هل خالف ريال مدريد اللوائح بإشراكه ماستانتونو أمام أوساسونا؟
الصراع الأميركي – الإيراني وانعكاسه على لبنان
يُعتبر لبنان، بحكم موقعه الجغرافي وتركيبته السياسية الهشّة، أحد أبرز الساحات المتأثرة بالصراع الأميركي – الإيراني. فمنذ عقود، تحوّل البلد الصغير إلى مساحة تجاذب وصراع غير مباشر بين واشنطن وطهران، حيث تُترجم المواجهة عبر أدوات سياسية وأمنية واقتصادية، تجعل من لبنان ساحةً لتصفية الحسابات، أكثر مما هو دولة ذات سيادة كاملة على قرارها الوطني.
أولاً: يتجاوز الخلاف الأميركي – الإيراني حدود لبنان ليشكل جزءاً من صراع أوسع على النفوذ في الشرق الأوسط. فالولايات المتحدة تسعى إلى تكريس حضورها كقوة مهيمنة وضمان أمن إسرائيل، فيما ترى إيران في توسيع نفوذها عبر "محور المقاومة" وسيلة لحماية نظامها وتثبيت موقعها الإقليمي. وفي هذا السياق، يشكّل "حزب الله" في لبنان الذراع الأبرز لطهران في مواجهة واشنطن وحلفائها.
ثانياً: لم يكن لبنان في يوم من الأيام لاعباً مستقلاً في هذا النزاع، بل بات رهينةً لارتباطاته الخارجية. فوجود "حزب الله" بسلاحه وقدراته العسكرية جعله طرفاً مباشراً في مواجهة أميركا وإسرائيل، وهو ما انعكس على الداخل اللبناني انقساماً سياسياً وطائفياً حاداً بين مؤيدين ومعارضين لهذا الدور. هذا الانقسام أضعف الدولة ومؤسساتها، وحال دون قيام سياسة خارجية موحّدة تخدم المصالح الوطنية.
ثالثاً: أدت العقوبات الأميركية المتتالية على إيران و"حزب الله" إلى إضعاف الاقتصاد اللبناني، إذ طالت المصارف والقطاع المالي وضيّقت على حركة الاستثمارات والتحويلات. كما انعكست سلباً على صورة لبنان كبيئة آمنة للأعمال. سياسياً، أصبح الاستحقاق الرئاسي وتشكيل الحكومات مرتبطين، بشكل أو بآخر، بتوازنات الصراع الأميركي – الإيراني، بحيث يتحوّل أي تفاهم أو اشتباك بين الطرفين إلى عامل حاسم في تعطيل أو تسريع الحلول اللبنانية.
رابعاً: لا يقتصر التأثير على الجانب السياسي والاقتصادي، بل يمتد إلى الأمن والاستقرار. فكلما ارتفع منسوب التوتر بين واشنطن وطهران، يُخشى أن يتحوّل لبنان إلى ساحة مواجهة عسكرية، سواء عبر الحدود الجنوبية أو من خلال ضربات محدودة متبادلة. وتجربة الحروب السابقة أثبتت أن الشعب اللبناني يدفع دائماً الثمن الأكبر في الأرواح والدمار والبنى التحتية.
خامساً: إن استمرار لبنان في لعب دور الساحة المفتوحة للصراع يهدد بقاءه كدولة قابلة للحياة. من هنا تبرز الحاجة الملحّة إلى اعتماد سياسة تحييد حقيقية، عبر إعادة الاعتبار لقرارات الشرعية الدولية، وتعزيز دور الجيش كمؤسسة وحيدة مخوّلة بحمل السلاح، واعتماد الدبلوماسية لحماية المصالح الوطنية بعيداً عن المحاور الخارجية.
في الختام: الصراع الأميركي – الإيراني ليس نزاعاً عابراً، بل هو مواجهة استراتيجية طويلة الأمد. لكن الخطر الحقيقي يكمن في أن يبقى لبنان أسيراً لهذه المواجهة، فيما شعبه يرزح تحت أعباء اقتصادية واجتماعية خانقة. إن المخرج الوحيد يكمن في بناء دولة قوية، قادرة على فرض سيادتها، وتحصين نفسها من أن تكون أداة أو ساحة في لعبة الأمم.
دافيد عيسى سياسي لبناني -اخبار اليوم
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|