانية في دول الخليج وفي مقدمتها الكويت واحدة من أشد مراحل القلق والريبة منذ عقود، وسط إجراءات مشددة تستهدف “حزب الله” وجمعية “القرض الحسن”، وتلقي بظلالها الثقيلة على عشرات الآلاف من اللبنانيين الأبرياء، الذين لم تطأ أقدامهم دروب السياسة يوماً.
استهداف منظم تحت عنوان أمني
مصادر خليجية مطلعة تؤكد أن الإجراءات المتخذة تأتي في إطار سياسة أمنية إقليمية تنسجم مع الجهود الدولية لمحاصرة تمويل التنظيمات المصنفة إرهابية، وعلى رأسها “حزب الله”. وقد أوضحت هذه المصادر أن السلطات المعنية تفرّق بوضوح بين اللبنانيين الملتزمين بالقوانين، وبين من يستغلون انتماءهم الوطني غطاءً لأنشطة مشبوهة، مشددة في الوقت نفسه على احترام حقوق اللبنانيين المقيمين بشكل قانوني وشرعي.
إلا أن الواقع على الأرض أكثر تعقيداً. فعمليات التدقيق والمراقبة المالية، والحساسية الأمنية المتصاعدة، طالت الجميع بلا استثناء، ما خلق مناخاً من التوجّس والقلق، حتى بين العائلات التي لم يسبق لها أي ارتباط بأي نشاط سياسي أو مالي محل شبهة.
تداعيات التحويلات المالية… شبهة بلا دليل
لطالما شكّلت تحويلات المغتربين اللبنانيين من الخليج ركيزة أساسية للعيش لآلاف العائلات في لبنان، خصوصًا في ظل الانهيار المالي الذي أطاح بالقطاع المصرفي منذ عام 2019. لكن مع دخول الإجراءات الأمنية حيّز التنفيذ، باتت هذه التحويلات نفسها مصدراً للخوف.
تقول ريم، معلمة لبنانية في الكويت: “أشعر وكأنني تحت المراقبة فقط لأنني لبنانية، لا لأنني ارتكبت خطأً”. أمّا سامي، موظف تأمين من بيروت، فيعترف بأنه بات يتردد قبل إرسال أي مبلغ لعائلته، خوفاً من تفسير ذلك بأنه دعم غير مباشر لجهات مشبوهة، رغم أن الأمر لا يعدو كونه مساهمة في دفع إيجار أو قسط مدرسة.
ويتحدث علي، المقيم في الكويت منذ أكثر من 20 عاماً، بمرارة: “أنا أدفع ثمن صراع سياسي لا علاقة لي به. لم أنضم لأي حزب، ولم أشارك في أي نشاط خارج عملي، لكنني اليوم أشعر أن وجودي مهدد”.
أزمة لبنان تُصدَّر إلى المغتربين
ما يحدث لا يمكن عزله عن الواقع اللبناني العام. فـ”حزب الله”، بات مصدر توتر في علاقات لبنان مع محيطه العربي، وخصوصاً دول الخليج، وانعكست هذه العلاقة المتوترة، بشكل مباشر على اللبنانيين المقيمين في هذه الدول، الذين وجدوا أنفسهم في موقع الشبهة والتدقيق، نتيجة تداعيات سياسات “حزب الله” التي تنقل أزمات الداخل وتصدّرها إلى الخارج على حد سواء .
وقد زادت المخاوف مع إدراج لبنان على اللائحة الأوروبية السوداء من قبل المفوضية الأوروبية، ما عزّز التصورات الدولية حول ضعف الرقابة المالية في البلاد، وجعل التحويلات الصادرة من لبنان وإليه خاضعة لتحقيقات أوسع.
تكلفة سياسية يدفعها الأبرياء
ريتا، المقيمة في السعودية، تلخّص الوضع بقولها: “كل تحويل بات مغامرة. نعيش تحت ضغط نفسي دائم، وكأننا مجبرون على الدفاع عن براءتنا يوميًا”. أما إبراهيم في البحرين، فيرى أن “القلق لم يعد ظرفًا مؤقتًا، بل بات رفيقًا دائمًا في حياتنا اليومية”.
من المؤلم أن يتحوّل مئات آلاف اللبنانيين في الخليج، الذين ساهموا لعقود في بناء اقتصادات هذه الدول، إلى ضحايا لسياسات لا يد لهم بها، ولصراعات محلية لم يختاروها، بل دفعوا ثمنها مرّتين: مرة في بلدهم، ومرة في الغربة.
في خضم هذه الأزمة، تبدو الحاجة ماسّة لتوازن دقيق: بين حماية الأمن الخليجي، وهو حق مشروع، وبين صون كرامة وأمن مئات الآلاف من اللبنانيين المغتربين الذين لا يشكلون أي تهديد، بل يشكلون جسرًا إنسانيًا واقتصاديًا يربط لبنان بالخارج.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|