هل يعود الروس من بوابة السويداء؟
تعقّد المشهد كثيراً في الجنوب السوري، بعد الأحداث الدموية التي شهدتها محافظة السويداء، وانقطاع طريق دمشق. على وقع انعدام الثقة بفعل الانتهاكات وجرائم الحرب التي ارتُكبت هناك ووثّقتها مئات المقاطع المصوّرة على مواقع التواصل الاجتماعي، والاتجاه نحو فتح ممرّ انساني عن طريق الجولان على أثر اجتماع باريس الأخير بين سوريا وإسرائيل برعاية أميركية.
وفيما يحتدم الكباش حول مصير المنطقة في ظل المواجهة الإسرائيلية التركية على النفوذ، ودفع تل أبيب نحو منطقة عازلة هناك، يعود الطموح الروسي مجدداً للعب دور شرطي الحدود السورية الإسرائيلية.
تسعى موسكو، التي استقبلت وزيري خارجية ودفاع سوريا خلال أحداث السويداء، للاستثمار في الواقع الأمني الجديد في الجنوب السوري لاستعادة دورها الذي بقيت تلعبه هناك حتى أسابيع قليلة قبل سقوط نظام الأسد.
فهل ستعود دوريات الشرطة العسكرية الروسية الى المحافظات الجنوبية في السويداء ودرعا؟
يتوقف الخبير في الشؤون الروسية الدكتور خالد العزي، في حديث لموقع mtv، عند زيارة الوفد السوري إلى موسكو، معتبراً أنه كان نوعاً من إعادة ترتيب أوراق موسكو، التي لم تهتم بها الإدارة السورية الجديدة لكنها في الوقت نفسه لم تعادِها. وأشار إلى أن الروس يحاولون فتح صفحة جديدة مع الحكومة السورية، وإبداء الرغبة بالاستعداد للمساهمة في الاقتصاد والمشاريع وسواها. ولكن لدى السوريين مطالبهم أيضاً، وربما الأمر الوحيد الذي اتفقوا عليه هو إبقاء التواصل في ما بينهم.
وفيما يلفت إلى أهمية موقع حميميم، الذي يُعتبَر قاعدة أساسية لموسكو، وخروجها منها يعني خروجها من المياه الدافئة، يرى أن "روسيا ليست عاملاً أساسياً في سوريا اليوم، والطريق لا يزال طويلاً أمام تطبيع العلاقات بينها وبين دمشق الجديدة. لا سيما وأن الإدارة السورية الحالية كانت خصماً لروسيا التي كانت تتعامل معها كجهة إرهابية وحمت نظام الاسد".
ويشير العزي إلى "المؤتمر العربي الروسي الذي سيُعقد في 15 تشرين الأول المقبل، وسيشارك فيه عدد كبير من الرؤساء، ووُجهت دعوة للرئيس السوري أحمد الشرع الى روسيا، ولكن أعتقد أنه لن يذهب، لأن مطلبه واضح وهو تسليم بشار الأسد والأموال التي سُلبت من سوريا".
وبدا العزي جازماً بأن "الروس لن يدخلوا الى السويداء للكثير من الأسباب"، مضيفاً "دخول الروس الى السويداء لا يحصل من دون موافقة أميركية وسورية وعربية. في حين أن تجربة الروس في سوريا كانت سيئة طوال السنوات الماضية".
ويعتبر العزي أن "الروسي لا يملك شيئاً في سوريا ولا يستطيع أن يقدم لها شيئا. فالشرع يحاول أن يكون براغماتيا، بمعنى بناء علاقات مع الجميع لحاجته للكثير من النقاط ورغبته بإدخال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، صديق بنيامين نتنياهو على الخط، ليقول له أن المغامرة في سوريا ستكون فاشلة. وكذلك الامر بالنسبة للأذربيجاني".
ويلفت العزي إلى 3 مواقف أساسية في مقاربة مسألة الجنوب السوري وهي كالآتي:
-الضغط على إسرائيل عبر أذربيجان لما تمثله من دور مميز في المنطقة، فهي أول دولة إسلامية على علاقة جيدة باسرائيل ولها قواعد فيها.
-الضغط على إسرائيل عبر الدور الروسي، لما يتمتع به نتنياهو من علاقة مميزة مع بوتين. والأخير لديه مصلحة بتسليف للدولة السورية الجديدة، لأنه سيحاول الإشراف على إعادة تسليح الجيش السوري والحفاظ على موقعه في حميميم وإعطاء سوريا بعض المنتوجات الاقتصادية ومنع مرور الغاز الذي بدأ يتدفق من اذربيجان الى سوريا واستبداله بغاز روسي.
-الضغط عبر الطرف الضامن الأكبر وهو الأميركي، الذي وضع خطاً أحمر إضافة الى الروسي والتركي والعربي بأن "لا للتقسيم في سوريا، مع الوحدة".
وفيما يعتبر العزي أن "لا عودة روسية ولا أميركية الى السويداء"، و"أن طريق السويداء سيعود إلى دمشق"، يبقى الكثير من الأسئلة بلا أجوبة حول كيفية ترميم علاقة السويداء بدمشق بعد كل ما حصل. والأهم هل ستستطيع الدولة السورية أن تعيد حجز مكانتها كدولة مركزية بعد كل التغيّرات الجيوسياسية التي عصفت بحدودها؟ وهل سيقبل الإسرائيلي بأن يصل التركي عند حدوده وهو الداعم الاكبر لحكم الشرع؟ وبهذه الحالة هل سيكون الروسي فعلاً هو الحل للفصل ما بين نفوذ أنقرة وتل أبيب؟
نادر حجاز
خاص موقع Mtv
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|