تقرير مخيف عن الإبادة البطيئة في الساحل السوري.. نحو 15 ألف معتقل علوي في السجون.. طرد جماعي "عالهوية" من المؤسسات الحكومية.. وخطف ممنهج للنساء
منذ استلام سلطة أحمد الشرع، يشهد الساحل السوري سلسلة أحداث دامية ومعقدة وصفتها منظمات حقوقية دولية بأنها ترقى إلى مستوى “التطهير العرقي”. هذه الأحداث شملت عمليات قتل على الهوية، إعدامات ميدانية، حرق ونهب، وتهجير قسري لعشرات القرى، إلى جانب ملفات شائكة مثل اختطاف النساء واعتقال الآلاف دون محاكمة.
اللجنة التي شكّلها رأس السلطة الانتقالية أصدرت تقريرها حول جرائم الساحل معتبرة ما جرى “عمليات ثأر فردية”. لكن الناشط الحقوقي غدير بشير وصف التقرير في حديثه لـ”دار بودكاست” بأنه ظالم وغير منصف، موضحًا أن تشكيل اللجنة بحد ذاته افتقد للمصداقية، إذ ضمّ أشخاصًا متورطين في الأحداث نفسها. شهادات حقوقية محلية تحدثت عن مجازر ارتُكبت بحق المدنيين، وعمليات قتل موثّقة بالفيديو، فضلاً عن رمي جثث في البحر ودفن ضحايا في مقابر جماعية. وبحسب بشير، فإن التوثيق المحلي أظهر أعداد الضحايا تتجاوز 12,700 بين شيوخ ونساء واطفال وشبان حتى آذار/مارس، بينما قدرت تقارير دولية مثل رويترز العدد بأقل من ذلك بكثيرج نتيجة اختلاف آليات التوثيق.
من أبرز مظاهر الانتهاكات التي برزت منذ تولّي الشرع للسلطة قرارات طرد جماعي للعلويين من الوظائف الحكومية. ففي حادثة بارزة، روى موظفون أن مدير مرفأ طرطوس جمع العاملين وأبلغهم حرفيًا: “لا أريد أن أرى علويًا هنا غدًا”، وهو ما اعتُبر قرارًا ذا طابع طائفي واضح. القرارات لم تقتصر على قطاع المرافئ، بل شملت أيضًا التعليم عبر طرد أساتذة جامعات وأعضاء هيئة تدريس، والقطاع الصحي عبر فصل أطباء وممرضين وإغلاق مستوصفات ومراكز ريفية، وصولًا إلى تغييب شبه كامل للعلويين عن وزارتي الدفاع والخارجية والمؤسسات الأمنية. بشير وصف هذه السياسة بأنها إجراءات انتقامية هدفها خنق المجتمع العلوي اقتصاديًا، مشيرًا إلى أن كثيرًا من الأسر فقدت مصدر رزقها الوحيد مع انقطاع الرواتب.
ترافقت عمليات الطرد مع انهيار المعيشة في الساحل. فالمزارعون يُستهدفون في أراضيهم، وحركة التجارة متوقفة، فيما يعيش السكان حالة خوف من القتل أو الخطف عند خروجهم لأعمالهم. ومع فقدان العمل والراتب، وجد كثيرون أنفسهم بلا مقومات أساسية للحياة اليومية. في هذا السياق، يصف الحقوقيون ملف النساء المختطفات بأنه الأخطر. وبحسب الشهادات، فإن نساء علويات تعرضن للخطف، وجرى بيع بعضهن أو احتجازهن في إدلب ومناطق أخرى تحت سيطرة فصائل مسلحة. بشير أكد أن قضية المختطفات حسمت الموقف داخل المجتمع العلوي، معتبرًا أنها أقسى من المجازر نفسها، وأنها أنهت أي إمكانية للتسوية مع السلطة الحالية.
التقديرات تشير إلى وجود ما بين 14 و15 ألف معتقل علوي في سجون متعددة مثل حماة وحمص وحارم وعفرين. معظمهم طلاب كليات عسكرية أو مجندون سابقون، احتُجزوا منذ الأيام الأولى دون تهم واضحة أو محاكمات. الناشطون يعتبرونهم رهائن يجري الاحتفاظ بهم كورقة ضغط. مجازر الساحل رافقها تهجير قسري لعشرات القرى، خاصة في ريف حماة وحمص. كثير من البيوت صودرت أو أُحرقت، فيما استولت شركات مرتبطة بمكاتب اقتصادية محلية على أراضٍ زراعية واسعة. ويقدَّر عدد المهجّرين بما لا يقل عن 15 ألف شخص، يعيش معظمهم في ظروف إنسانية قاسية، سواء داخل الساحل أو في لبنان.
بشير أوضح أن المجتمع العلوي لم يعد لديه أي مطالب من العصابة الحاكمة سوى زوالها، مشيرًا إلى أن الأهالي يطالبون المجتمع الدولي بتدخل المنظمات الأممية لمتابعة ملف المختطفات والمعتقلين، وفرض حماية دولية عاجلة في الساحل، والاعتراف بحق تقرير المصير لمجتمع تعرّض للتطهير العرقي. ويرى الحقوقيون أن الحل الأمثل لمستقبل سوريا هو اللامركزية الكاملة، بحيث تدير كل منطقة مواردها ومؤسساتها ضمن دولة سورية موحدة، مع ضمان مشاركة جميع المكونات: علويين، سنة، مسيحيين، إسماعيليين، وأقليات أخرى. ويعتبرون أن رسم الحدود بالدماء في الساحل والسويداء ومناطق الأكراد جعل خيار اللامركزية أمرًا واقعًا لا مفر منه.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|