الصحافة

هديّة "الحزب" الأثمن إلى إسرائيل...

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

لا البداية توقّعها أحد... ولا حتى النهاية. فمن كان ليتخيّل أن "حزب الله"، تلك المجموعة الصغيرة التي ظهرت في الجنوب عام 1982 ستتوسّع وتتحوّل في خلال عقود إلى واحدة من أبرز القوى العسكرية غير النظامية في الشرق الاوسط، قبل أن تصطدم بحائط الإسناد وصولا إلى ما يصلح أن يوصف بـ"نكبة 2025" بالنسبة للحزب طبعا؟!

كانت البداية على نطاق شيعي ضيّق، حينما قام الحزب بتجنيد شبان شيعة وتقديم الخدمات والمساعدات معزّزا شعبيته، ليخوض بين 1988 و1990 اشتباكات دموية مع حركة "أمل" بزعامة نبيه بري والتي كانت حينها القوة الشيعية الابرز في لبنان، وقد عُرفت حينها بـ"حرب الإخوة" وانتهت لصالح "حزب الله".

وضع الحزب "مقاومة الاحتلال" شعارا لعمله، وراح يتسلّح وينظّم صفوفه ويقوم بعمليات محدودة على الحدود مع إسرائيل، وصولا إلى مرحلة فاصلة ليس في تاريخه فحسب إنما في التاريخ الذي سيُكتب لاحقا للبنان... نتحدث هنا عن العام 1996، عندما شنت إسرائيل حملة عسكرية عُرفت بـ"عناقيد الغضب" من أجل وقف هجمات "حزب الله" على شمالها، فاستهدفت قرى الجنوب والبنى التحتية وصولا إلى مجزرة قانا. فكانت مواجهة انتهت بوساطة دولية قادها يومها الرئيس الشهيد رفيق الحريري للتوصل إلى وقف لإطلاق النار مع إنشاء "لجنة مراقبة" تضم لبنان وإسرائيل وسوريا وفرنسا والولايات المتحدة. اهمية هذا الاتفاق هو انه شكّل سابقة دبلوماسية مهمة حيث اعترف ضمنيّا بشرعية المقاومة.

في هذه المرحلة يمكن القول إلى الحزب تحوّل إلى قوّة موازية نوعا ما للجيش اللبناني، والجرعة الاهم التي اعطيت له في ذلك الوقت، كانت مع الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب عام 2000، لتتصاعد أهميته وقوّته ويحصد دعما متضاعفًا.
إغتيل رفيق الحريري عام 2005، وأشارت أصابع الاتهام كما التحقيقات إليه. مشى اللبنانيون بمئات الآلاف يطالبون بخروج الاحتلال السوري من لبنان، فقاد الحزبُ تظاهرةً موازية لشكر سوريا. هنا بدأت تظهر ملامحُ مختلفة على محيّا الحزب.... تبعتها حرب تموز 2006 وصولا إلى 7 أيار واجتياح بيروت... حينها يمكن القول إن حزب الله بلغ مرحلة الانقلاب على الدولة والسيطرة على الحكومة ومؤسسات الدولة.
كانت الحرب السورية عام 2011 نقطة مفصليّة في مسيرة "حزب الله"، إذ إن انخراطهُ رسميّا وعلنيّا بها نقلهُ حينها من مقاومة محليّة لمواجهة إسرائيل، ليصبح لاعبا إقليميا، منخرطًا في حربٍ خارج الحدود اللبنانية، وباسطًا امتدادهُ إلى العراق واليمن، وجزءا من "محور المقاومة" الذي تديرهُ طهران من بعيد.

تعاظمت ترسانته العسكرية إلى مستوى غير مسبوق، بنى الأنفاق وشيّد مخازن للأسلحة في كل مكان، مع صواريخ دقيقة وطائرات مسيّرة اخترقت العمق الإسرائيلي، و"هُدهُد" مثالا على ذلك... فكان الثمن باهظا جدا. حربُ إسنادٍ لغزة، تحوّلت إلى الفتيل الذي سيُحرق "حزب الله" مع أسلحته وترسانته كاملة ويعيدُه إلى القعر، إلى البداية وربما في ظروف أسوأ بكثير مما كان عليه عندما كان مجموعة صغيرة...
فالحزب الذي لطالما قدّم نفسه كقوّة لا تُقهر، لا بل "إلهية" في كثير من الاحيان، تلقى واحدة من أقسى الضربات التي يمكن لفصيل مسلح بهذا الحجم أن يتلقاه. ونكبته لم تكن عسكرية فقط إنما رمزية وشعبية، وضعتهُ ومن يناصرونه في خانةٍ من العزلة، مشفّرة بكل ما للكلمة من معنى.

لم تقضِ عليه إسرائيل حينما كان مسيطرا على لبنان، لم تقض عليه حينما كان يقضم مؤسسات الدولة ويعيق قيام الدولة.. فقط حينما بات يشكل تهديدا حقيقيا لها تدخّلت فأعادته سنوات إلى الوراء، او بالاحرى أعادته إلى المرحلة الاساس حينما كان يهدّد الدولة اللبنانية من دون ان يشكل خطرا على الدولة العبرية، وربما الهدفُ هو ما سبق ذكره. فالحزبُ كما هو اليوم، بتعنّته ومواقفه الانتحارية للداخل، أقسى ما تحلم به إسرائيل، والهدية الاثمن لها.

سينتيا سركيس - mtv

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا