محليات

بين بري وجنبلاط.. هذه حكاية "حماية بيروت"

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

مُستغربة الهجمة "التخوينية" التي طالت الرئيس السابق للحزب "التقدمي الإشتراكي" وليد جنبلاط من قبل بعض الدروز في سوريا، وكأن الأخير هو الذي افتعل بهم ما حصل في السويداء قبل نحو شهر.

نظرة شاملةٌ تجاه حراك جنبلاط بشأن دروز السويداء تكفي لأن يكون "سنداً" أساسياً لهم، فهو أول من نادى بوحدة السويداء والدروز هناك، وكان أول من بادر تجاه النظام السوري الجديد لحماية وجودهم. ولكن، كل شيء ضاع سُدى، والسبب؟ لا شيء.

إذا كان موقف جنبلاط ضدّ إسرائيل هو الذي جعله في مصاف "الخوَنة"، فله الشرفُ، بحسب ما تقول اوساطه، في أن يكون مناهضاً لمنطق الإرتماء في أحضان تل أبيب. ما فعله "زعيم المُختارة" ليس جريمة في عدائه المُطلق لإسرائيل، بل هو وطنية تحفظ لبنان وسوريا معاً.

ولكن، ما هي خطوات جنبلاط المُقبلة بعد "التخوين" الذي طاله؟ حالياً، هناك هاجس كبير لدى جنبلاط لا يرتبط بالسويداء، بل يتصلُ بالداخل اللبناني. تركيز "البيك" الآن يتمحور حول عدم حصول أيّ فصلٍ من فصول العنف داخل لبنان، خصوصاً أنَّ خطر الحرب الأهلية يلوحُ في الأفق إثر تهديدات "حزب الله" باللجوء إلى القوة في حال تمت المبادرة لنزع سلاحه.

ليس سهلاً على جنبلاط أن يخوض تجربة الحرب مرة جديدة. المسألة هذه قاتمة جداً بالنسبة له، كما أن المعادلات والتوازنات اختلفت. في السابق، وإبان الحرب الأهلية اللبنانية بين عامي 1975 و 1990، لم يكن جنبلاط بمفرده، بل كانت الحركة الوطنية اللبنانية معه، كما أن الفلسطينيين كانوا إلى جانبه. أيضاً، حينها، كان نبيه بري، قبل أن يُصبح رئيساً للمجلس النيابي عام 1992، حليفاً وثيقاً لجنبلاط. أما اليوم، فلا وجود لـ"الحركة الوطنية" بمختلف أطيافها اليسارية، فيما الفلسطينيون باتوا محصورين بالمخيمات وخطوة نزع السلاح تلوح في أفقهم، أما بري، فيقفُ بين "حزب الله" الذي يرى نفسه مستهدفاً، وجنبلاط الذي يسعى لحفظ طائفته من أي اقتتال.

في الواقع، لا يريد جنبلاط هذه المرة أن يكون طرفاً في أي اقتتال، وكذلك برّي. في 7 أيار 2008، حينما فتح "حزب الله" معركة شرسة ضد "الإشتراكي" و تيار "المستقبل"، كان بري يسعى لوقف دوامة العنف وإدارة التسويات، وهذا ما نجح فيه حقاً. صحيحٌ أنّ بري كان آنذاك حليفاً لـ"حزب الله" المُتهم بـ"اجتياح بيروت"، لكنه في الوقت نفسه لم يكسر الجرّة مع جنبلاط بل سعى لحمايته ميدانياً لأنه يعلم تماماً أهمية دور المختارة على صعيد التوازنات الداخلية، وإن أي إطاحة بـ"البيك" ستعني ضرب طائفة الدروز في عمقها التاريخي والسياسي.

أمام كل ذلك، يسعى جنبلاط لـ"درء نفسه" عن لعبة الشارع، ليس فقط للحفاظ على نفسه فحسب، بل لإبقاء تحالفه متيناً مع بري الذي يرفض الانجرار إلى حربٍ داخلية بكل الأساليب. فعلياً، لكن طرف أسبابه، جنبلاط لا يريد الإنتحار، وفي الوقت نفسه لا يريد الانجرار وراء رغبة "حزب الله" في تأجيج نار الشارع، فالأخير لم يجد من يُجاريه في المنطق الذي يسير عليه. أما بري، ورغم أنه حليف "الحزب"، يحافظ على الهدوء التام، والدليل على ذلك جمهور حركة "أمل" المنضبط انضباطاً تاماً، والسبب وراء ذلك يرتبط بأمرين: الأمر رفض بري أن يعيش شيعة لبنان حرباً جديداً لأنها تخدم إسرائيل ومخططاتها، والثاني خشيته على انفراط الدولة لأن ذلك سيؤثر سلباً على مكتسبات الشيعة، وقد تجري محاسبتهم سياسياً لاحقاً.

هذه الهواجس التي يحملها جنبلاط وبري معاً، تتجاوز كل ما يُقال خارج لبنان.. الهم الأكبر لجنبلاط، ليس السويداء بل حماية بيروت. الهدف ذاته يلاقيه عليه بري الذي يؤيد انهماك جنبلاط في التركيز الداخلي، لأن ذلك يمثل صمام أمان يفتح الباب أمام المعالجات.. فهل سينجح عبر جنبلاط وبري ما سيأتي من مبادرات؟ الإجابة مرهونة بالأيام المقبلة وما ستحملهُ معها من تطورات.

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا