الصحافة

كيف تُدار العلاقة بين الجيش وحزب الله؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

في قلب المعادلة الأمنية والسياسية اللبنانية، تبرز العلاقة بين الجيش اللبناني وحزب الله كواحدة من أكثر العلاقات حساسية وتركيباً، نظراً الى تداخل الأدوار بين مؤسسة دستورية تُفترض أن تحتكر القوة الشرعية، وتنظيم مقاوم يتمتع بشرعية سياسية وشعبية، في ظل ضغوط دولية واقليمية معقدة.

فعلى امتداد العقدين الماضيين، تحرك هذا التوازن ضمن سياق استراتيجي بالغ التعقيد، حيث تُرسم خطوط التعاون والتباعد تحت سقف "الاستقرار الوطني" من جهة، وتحت ضغط التحولات الإقليمية من جهة أخرى. ففي وقت تسعى فيه الدولة إلى تكريس سلطتها على مجمل أراضيها، يبقى التعايش القائم بين الجيش وحزب الله نقطة ارتكاز في أي نقاش حول مستقبل السيادة، السلاح، والدور اللبناني في منظومة الأمن الإقليمي، استنادا الى "العقيدة الوطنية" للجيش.

تبين القراءة الواقعية، أنه رغم التباين الكبير في المرجعيات والوظائف، لم يحصل أي صدام مباشر بين الجيش اللبناني وحزب الله منذ سنوات طويلة، بل جرى اعتماد نوع من "التنسيق الميداني غير المعلن" في عدة ملفات، من حرب ٢٠٠٦ وما بعدها، مرورا بالمواجهة مع الجماعات الإرهابية عام 2017، وصولا الى حرب أيلول ٢٠٢٤.

تنسيق، من دون إعلان رسمي، سمح بتوحيد الجهود، وشكّل في توقيته مؤشراً على نوع من "تفاهم" بين الطرفين، يقوم على التعاون في وجه التهديدات المشتركة مع المحافظة على حد ما من الاستقلالية.

غير ان ذلك، لا ينفي حقيقة ان الجيش اللبناني، الذي يتلقى دعماً مباشراً من واشنطن ودول أوروبية، تشترط في أحيان كثيرة "ضمانات" بعدم استخدام هذا "الدعم في ظل استمرار سلاح حزب الله خارج سلطة الدولة"، ما وضع قيادته أمام معادلة دقيقة: الاستفادة من المساعدات وتطوير القدرات، من دون الانخراط في مواجهات داخلية مع الحزب. فالعسكر، وإن كانوا ملتزمين بالدستور وقرارات السلطة السياسية، إلا أنهم واعون لحساسية الواقع الطائفي، ولتوازنات القوى على الأرض، حيث لا يمكن إلغاء حزب الله عسكرياً أو سياسياً.

في العمق، وفقا لمصادر واكبت العلاقة التاريخية مع القيادة الحالية للجيش، فان حارة حريك مرتاحة لوضع الملف في عهدة اليرزة، رغم رفضها لمسالة تحديد المهل، انطلاقا من مجموعة اعتبارات، ابرزها، ثقتها وعلاقتها الممتازة بالعماد رودولف هيكل وقيادته، ومدير مخابراته العميد طوني قهوجي، والتي بنيت على مدى السنوات الماضية.

وتكشف المصادر ان العلاقة التي توطدت مع تسلم هيكل قيادة قطاع جنوب الليطاني، تحولت الى "شراكة" مع تسلمه مديرية العمليات في الجيش، حيث كان التنسيق بينه وبين مسؤولي الحزب على اعلى الدرجات، وفقا للعارفين، مشيرين الى اكثر من محطة برز فيها هذا التعاون، تحديدا خلال الحرب الاخيرة، فضلا عن "المواجهات" التي خاضها هيكل اكثر من مرة مع ضباط اميركيين وغربيين، في معرض دفاعه عن الحزب، ورفض تقييد حركته، وهو ما توجه في "امري اليوم" الصادرين عنه بمناسبة عيد المقاومة والتحرير وعيد الجيش.

وتتابع المصادر بان الامر نفسه ينطبق على مدير المخابرات وفريقه، الذين وقفوا في وجه أكثر من محاولة للتضييق على الحزب، واحبطوا محاولات كثيرة لتطويقه و"لي ذراعه" عبر "مشاريع دعم" مشبوهة، ما ساهم بتعزيز هذه العلاقة، والتي بلغت حدود ترشيح قهوجي لقيادة اليرزة.

وتقول المصادر ان "العميد رودولف هيكل"، كان احد ابرز المرشحين لتولي قيادة الجيش، وهو ما يدفع بحارة حريك الى ان تكون مرتاحة، وواثقة من فشل كل المحاولات لخلق صدام بين حزب الله والجيش اللبناني، والذي يعتبر خطا أحمر بالنسبة للطرفين، خصوصا ان التنسيق والتعاون قائم بين الطرفين، حول أدق التفاصيل، ولم ينقطع للحظة.

عليه، وفي ضوء التحديات الإقليمية المتسارعة والتطورات الداخلية الدقيقة، تبقى العلاقة بين الجيش وحزب الله أحد المفاتيح الأساسية لفهم التوازن اللبناني الهش. فبين واقعية أمنية تفرض تنسيقاً ميدانياً ضمن خطوط حمراء غير مكتوبة، وطموحات دولية تسعى لحصر السلاح بيد الدولة، تبرز الحاجة إلى تكريس هذه المقاربة، حيث تضمن تعزيز دور الجيش كمؤسسة سيادية مستقلة، وتحفظ في الوقت نفسه الاستقرار الداخلي في وجه أي اهتزاز.

ميشال نصر - الديار

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا