أنتم العملاء…

ما خرج إعلاميٌّ أو سياسيٌّ أو رجل دين أو فنّانٌ ليعترض على وجود سلاح خارج الشرعيّة، إلا واتُّهم بالعمالة. حزب الله الوحيد الذي على حقّ، بينما من يخالفه الرأي عميل وصهيوني.

من يعترض على السلاح هم أصحاب رأي. أمّا العملاء فغالبيّتهم الساحقة من بيئة حزب الله. هؤلاء يسرّبون المعلومات ويمنحون الإحداثيّات ويصوّرون. لم نرَ "قوّاتيّاً" أو "عونيّاً" أو "كتائبيّاً" تورّط في العمالة لإسرائيل. العملاء في الجنوب والضاحية الجنوبيّة وغالبيّتهم الساحقة من الطائفة الشيعيّة التي يدّعي حزب الله النطق باسمها، بينما تعجّ الطائفة بكبارٍ في أكثر من مجال، وبقصص نجاحٍ في لبنان وخارجه يجب أن يفتخر بها كلّ لبنانيّ.

نحن ضدّ السلاح خارج الدولة، مهما كان هدفه أو دوره. ونحن ضدّ إسرائيل، ونجد بنيامين نتنياهو مجرماً. ونحن ضدّ أيّ تواصل لحزبٍ لبنانيٍّ مع الخارج، إلا عبر الدولة ومؤسّساتها والأطر الديبلوماسيّة. ونحن ضدّ أن تمتلك طائفة، سواء قلّ عدد أبنائها أو كبُر، ميزات تفاضليّة على الطوائف الأخرى.

أمّا العميل فهو من يورّط بلده في حروب الآخرين، ويهرق دم الآلاف بين حرب سوريا وحرب الإسناد. والعميل هو من يرضى بأن تسلّحه وتموّله وتتحكّم بقراره دولة أخرى. والعميل هو من ينتظر ما يقرّره المرشد الأعلى المقيم في غرفة مكيّفة في طهران ليأمر شابّاً يقبع في نفقٍ في جنوب لبنان، إن كان سيذهب الى الموت أو يواصل الحياة.

تهمة العمالة، وقد وجّهتها هذه البيئة المخدوعة بأوهام القوّة والانتصار والأساطير الدينيّة، الى رئيس الجمهوريّة ورئيس الحكومة وسياسيّين ورجال دين وإعلاميّين وفنّانين وأصحاب رأي، مردودة لأصحابها، فهم عملاء إيران وحرسها الثوري، ومن بينهم خرج معظم عملاء إسرائيل. سهى بشارة، التي حاولت قتل أنطوان لحد، كانت أرثوذكسيّة. كان ذلك قبل أن يحتكر حزب الله المقاومة ويمنعها عن الآخرين مكتفياً بتمويلهم بعملة الشيطان الأكبر!

أمّا نحن فنريد لبنان الذي تكرهونه. لبنان الجيش والقانون والسياحة وفرص العمل. لبنان التاريخ في قلعة بعلبك وغيرها، ولبنان الإيمان في وادي قاديشا كما في كلّ مسجدٍ وكلّ خلوة، ولبنان السهر والمهرجانات، ولبنان المدرسة والجامعة والثقافة والمستشفى والانفتاح على الغرب المتطوّر لا على مشاريع الحروب والفتن والإرهاب…

نحن مع هذا الـ "لبنان"، وإن كنتم ضدّه فأنتم العملاء.