حضانة لترهيب الأطفال وعزلهم وتجويعهم في الجنوب.. إليكم التفاصيل
بعد صراع امتد لأكثر من 3 سنوات، وبعد أخذ وردّ، وطرح عروض للتنازل، وختم القضية، أقفل القضاء حضانة في رميش، كان هدفها ترهيب الأطفال، عزلهم داخل غرف مظلمة، وحرمانهم من الطعام. هكذا تجرأت والدة أحد الأطفال برفع الصوت عاليا، وروت عبر "لبنان24" مأساة عاشها طفلها، ابن العامين، ولم تخف أن أطفالا أخرين أيضا عانوا نفس المعاناة. لتنتهي رحلة إقفال الحضانة بعد عثرات عديدة، كانت أبرزها إقفال القضية قبل مدة من دون علم المدعية، وهذا ما جعلها تتحرك مجددا، لأخذ حق ابنها، وحماية أي طفل آخر قد يكون ضحية إدارة هذه الحضانة.
بدأت القصة بدعوى رفعتها أمّ قبل قرابة ثلاث سنوات بعدما لاحظت تبدّلًا سلوكيًا حادًا لدى طفلها إثر التحاقه بالحضانة. المتابعة أظهرت، بحسب معلومات "لبنان24"، مؤشرات إلى تعرّض الطفل للضرب، وحبسه في غرفة مظلمة، وحرمانه الطعام كنوع من العقاب. الملف نام طويلًا قبل أن يُعاد فتحه أخيرًا؛ ومع إعادة التحقيق أدلت موظفة سابقة بشهادة تؤكد ما كان يجري داخل المكان. عند هذه النقطة صدر قرار الإقفال بالشمع الأحمر. وفي التفاصيل، قبل 3 سنوات، عانى ولد يبلغ من العمر عامين فقط مـأساة داخل حضانة، تمثلت بعزلهِ داخل غرفةٍ مظلمة، هدفها ترهيب الأولاد. والأسوأ من ذلك كله كانت عملية التجويع التي لم يتم فهمها، إذ إن الأهالي كانوا يرسلون الطعام مع أولادهم، وهذا ما حصل مع ابن إحدى الأمهات التي أكّدت أن التحقيقات التي جرت، وشهادة إحدى الموظفات أثبتت أن الحضانة التي كانت موجودة في رميش كانت تتلاعب بأعصاب الأطفال، وتعرضهم لساعات من الجوع، أضف إلى حبسهم داخل غرفة مظلمة، والامتناع عن تدفئة الغرف في الشتاء، إذ كان يتم إشعال التدفئة عند قدوم الأهالي فقط، وإطفائها بمجرد خروجهم من الحضانة.
ومع إعادة مطالبة الأم بفتح القضية بعد أن أدت تدخلات إلى إقفالها، من دون أن تعلم، تم توقيف صاحبة الحضانة، وتم ختم المكان بالشمع الأحمر.. المفارقة أنّ صاحبة الحضانة أعلنت، كردة فعل أولية عقب القرار أنّها "تعبت بعد عشرين سنة من العمل"، لكن رسائل تسرّبت إلى الأهالي أفادت بنيّتها إعادة فتح الأبواب قريبًا، وكأن قرار الإقفال قابلٌ للتفاوض. وما يزيد الصورة التباسًا أنّ المدّعية، وفق معطيات "لبنان24"، تلقّت عروضًا مالية لوقف القضية فرفضت. هذه التفاصيل كلّها لا تغيّر جوهر الخلاصة: ثمة مسار قانوني وإداري تعطّل ثلاث سنوات في ملف يطال سلامة أطفال، ثم تحرّك تحت ضغط المعطيات والشهادات، لينتهي بالإقفال الاحترازي الذي ينبغي أن يتبعه تحديدٌ واضح للمسؤوليات الجزائية والإدارية.
تكشف قضية الحضانة في رميش، ثلاث ثغرات متداخلة. الأولى، بطء الاستجابة في قضايا الطفولة المبكرة؛ فالزمن هنا ليس إجراءً شكليًا بل جزء من الضرر نفسه. الثانية، غموض سلسلة المسؤوليات بين الجهات المعنية بالرعاية والرقابة (وزارات، بلديات، أجهزة تفتيش)، ما يتيح تداخلًا يُضعف التنفيذ ويؤجّل الحسم. الثالثة، هشاشة آليات الإبلاغ والمتابعة: شكاوى تُقدَّم ثم تتوه في المراسلات، وتؤخر بسبب المحسوبيات وقوة النفوذ، وقرارات تتخذ من دون إعلامٍ منظّم للأهالي، وإجراءات إقفال لا تُرفَق بخطّة واضحة لتأمين بدائل آمنة للأطفال المنقطعين.
هذه الثغرات لا تخصّ رميش وحدها. كثير من دور الحضانة يُدار بمنطق "الخدمة القريبة من البيت"، فيما المعيار القانوني يجب أن يبدأ من سلامة المكان ونسب الإشراف، إلى تدريب الكادر على أساليب الرعاية اللاعنفية، إلى وجود بروتوكولات توثيق للحوادث وإبلاغ فوري عنها. من دون هذا الإطار، تصبح الكلفة التشغيلية ذريعة، ويصير "الخبر" التربوي بديلاً عن التأهيل المهني، وتضيع الفروق بين رعاية منظمة وبين ممارسة ارتجالية تحت سقف ترخيص قديم.
ما حصل في رميش، يحصل في حضانات أخرى كثيرة، ولعل ما برز في الإعلام خلال الفترة الماضية خير دليل على ذلك، وما حصل في الحضانة اليوم، من ترهيب للأطفال، وعدم الالتزام بأدنى المسؤوليات يطرح علامات استفهام واضحة عن معيار الرقابة، والأسوأ أنّ هكذا سلوكيات تضرّ بأسماء حضانات أخرى، باتت تواجه
أزمة ثقة بينها وبين الأهالي بغض النظر عن اسم الحضانة، وتاريخها على الأرض.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|