“ضب الموستيكات” قبل لمّ السلاح

أمر طبيعي أن يتظاهر حزب أو مجموعة أحزاب أو مواطنون ضد إجراء حكومي يمس أمنهم الإجتماعي، أو ضد قرار يتعارض مع دستور لبنان، أو بمواجهة سياسة ضرائبية ظالمة أو إحتجاجاً على هيمنة ميليشيا متسلطة يقودها متعجرف يأتمر بتوجيهات دولة خارجية.

وما هو غير طبيعي أن يتظاهر مناصرو ميليشيا، من دون أي اعتبار لوجود وزارة وقوانين ترعى حق التظاهر، ويقطعوا طرقات حيوية أمام مواطنيهم، ويستفزوا القوى الأمنية ويطلقوا شعارات تخوينية لا تمت إلى حرية التعبير بصلة، فـ “يصهينون” شركاءهم في الوطن بحسب الظروف.

والأنكى أنّ لدى قطّاع الطرق هؤلاء هدفاً وحيداً وهو إجبار الحكومة على التراجع عن قرار حصرية السلاح. فات الصبية ومرجعياتهم المنفوخة وقياداتهم المدعومة من طهران، أنّ السلاح غير الشرعي كلّه كان يجب أن يسلّم للدولة في العام 1991 وليس في سنة 2025.

بين قطّاع الطرق أكثرية تهجّرت من قراها في ظروف مروعة بسبب خوض حرب لا ناقة لنا فيها ولا جمل، أدت حساباتها الخاطئة إلى نتائج كارثية على البيئة المتمسكة بالسلاح كعنصر قوة للبنان كما يزعمون! حسناً، في هذه الحال، إنّ انتقال السلاح الرادع إلى الجيش اللبناني سيزيده قوة بمقدار ما يصل إليه. وإن كان السلاح قوياً فقط بأيدي حامليه، أما كان الأجدى الإستمرار بقتال إسرائيل حتى دحرها لا الموافقة على اتفاق ينقذها من مآزقها.

بالمناسبة أين صرنا في الطريق نحو القدس؟ أسبوعان ونصل بعد صبر استراتيجي امتد لنحو ستة عقود.

لنعد إلى قطّاع الطرق وهم على الأرجح من العاطلين عن العلم والعمل والتفكير ومن عشاق الأراكيل المنتشين بوهم القوة، المدججين بالحماسة كفصائل مساندة لكتائب القمصان السود والعقول السود. ثم كيف تتأجج مشاعرهم؟ عدا المنار على الترويقة والغداء والعشاء ماذا يعرفون عن هذا العالم، عن هذا البلد؟

عدا عن مطولات الحكواتي وعنتريات قاهر الأوزان الربّاع الإيراني الحاج محمد رعد، ماذا يسمع قطّاع الطرق في أيام الصيف الرتيبة؟ صباح فخري أو أم كلثوم أو وديع الشيخ أو يكتفون بـ “لبيك يا نعيم” لموسيقار الجيل علي بركات؟ لماذا لا يحاولون العيش بدلاً من نشدان الموت؟

ختاماً إذا كان تسليم السلاح غير الشرعي دونه عقبات ومطبات وصعوبات ومعوقات، هل تبادر القوى الأمنية لـ “ضب الموستيكات” غير الشرعية المسببة للإزعاج والفوضى والتوتر في الشارع اللبناني الهش؟

عمر موراني -”هنا لبنان”