بيان تحذيري لرئيس الجمعية اللبنانية لمرضى الألزهايمر.. ماذا فيه؟
"تاتش" بين الطائفية والصفقات... قطاع تحول مزرعة للفساد!
لم تكن الضجّة الأخيرة حول شركة «تاتش» ووزارة الاتصالات مجرّد نقاش حول «تهميش طائفة» أو إقصاء موظف من منصبه، فما جرى أُلبس لبوساً طائفياً لإخفاء جوهر الحقيقة: شبكة صفقات وعقود مشبوهة كبّدت الدولة عشرات ملايين الدولارات، فيما تُستخدم العصبيات المذهبية كدرع يحمي الفاسدين ويمنع المحاسبة.
تأتي الحملة التي رفعت لواء “المظلومية الطائفية” قبيل انعقاد الجمعية العمومية لشركة “تاتش” المرتقبة في أيلول المقبل، وسط معلومات عن تغيير حتمي سيطال إدارة الشركة.
وفيما تتحسّب السلطة من استفزاز أحدٍ عن طريق الخطأ، يبدو أنّها ستقرر الإبقاء على المواقع الطائفية، غير أنّ معادلة “ستة وستة مكرّر” لم تعد كافية، إذ برزت أصوات سنيّة تطالب اليوم بـ”ستة وستة مكرّر” داخل الطائفة نفسها، عبر منح حصة خاصة لسُنّة بيروت الذين يعتبرون أنّ التعيينات السنية الأخيرة ذهبت لمناطق أخرى.
من Powertech إلى JA Square البداية في مجلس النواب
بالعودة إلى الفساد الذي ينخر بالشركة يمكن القول أن البداية كانت عام 2018 مع عقد Powertech لصيانة المحطات، ورغم أن العقد بدأ عادياً، إلا أن التعديلات اللاحقة كشفت عن «طبخة» سياسية – مالية بامتياز: لجنة الاتصالات النيابية بدّلت موقفها فجأة من الرفض إلى الموافقة، وكأن القرار أُخذ في مكان آخر.
عام 2021، وفي عزّ الانهيار المالي، أُضيف بند تزويد المحطات بالوقود، ما حوّل العقد إلى «بقرة حلوب»، حياة يوسف، المديرة العامة حينها، رفضت التوقيع، فكان مصيرها الإقصاء، أما خليفتها سالم عيتاني، فدخلت اللعبة كعرّاب أساسي للصفقة.
الأرقام تكشف الفضيحة: من 350 ألف دولار عام 2021 إلى 15 مليون دولار عام 2024، من دون أي تحديث للمحطات كما نصّ العقد.
JA Square: ٨ ملايين دولار لسراب
الملف الثاني أكثر فجاجة، شركة JA Square لصاحبها سعد الجمل قبضت 8 ملايين دولار لتركيب كاميرات في 1342 محطة، لكن الواقع أن الكاميرات لم تُركّب، لجأ الجمل لاحقاً إلى تركيب بضع كاميرات في مبنى الشركة المركزي فقط.
الفضيحة لم تنتهِ هنا، فبدل محاسبته، حصل على عقد جديد تحت اسم Home Automation، قبض دفعة مالية إضافية ولم ينفّذ شيئاً، كل ذلك تحت أعين عيتاني الذي وفّر الغطاء.
"أريبا": ميقاتي يدخل على الخط
لم تكن معركة يوسف مع Powertech وJA Square وحدها. ففي 2021، اصطدمت برئيس الحكومة نجيب ميقاتي نفسه، حين قرر دفع الأموال المحصّلة بالدولار من الفواتير وبطاقات التعبئة لشركة «تاتش» بالليرة اللبنانية.
يوسف رفضت هذا القرار الذي يصبّ في مصلحة شركة Areeba المملوكة من ابنه ماهر ميقاتي، هذا الرفض سرّع إقصاءها من منصبها. لاحقاً، لعب عيتاني دور «الوسيط» وساهم في تسوية انتهت بدفع أقل من نصف المبالغ المستحقة.
البعد السياسي: الطائفية كدرع للصفقات
من يتابع خط سير هذه الملفات يدرك أنّ الطائفية لم تكن سوى واجهة لحماية صفقات الفساد، فكلما ارتفعت الأصوات مطالبة بالمحاسبة، جرى تحويل النقاش إلى «استهداف الطائفة الفلانية»، لتُدفن الحقائق تحت ركام السجالات المذهبية.
النتيجة:
• الفاسدون محميون بعلاقاتهم السياسية.
• المبلّغون الشرفاء يُقصون من مواقعهم.
• المال العام يُنهب تحت ستار الدفاع عن «حقوق الطائفة».
عيتاني: من موظف إلى "عرّاب"
من Powertech إلى JA Square وصولاً إلى تسوية «أريبا»، يظهر سالم عيتاني كالخيط الناظم، ليس فقط كمدير عام، بل كلاعب أساسي يتقن لعبة الموازنة بين السياسيين والمال.
عيتاني لم يكتفِ بإدارة الملفات، بل تحوّل إلى نقطة تقاطع لمصالح أطراف سياسية كبرى، ما جعل محاسبته شبه مستحيلة.
السؤال الأهم:
• لماذا لا يُعاد الاعتبار إلى حياة يوسف التي ظُلمت فقط لأنها تمسّكت بمكافحة الفساد ورفضت تمرير صفقات مشبوهة؟
• هل المطلوب معاقبة من تصدّى للهدر وحمى المال العام، ومكافأة من وفّر الغطاء للعقود
إنّ ما يجري في «تاتش» ليس مجرّد هدر في عقد هنا أو صفقة هناك، بل هو نموذج عن الدولة اللبنانية كلّها: دولة تُنهب باسم الطائفة، وتُقايض المال العام بالولاءات السياسية، وتُقصي كل من يرفع صوته ضد الفساد.
الخيار واضح: إمّا إصلاح يفتح الأبواب للمحاسبة واستعادة الثقة، وإمّا غرق نهائي في وحل الصفقات، حيث لا يبقى من قطاع الاتصالات سوى شركة محاصصة جديدة تبيع الطوائف أوهاماً وتسرق جيوب اللبنانيين.
في المقابل أكدت مصادر متابعة بأن وزير الاتصالات شارل الحاج، وبفضل خبراته العالمية ومسيرته المهنية، جاء وهو يحمل رؤية إصلاحية واضحة، واضعًا نصب عينيه تطوير وزارة الاتصالات بما يواكب المعايير العالمية الحديثة، لا يقتصر عمله على محاربة الفساد فحسب، بل يسعى إلى تحويل القطاع إلى رافعة أساسية للاقتصاد الوطني، عبر تحديث البنى التحتية، وتبني التكنولوجيا المتقدمة، وفتح الأبواب أمام الاستثمارات، خطواته الأولى تؤشر إلى أن الإصلاح بالنسبة له ليس شعارًا، بل خطة عمل متكاملة تنطلق من داخل الوزارة وتمتد لتضع لبنان مجددًا على خريطة الدول المواكبة للتطور الرقمي والاقتصادي.
وأكدت المصادر بأن الوزير يضع نصب عينيه معركة الفساد بكل تشعباتها، مؤكّدًا أن لا خطوط حمر بعد اليوم، وأن جميع الملفات ستكون على الطاولة حتى النهاية، في مواجهة الفساد.
محمد شمس الدين-الكلمة أونلاين
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|