المجتمع

الأطفال المتسولون بين السيارات: خطر يهدد حياتهم وحياة الآخرين

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

في شوارع بيروت والمدن اللبنانية، يتكرر المشهد يومياً: أطفال يظهرون فجأة بين السيارات عند الشارات أو في الطرق المزدحمة، يمدّون أيديهم طلباً للمساعدة، غير آبهين بالخطر المحدق بهم. هذه الظاهرة التي تحولت إلى مشهد مألوف، تخفي وراءها قصصاً معقدة من الفقر والاستغلال والغياب شبه التام للمعالجات الجذرية.

وزير الداخلية سابقا مروان شربل، يضع الظاهرة في إطارها القانوني والاجتماعي، مؤكداً أن قانون العقوبات اللبناني يجرّم التسول ويعاقب عليه بالحبس، وأن العقوبات تطال أيضاً من يستغل الأطفال في هذا المجال، وقد تصل إلى عشر سنوات سجناً. لكنه يشدد على أن المشكلة أعمق من النصوص، إذ تتشابك فيها العوامل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.

 

بحسب شربل، لا يقتصر الأمر على عائلات فقيرة تدفع أطفالها إلى الشارع بسبب الحاجة، بل هناك شبكات منظّمة تستغل هؤلاء الصغار، أحياناً بالتواطؤ مع الأهل، حيث يُدفع للأطفال جزء ضئيل من المبالغ التي يجمعونها، فيما يذهب الباقي إلى جيوب المستغِلّين. الأسوأ، كما يكشف، أن بعض هؤلاء الأطفال يُستأجرون من أهاليهم أو حتى يُستغلّون من غرباء، وفي حالات معيّنة يتم تخديرهم أو إيذاؤهم جسدياً لزيادة تعاطف المارة، وهو ما رصده شربل بنفسه عندما كان ضابطاً في الخدمة.

ويشير إلى أن وزارة الشؤون الاجتماعية، بالتعاون مع القضاء والجمعيات المدنية، تلجأ أحياناً إلى إيواء الأطفال المتسولين، والكشف على أوضاع أهاليهم لتحديد المسؤوليات. غير أن الإمكانات المحدودة للدولة، خصوصاً في ظل الانهيار الاقتصادي، تحدّ من القدرة على المعالجة الشاملة.

 

الأزمة السورية ووجود نحو مليوني نازح سوري في لبنان، وفق تقديرات شربل، ساهمت في تفاقم الظاهرة. فالأطفال السوريون يشكّلون النسبة الأكبر من المتسولين، بينما يرتبط جزء من المشكلة أيضاً بظروف لبنانية بحتة مثل البطالة وغياب فرص التعليم.

ويضيف شربل أن معالجة الظاهرة تتطلب مقاربة شاملة، تبدأ بضمان التعليم الإلزامي للأطفال وتوفير فرص عمل للبالغين، مروراً بتطبيق صارم للقوانين ضد شبكات الاستغلال، وصولاً إلى معالجة جذرية لأسباب النزوح والحروب التي تُغذّي هذه المآسي.

ورغم أن التسول ليس في لبنان وحده، إذ تشهده دول متقدمة مثل فرنسا والولايات المتحدة، فإن ما يميّز الحالة اللبنانية هو التزايد الحاد في أعداد الأطفال المتسولين خلال العقد الأخير، وظهور أنماط خطيرة من الاستغلال تُهدد حياة هؤلاء الصغار، بل وحياة السائقين والمارة أيضاً.

ويختم شربل بالقول إن "بقاء الأطفال في الشوارع خطر لا يمكن تجاهله، وأي حلّ جزئي لن يكون مجدياً ما لم تُعالَج الأسباب المتشابكة التي تقف وراء هذه الظاهرة، من الفقر والبطالة إلى النزوح والفساد"، مؤكداً أن "حياة الأطفال ليست ورقة للتفاوض أو مجالاً للاستثمار غير المشروع".

زهير غدار - "النهار"

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا