محليات

حزب الله" يرفع السقف وخصومه ينتفضون.. هل خطر الحرب حقيقي؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

في خطابه الأخير، أعاد الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم خلط الأوراق في الداخل اللبناني، حين أطلق مواقف تصعيدية قال فيها إن على اللبنانيين أن يختاروا بين "أن يبقى لبنان ونبقى معاً، أو على الدنيا السلام"، في إشارة فُهمت على نطاق واسع كتلويح بإمكان اندلاع مواجهة داخلية إذا ما استمرت الضغوط على "حزب الله" في ملف السلاح والدور السياسي.

ورغم أن الشيخ قاسم لم يحدد تهديدًا مباشرًا، إلا أن لهجته ومضامين خطابه، كما سياق التوقيت السياسي، في ضوء الاشتباك السياسي الداخلي منذ جلستي الخامس والسابع من آب الشهيرتين أثارت موجة واسعة من الاعتراض من قِبل خصوم الحزب، الذين سارعوا إلى تحميله مسؤولية الانزلاق المحتمل نحو الفوضى أو المواجهة الأهلية، ليتحوّل الخطاب بذلك إلى نقطة انطلاق لسجال واسع أعاد إحياء الانقسام التقليدي حول سلاح "حزب الله".
 
وفيما تفاوتت القراءات حول الرسائل السياسية المتوخّاة خلف خطاب الشيخ قاسم، الذي قد يكون الأول من نوعه من حيث الحدّة، ليس منذ الحرب

الإسرائيلية الأخيرة، ولكن منذ تسلّم الرجل الأمانة العامة للحزب خلفًا للشهيد السيد حسن نصر الله، وهو ما يدفع إلى التساؤل الجدي: هل كان كلام قاسم رسالة ردع مشروعة في سياق التوتر مع إسرائيل، أم أنه إشارة مبكرة لانزلاق داخلي بات ممكنًا في ظل هشاشة التوازن السياسي؟
 
تهديد مباشر للسلم الأهلي
 
كما بات واضحًا، فإنّ خطاب الشيخ نعيم قاسم الأخير أثار عاصفة سياسية بأتمّ معنى الكلمة، فكأنّ القوى المعارضة لـ"حزب الله" كانت تنتظر منه خطابًا من هذا النوع، توالت سريعًا الردود عليه، لتتقاطع على اتهام الحزب بالتخلّي الصريح عن منطق الشراكة الوطنية، واستعادة لنبرة الوصاية المسلحة التي لطالما رفضها المعارضون، الذين يقولون إنّ أكثر ما يثير الريبة في الخطاب ليس المضمون، بل النبرة الواثقة والمطلقة في توصيف الخيارات.
 
بالنسبة إلى خصوم "حزب الله"، فإنّ هذا النوع من الخطاب، الذي يدمج المصير الوطني بمصير فئة أو مشروع، هو بمثابة تهديد وجودي يُفرغ مفهوم الدولة من مضمونه، ويحوّل أي نقاش حول السلاح أو السيادة إلى محظور. ويشيرون إلى أنّ الحديث عن "خيارين لا ثالث لهما" يعيد إنتاج منطق الحسم بالقوة، لا الحوار، ويضع المؤسسات أمام مأزق فعلي: إما أن تتماهى مع منطق الحزب، أو أن تتحمل تبعات التحدي.
 
الخطير في هذا السياق، هو أن الخطاب يُفسَّر لدى خصوم الحزب كإعلان نهاية لمرحلة التعايش الهش، وبداية لمرحلة الفرض، ما يُفقد مفاهيم "الشرعية" و"الوحدة" معناها العملي. وعليه، فإن الاستنفار الذي شهدته الساحة السياسية عقب الخطاب، على ضفّة خصوم الحزب التقليديّين والجُدُد على حدّ سواء، لم يكن استباقًا لحرب فعلية، بقدر ما كان محاولة للقول إن لبنان ليس ساحة لابتزاز داخلي مغطّى بشعارات

المقاومة.
 
منطق التحذير لا التهديد.. هكذا يقرأه مؤيدو الحزب
 
في المقابل، يقرأ مؤيدو "حزب الله" الخطاب من زاوية مختلفة تمامًا. بالنسبة إليهم، لم يكن الشيخ نعيم قاسم يلوّح بالحرب، بل يحذّر منها. فالنبرة العالية، وإن بدت هجومية، جاءت في سياق الدفاع، لا المبادرة، وفي سياق التحذير من أن الاستمرار في استفزاز الحزب وبيئته، عبر التشكيك في شرعيته أو محاولة تطويقه سياسيًا، قد يفتح الباب أمام انهيارات لا يرغب بها أحد.
 
التمسك بهذا التفسير لا ينطلق من عبث، بل من قناعة بأن الحزب لا يحتاج إلى المواجهة الداخلية لتثبيت معادلاته، فهو لا يزال الأقوى سياسيًا وعسكريًا، وبالتالي فإن خياره الطبيعي هو الحفاظ على الستاتيكو الحالي. لكن في الوقت نفسه، يدرك "حزب الله" أن هناك ديناميات جديدة داخلية وخارجية تتكوّن لمحاصرته، بدءًا من تطورات الجبهة الجنوبية، مرورًا بالحراك الدبلوماسي، وصولًا إلى التحولات في موقف بعض حلفائه التقليديين.
 
من هذا المنظور، فإن تحذير قاسم لا يحمل تهديدًا مباشرًا، وفق ما يقول العارفون بأدبيّات "حزب الله"، بل يشكّل ما يمكن وصفه بـ"خط أحمر" جديد، يُراد منه لجم اندفاعة خصومه نحو الاستقواء عليه وصولاً إلى نزع سلاحه، في استغلال لنتائج الحرب الأخيرة على لبنان، والخسائر التي مني بها الحزب. وكما في التجربة التاريخية مع الحزب، فإن مثل هذه الخطابات كثيرًا ما تؤسس لمعادلة توازن جديدة، لا لانفجار وشيك.
 
لا يوحي خطاب الشيخ قاسم وما تبعه من ردود، بأن البلاد على شفير حرب أهلية، كما قد توحي العناوين. لكنّ المؤكد أن التوازن الذي حكم المعادلة اللبنانية في السنوات الأخيرة بات مهددًا. وإذا كان خطر الحرب يبدو غير واقعي، فإنّ الخطر الحقيقي يكمن في ما هو دون الحرب: تآكل الثقة، وتعطيل المؤسسات، وتسارع الانقسام السياسي والمناطقي. ومتى تكرّست هذه الحالة، فإن الانفجار يصبح مسألة وقت، لا قرار.
المصدر: خاص "لبنان 24"

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا