نعيم قاسم و"القصيدة الأخيرة": أسافر وحدي منتحراً
للراحل الكبير منصور الرحباني، في سجلّه الشعري، قصيدة بعنوان "أسافر وحدي ملكاً" اختارها عنواناً لأحد كتبه. كتب الشيخ نعيم قاسم، أمس، بلغة التهديد والوعيد، وهي دليل ضعفٍ، قصيدةً حربيّة يليق بها عنوان "أسافر وحدي منتحرا".
في الداخل اللبناني، بات قاسم وحده. ما من فريقٍ لبنانيّ، حتى شريكه في الثنائيّة الشيعيّة، يوافق على عدم تسليم السلاح ولو كلّف ذلك خراباً للبلد. "لن تكون هناك حياةٌ في لبنان إذا حاولت الحكومة مواجهة الحزب" قال قاسم. والحقيقة أنّ بقاء السلاح يعني "لا حياة"، ولا مساعدات، ولا إعادة إعمار، ولا استثمارات، ولا بناء للدولة.
ويبدو واضحاً أنّ الأمين العام لحزب الله شرب من حليب السباع الإيراني، فرفع من حدّة لهجته بعد زيارة علي لاريجاني، بعد أن اعتمد خطاباً هادئاً تكرّرت فيه مراراً كلمة "الدولة" بعد الحرب وتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار الذي يُعتبر من أسوأ الاتفاقيّات اللبنانيّة مع إسرائيل، وحتى أسوأ من اتفاق 17 أيّار الذي اتُّهم من وقّعوا عليه بالعمالة.
فمن الواضح أنّ إيران تريد أن تفاوض بالدم والحجر اللبناني، والشيعي تحديداً. لا يهمّها أنّ حرب الإسناد، التي أرغمت حزب الله على خوضها، أنهت حياة آلاف الشيعة في لبنان، ودمّرت عشرات القرى، وقضت على أراضٍ زراعيّة، وتسبّبت باحتلالٍ لأراضٍ لبنانيّة... ما يهمّها، فقط، أن تمتلك ورقةً إضافيّة حين تجلس على طاولة واحدة مع العدوّ الأكبر "أمريكا"، بعد أن فقدت أوراقاً كثيرة أهمّها النظام السوري.
لقد تراجع حزب الله عن شعار إزالة إسرائيل، وكان وهماً. وتراجع عن بلوغ طريق القدس، وكان خديعةً. وتراجع عن تحرير الأرض ومقاومة الاحتلال وتحقيق توازن الرعب، وهذه كلّها لم تعد بمتناوله. ومع ذلك يريد بقاء سلاحه لأنّه يربط وجوده كطائفة في لبنان بهذا السلاح، بدل أن يكون مقروناً بالدولة ودستورها وقوانينها.
"لا حياة" بلا سلاح حزب الله. ولا بقاء للشيعة من دونه. هذه هي المعادلة التي رفعها نعيم قاسم، مع فارقٍ كبيرٍ هو أنّ الرجل ليس أبداً السيّد حسن نصرالله ليسحر الجمهور فيصدّقه، كما فعل وفعلنا طيلة عقود. فاستمراره على قيد الحياة ليس إلا بفعل إرادةٍ إسرائيليّة. وعدم دمار ما تبقّى من قرى جنوبيّة يستخدمها حزب الله ليس إلا بفعل إرادةٍ إسرائيليّة. وإن أراد نعيم قاسم مواصلة تطبيق الأوامر الإيرانيّة فسيسافر وحده منتحراً. وما يمكن استنتاجه من التصريحات الأميركيّة والإسرائيليّة، ومن جنون بنيامين نتنياهو، ومن تصميم دونالد ترامب، أنّ توقيت هذا السفر لن يكون بعيداً. نتحدّث عن مهلة أقصاها نهاية العام الجاري، وبعدها لا سلاح، بل حياة، ويُرجّح أن تكون جميلة، مثل قصيدة منصور الرحباني.
داني حداد - mtv
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|