"قلقون من خطورة كلام نعيم قاسم".. بيان لرؤساء لبنان السابقين
يحتلّ البحث عن الاستثمارات الأعلى ربحيّة أو الأكثر أمانًا مساحة واسعة في عالم الأعمال وفي الخطط الاستثمارية للأفراد، ويبقى تحديد الخيارات الأمثل مهمّة دقيقة، لكنها ليست معقّدة.
شهدت أسواق الأسهم تقلّبات كثيرة في السنوات القليلة الماضية، في وقت ارتفعت فيه أسعار العملات المشفّرة، لا سيما البيتكوين، وقفزت أسعار الذهب لتخطف اهتمام العالم. كما أنّ نجمًا آخر بدأ يلمع في سماء الأسواق العالميّة، ألا وهو الفضّة، فلا تغفلوا عن أهميّته.
اتخذت أسعار الفضة، التي تصنّف بالدرجة الأولى في خانة المعادن الصناعية، مسارًا صعوديًا خلال السنوات الأخيرة، حيث قفزت بنسبة 130 في المئة في ثلاث سنوات، من 19 دولارًا إلى 39 دولارًا للأونصة.
وسلّط رجل الأعمال البريطاني روب مور مؤخرًا الضوء على الأداء البارز للفضة، كما كان رجل الأعمال والكاتب الأميركي روبرت كيوساكي قد أولى هذا المعدن اهتمامًا ملحوظًا وكرّر تشجيعه للإقبال عليه، لا سيما في الفترات التي ترتفع فيها الضبابية في الأسواق، إذ إنّه رأى في الفضة آفاقًا مشجّعة، بما أنّ شراء الذهب، الأغلى ثمنًا، يتعذّر بطبيعة الحال على الكثيرين.
الفضة: الاستثمار الرابح في 2025
عام 2024، قفز سعر الذهب بنحو 43 في المئة، أمّا سعر الفضة فارتفع بنحو 21 في المئة. ومنذ بداية عام 2025، ارتفعت أسعار الفضة بنحو 34 في المئة لتسجّل أعلى مستوياتها في 14 عامًا، أي الأعلى منذ عام 2011، في ظلّ الطلب الصناعي المتصاعد وتزامنًا مع تداعيات الرسوم الجمركية التي تشعل قلق الأسواق. كما تفوّقت ارتفاعات الفضة على أساس سنوي على كلّ من البيتكوين ومؤشر أس أند بي 500.
لا بدّ من الإشارة كذلك إلى أنّ معدن البلاتين الصناعي سجّل قفزة ملحوظة بنسبة 54 في المئة هذا العام. ويرجّح أن يشهد النصف الثاني من العام استمرار الأسباب التي دفعت المعادن إلى تحقيق الارتفاعات القوية في النصف الأول، كما يساهم ضعف الدولار في تحقيق عوائد ملحوظة من الاستثمار في المعادن، حيث تتراجع قيمة العملات الورقية فيما تواصل قيمة المعادن الثمينة الارتفاع، أو تحافظ بالحدّ الأدنى على مستوياتها.
يُذكر بأنّ بنك "إتش إس بي سي" رفع توقعاته لأسعار الفضة خلال العام الحالي والعامَين المقبلين، في ظلّ الارتفاعات القوية في أسعار الذهب وزيادة الطلب على الأصول الآمنة وسط حالة عدم اليقين الجيوسياسي والاقتصادي المهيمنة على الاقتصاد العالمي.
وكان سيتي غروب قد توقّع في وقت سابق أن تواصل الفضة ارتفاعها لتتجاوز الـ 40 دولاراً للأونصة في الأشهر المقبلة، مدعومة بانخفاض المعروض المادي وتزايد الطلب الاستثماري.
لكن لا بدّ من توضيح العوامل الأساسية التي تنعكس على أسعار المعادن واتجاهاتها، ففي ظل الأزمات الاقتصادية وارتفاع التضخم مع الركود الاقتصادي، نرى الذهب يرتفع، أو يحافظ على مستوياته السعرية، أما الفضة فتكون معرّضة للضغوط والهبوط بسبب تراجع الطلب الصناعي عليها، كما أن التذبذبات في أسعار الفضة عادة ما تكون أعلى بمرتين أو ثلاث مرات من التذبذبات التي تشهدها أسعار الذهب.
إقبال متزايد على الملاذات الآمنة
بشكل عام، تعتبر المعادن الثمينة عناصر رئيسية مطلوبة في تنويع المحافظ الاستثمارية، ونشهد اليوم مزيجاً من العوامل التي تدعم الإقبال على الملاذات الآمنة وعلى رأسها الذهب، حيث يعتبر المعدن الأصفر مخزنًا للقيمة منذ أكثر من خمسة آلاف عام ويتمتّع بقيمة لا يطالها الزمن.
أمّا الفضة فهي البديل الذكي للاستثمار في المعدن الثمين، وهي تلعب دورًا بارزًا في عصر الثورة الصناعية الرابعة، حيث تستخدم في صناعة الإلكترونيات والبطاريات والألواح الشمسية، بالإضافة إلى التطبيقات الطبية، ويُستخدم نحو 50 في المئة من الفضة الموجودة في العالم اليوم في الصناعات الثقيلة والتكنولوجيا المتقدمة.
ويرتبط الأداء السعري للفضة، كونها معدن صناعي، بصحة الاقتصاد، حيث ترتفع أسعار الفضة في حالات الازدهار والنمو الاقتصادي وقد تتفوّق في نسبة مكاسبها على الذهب، إلّا أنّ استجابة البنوك المركزية لظروف الحروب والتوترات الجيوسياسية والأزمات الاقتصادية تتبلور من خلال الإقبال على تعزيز احتياطياتها من الذهب، ويُبقي هذا الإقبال القوي على الذهب مقياس نسبة الذهب إلى الفضة مرتفعًا في السوق، مع الإشارة إلى أنّ الذهب حاليًا أعلى قيمة من الفضة بنحو تسعين مرة لكل أونصة.
عجز المعروض ونمو الطلب
يعاني سوق الفضة من الاختلال بين العرض والطلب بسبب ارتفاع الطلب الصناعي، لا سيما من قطاعات التكنولوجيا والطاقة الشمسية، التي يعتبر المعدن ركنًا أساسيًا فيها، وكذلك مع موجة الإقبال الاستثماري المتنامية، حيث بات ينظر إليه بشكل متزايد كملاذ آمن في أوقات الضبابية وارتفاع التضخم.
وبعد تجاوز مستوى 35 دولارًا للأونصة، ليس مستبعدًا أن تخترق الفضة مستوى الأربعين دولارًا في غضون ستة إلى اثني عشر شهرًا، وسط ضعف المعروض مقارنة بنمو الطلب، وهي وتيرة بدأنا نتابعها بشكل متزايد منذ عام 2019.
في سياق متّصل، تشير بيانات ستاتيستا ومعهد الفضة إلى حجم العجز الموجود في السوق، فقد وصل إنتاج الفضة في العالم خلال عام 2024 إلى نحو 820 مليون أونصة، في حين سجّل حجم الاستهلاك مستوى 1.22 مليار أونصة. ولا بد من الإشارة إلى أن أكبر ثلاث دول منتجة للفضة في العالم هي المكسيك والصين والبيرو.
ومن المرتقب أن تكتسب الفضة قيمة اقتصادية وصناعية أكبر في السنوات المقبلة، و من المتوقع أن تتعزّز مكانتها كأداة استثمارية بشكل ملحوظ.