"للسويداء ثلاثة شرايين للحياة" ... ناشط سياسي من السويداء : دمشق لنا وليست لكم
معركة السلاح: نحو الإمساك بالمجلس النيابي
كان جيداً، وإلى أبعد حدود، الحسم الواضح للنائب محمد رعد بأن تسليم السلاح ليس مطروحاً في حسابات المقاومة. وهو أضاف ما يسهّل على الأعداء فهم الموقف، حين أكّد أن خيار كربلاء هو ما يحكم عقل المقاومة في مواجهة مؤامرة بهذا الحجم. والإشارة إلى كربلاء هنا لا تعني، كما يظنّ كثيرون، السعي إلى الموت، بل توصيف لواقع أن من يرفض التخلّي عن المقاومة سيتصرف لحمايتها بكل ما يلزم، ولو كانت الكلفة الاستشهاد.
وتزداد أهمية هذا الموقف في ظل وجود فريق داخل السلطة يبدو فاقداً للوعي، إن لم يكن فاقداً للوطنية أيضاً. وإذا وضعنا جانباً التصنيفات الأخلاقية - على أهميتها - فلندرس الأمر من زاوية المصلحة، والقدرة، والهدف.
من تحمّس وطار فرحاً لأن اسمه سيقترن بأي نقاش يتعلّق بسلاح المقاومة في لبنان، لن يكون حظه أفضل من حظّ الذين لا تزال أسماؤهم ملتصقة بخيار 17 أيار الاستسلامي.
ومن يتوهّم أن لبنان اليوم هو نفسه لبنان قبل أربعين أو حتى ستين عاماً، فهو جاهل بحقيقة الناس وأوضاعهم الاقتصادية ومعاشهم اليومي. ويصحّ القول إن بيننا قادة يريدون أن يعيشوا وحدهم آمنين، ومنهم من لم يُبالِ يوماً بمن قتلهم في الماضي، ومنهم من لا يكترث إن مات باقي الناس في السجون أو على الطرقات، جوعاً وقهراً، أو تشرّدوا في أصقاع العالم.
خارجيّاً، لا نتحدّث فقط عن أميركا وأوروبا و«إسرائيل»، بل أيضاً عن السعودية وحلفائها من العرب. ومن اتّخذ القرار – الكارثة – ظنّ أنّه يستند إلى هؤلاء جميعاً لتنفيذه. وهذا يعني أن الفريق المحلي الذي يرفع صوته إلى أقصى مدى، يراهن على أن تبادر «إسرائيل» إلى شنّ حرب بلا هوادة، هدفها تحطيم المقاومة بحيث لا يبقى مجال لرفع شارة النصر أو راية الصمود.
هؤلاء يدركون أن «إسرائيل»، وكذلك أميركا، لا تمانعان القيام بذلك، لكنهما ستختاران اللحظة المناسبة. وعليه، فإن اللبنانيين الذين ينتظرون هذا التدخل ليسوا سوى مجموعة من الخونة الذين يجب كنسهم متى حانت لحظة الحقيقة.
أما من ينتظر أوروبا، فليتأمل ما تستطيع فعله في عقر دارها، وكيف تتصرف إزاء الحرب في أوكرانيا، حيث تعتبر القارة العجوز أن تلك الجبهة هي ساحتها الخلفية في صراعها الوجودي مع روسيا.
أما من يتّكل على السعودية فيدرك أنها بلا حيلة ولا قوة، وأقصى ما تجيده هو استئجار مرتزقة يقاتلون عنها. هذا ما فعلته في حربها المستمرة ضد اليمن، حين استقدمت عشرات الآلاف من المقاتلين من أفريقيا، وعصابات إجرام من أميركا الشمالية والجنوبية.
وهي لا تتورّع عن الادّعاء بأنها مستعدّة لتمويل حرب يقودها «برابرة العصر» المنتشرون في سوريا ودول الجوار.
بالطبع، لا تكترث الرياض لمصير هؤلاء، ولا حتى لِما ستؤول إليه الأمور إذا فشلت الحرب. أما تهديدها بوقف الدعم للبنان، فقد صار من الضروري أن يخرج رجل ذو وزن ليشرح للناس أن السعودية لا تساعد لبنان في شيء.
حتى فكرة تشغيل لبنانيين في مشاريعها ليست سوى تبادل خدمات، لا أكثر. أما الحاكم في الرياض اليوم، فلا يعرف معنى الوفاء، لا لأبناء عائلته ولا لرجال مملكته الأوفياء. ولدينا في لبنان مثال صارخ: سعد الحريري ورفاقه المطاردون اليوم في كل مؤسسة رسمية أو إطار سياسي أو زقاق في مدينة.
وبيننا من يسأل عمّا إذا كان الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي والأجهزة الأمنية سيؤدّون دورهم في تنفيذ قرار نزع السلاح بالقوة متى طُلب منهم ذلك، خصوصاً أن من بيده القرار السياسي، يعتقد بأن وضع الجيش يسمح بخطوة كهذه، بدعم من أميركيين يقولون إن واشنطن لن تترك الجيش وحيداً، وبوهم سعودي بأن الرياض قادرة على تشغيل فرع المعلومات وقوى الأمن الداخلي بعدما أجهزت على آخر رجالات الحريري في لبنان.
ومن دون تبجّح أو تهديد، يعرف من هم في رأس المؤسسة العسكرية، وفي مواقع القرار داخل الأجهزة الأمنية والعسكرية كافة، أن دفعهم إلى مواجهة مع المقاومة وناسها ليس بالأمر السهل. وحتى لو جاءهم من يقول إن الدعم البشري متوافر من «الجبهة الشرقية»، أو إن التغطية النارية مضمونة من «إسرائيل»، فإن أهل القرار المهني في هذه المؤسسات يدركون أن المسألة ليست مسألة سلاح وذخيرة فقط، بل قناعة لدى العسكريين قبل أي قوة مادية أخرى. ولا يحتاج الأمر إلى كثير من التبصير لمعرفة مآلات البلاد إذا زجّها المجانين في أتون حرب أهلية.
شخصياً، لا أزال أرى أن من دفع ووافق على قرار كالذي صدر عن حكومة نواف سلام، يتحرّك وفق أجندة أخرى موازية. هذا لا يعني أن الخارج لا يفكّر في حرب جديدة ضد حزب الله، لكنّ هناك من يفكر أكثر في القبض كلياً على مفاصل الدولة بكل مؤسساتها.
وقد نجح هؤلاء بالفعل في إيصال رئيس للجمهورية وآخر للحكومة، وهم اليوم يسعون لتحقيق هدف مركزي جديد يتمثّل في تهيئة المناخ الداخلي، مدعوماً بحزمة من القوانين والإجراءات، استعداداً لمعركة الانتخابات النيابية المقبلة.
وهدفهم المعلن، ليس مجرد اختراق الكتلة الشيعية، بل الأهم بالنسبة إليهم الوصول إلى كتلة نيابية تتخطى عتبة الـ86 نائباً، يخضعون جميعاً لإرادة واشنطن والرياض (ومعهما إسرائيل)، لفرض مسار سياسي جديد بالكامل، يفترضون أنه يسهّل مهمتهم، في نقل لبنان من ضفة إلى ضفة.
يبقى أن من يتمسّك بنهائية الكيان، سيكتشف سريعاً أن هدف الفريق الذي يشنّ اليوم هجومه على المقاومة ليس إبقاء الواقع على ما هو عليه، وأفضل ما يفكّر فيه آل سعود، ويباركه توم برّاك، ولا تمانعه إسرائيل، هو جعل لبنان محافظة مُلحقَة بسوريا، لكن ليس بكل سوريا، بل بالقسم التكفيري من بلد مقبل على تقسيم لن يبقي فيه حجراً ولا بشراً!
مع كلّ ذلك، هل من عاقل يسأل ما إذا كنّا سنسلّم السلاح؟
ابراهيم الأمين -الاخبار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|