محليات

انقلاب غير مسبوق في المشهد الدرزي

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

جرت العادة أن يتصدر رجال السياسة في الطائفة الدرزية المشهد، سواء في الظروف العادية أو حتى الطارئة، وعندما كانت الطائفة تتهيأ لمواجهة أو تنتهي منها، كان السياسيون هم من يشرفون على المطالب، والتفاوض، والتوقيع في نهاية المطاف.

في لبنان مثلاً، كان للنائب السابق وليد جنبلاط الحضور الأقوى في مؤتمر الطائف على الصعيد الدرزي، والاتفاق الذي نجم عنه. وخلال أحداث السابع من أيار 2008، تعاون جنبلاط نفسه مع رئيس الحزب الديمقراطي طلال أرسلان للتوصل إلى تسوية مع حزب الله لوقف المعارك، وعندما ارتكبت جبهة النصرة مجزرة بحق دروز إدلب، تولى رئيس الاشتراكي وممثلوه الاتفاق مع الجبهة للتهدئة، ولكن الأمر انتهى بنزوح حوالي 80% من الدروز نحو جرمانا والسويداء.

لكن أحداث السويداء الأخيرة، أطاحت بالحضور السياسي التقليدي الذي عرفته طائفة الموحدين الدروز لصالح رجال الدين وجماعات من أبناء الطائفة المتواجدين في بلاد الاغتراب، في خطوة غير مسبوقة أقله في السنوات الماضية.

وجاء الانخراط الدرزي الكبير سواء من السويداء حيث دارت المعركة، ولبنان، وإسرائيل، نظرًا لما اعتبره الدروز بأنهم يواجهون حرب إبادة لم يسبق أن مرّت عليهم من قبل، ولذلك كان الانخراط الروحي على أعلى مستوى.

في السويداء، كان الرئيس الروحي للطائفة الشيخ حكمت الهجري هو الشخصية الرئيسية، فمن جهة يقود أبناء المحافظة بوجه القوات المهاجمة، ويواجه من ناحية أخرى سيلًا من التهديدات الصادرة عن مسؤولي وأنصار النظام السوري الجديد، وفي الوقت نفسه كان على تواصل لحظي مع فريق عمله والمرجعيات الروحية في الشرق الأوسط لوضعهم في صورة ما يجري.

أما في إسرائيل، فلم يُوفر رئيس الطائفة هناك الشيخ موفق طريف جهدًا لتوفير الحماية للدروز في سوريا، ولم تقتصر لقاءاته على المسؤولين الإسرائيليين، بل اجتمع مع سفراء الدول الكبرى والأوروبية لإطلاعهم على صورة ما يجري، وفي الساعات الأخيرة طار إلى العاصمة الفرنسية باريس للقاء المبعوث الأميركي إلى سوريا توم برّاك، ونقل مطالب الدروز في سوريا.

المرجع الروحي الأعلى لطائفة الموحدين الدروز في لبنان الشيخ أمين الصايغ، المعروف عنه ندرة إطلالاته، والذي يخرج في بيانات مصورة أو مكتوبة عندما تمر الطائفة بمراحل مفصلية فقط، أصدر خلال أسبوعين تقريبًا 4 بيانات، حذر فيها من مغبة التعرّض للدروز، وطالب أبناء “التوحيد” بالتعاضد ودفع الأذى عن أنفسهم.

إلى جانب الحضور الديني البارز، واستجابة لنداء المراجع الروحية، لعب الدروز في الاغتراب دورًا أساسيًا في إيصال الصوت إلى عواصم القرار. وجدير بالذكر أن هؤلاء المتواجدين في الخارج غير محسوبين على الزعامات السياسية الدرزية، ولا يخاصمونها أو يكنّون لها العداء في آن واحد، وبالتالي هم أقرب إلى الطيف الديني.

ومنذ اليوم الأول لانطلاق الحملة على السويداء، خرج الدروز من (لبنان وسوريا وإسرائيل) في البلدان الأوروبية بمظاهرات كبيرة، خصوصًا في ألمانيا وفرنسا وأيضًا كندا وأستراليا، لرفع الصوت واستنكار المجازر التي وقعت. وفي الولايات المتحدة، عمل الأميركيون الدروز على التواصل مع كبار الإعلاميين مثل مارك ليفين وكريس كومو، وشخصيات أخرى لها حضورها، لنقل صورة ما يتعرض له الدروز، فكانت النتيجة أن هذه الأصوات الإعلامية التي تمتلك شعبية كبيرة عند الأميركيين بدأت تسلط الضوء على ما يواجهه الدروز، كما تم التواصل مع مسؤولين في الإدارة أولًا خلال المعارك للمطالبة بتدخل أميركي حاسم لفرض وقف إطلاق النار، وانسحاب قوات الشرع، وبعد التدخل الأميركي ووقف المعارك بدأت المطالبات بفتح معابر إنسانية سواء من قاعدة التنف الأميركية، أو من ناحية الجولان السوري.

التغيير الدرزي المستجد، الذي ظهر في أحداث السويداء، يطرح تساؤلات كبيرة حول مستقبل المشهد في الطائفة بشكل عام، فهل التحول من الاعتماد على السياسيين في إدارة شؤون الطائفة إلى تصدر غير السياسيين المشهد مع النجاح النسبي المحقق حتى الآن في مسألة السويداء سيؤسس لمرحلة جديدة داخل الطائفة؟

ليبانون ديبايت" - وليد خوري

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا