ليأخذ اللبنانيّون برأي الرئيس الفرنسي..
ترانا، كلبنانيين تستنزفنا الصراعات القاتلة، ودائماً لمصلحة دول أخرى، نأخذ، في هذه الأيام الحافلة بالاحتمالات العاصفة، برأي الرئيس ايمانويل ماكرون (الرأي الديكارتي) الذي بذل جهوداً هائلة لاختراق الموقف الأميركي، والموقف الاسرائيلي، من أجل التمديد للقوات الدولية (اليونيفيل) ودون أي تعديل ان في تركيب هذه القوات أو في مهمتها؟ قال "ان الانسحاب الاسرائيلي الكامل من جنوب لبنان، وانهاء كل الانتهاكات للسيادة اللبنانية، هما شرطان اساسيان لتنفيذ هذه الخطة". والمقصود الخطة التي عهد الى الجيش اعدادها لنزع سلاح "حزب الله".
قد يفترض أن يكون الكلام موجها الى حكومة الرئيس نواف سلام، بعدما لاحظنا مدى عشوائية تصريحات بعض الوزراء. على كل الرئيس سلام قال الكلام الذي ينبغي أن يقال "المفاوضات مع الأميركيين لم تسجل أي تقدم بسبب رفض اسرائيل تلازم الخطوات، وذلك وفق الورقة الأميركية التي حملها توم براك".
هذا بعدما تناهت الينا بعض الأصوات التي اذ تعتبر أن ألأبواب موصدة في وجه الخطة الخاصة بنزع سلاح "حزب الله"، ترى أنه لا بد من العودة الى نظرية هنري كيسنجر حول التسخين التكتيكي للأرض، كسبيل وحيد لشق الطريق أمام الحل، على أن يبدأ ذلك بمعادلة شارع مقابل شارع، لتكون الرصاصة الأولى، أو نقطة الدم الأولى. ولكن من يضمن ألا تودي الفوضى السياسية، والطائفية، الراهنة، الى اندلاع حرب أهلية لا تبقي ولا تذر؟
لم يعد خفياً أن هناك جهة لبنانية تدار من الخارج كانت تراهن على ائتلاف "عملاني" يكون حجر الرحى فيه الوزير وليد جنبلاط باعتبار أنه يمسك بمفاتيح الجنوب من خلدة وحتى الأولي كما أن مناطقه تطبق، جغرافياً، على الضاحية وتتداخل معها.
لكن الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي الذي تابع بأسى، وبخوف من ألاتي، ما يحدث في سوريا، فاجأ تلك الجهة بأنه بعيد جداً عن لعبة الدم، كما أنه شديد التوجس من أن تلقى كرة النار بين يدي الجيش، فكان تصريحه اللافت "ما طرح علينا هو الاملاء الاسرائيلي. انزعوا سلاح "حزب الله"، ثم نرى كيف نقنع الاسرائيليين بالانسحاب"، مؤكداً ألا "يمكن أن يفرض علينا الاستسلام".
واذ يتردد أن هذا الكلام جاء بعد اتصال طويل مع الرئيس نبيه بري، لعله اطّلع على التصريح المثير الذي أدلى به توم باراك، وقال فيه "لقد تغيرت نظرتهم (أي الاسرائيليين) الى ما هي دولتهم، وما هي حدودهم وخطوطهم، لذلك أعتقد أن في ذهنهم أن هذه الخطوط التي رسمتها اتفاقية سايكس ـ بيكو لا معنى لها. سيذهبون الى حيث يفعلون ما يريدون، ووقت يريدون لحماية حدودهم ومواطنيهم، للتأكد من عدم تكرار ما حدث في 7 تشرين الأول 2023". وما على اللبنانيين، والسوريين، الا أن يتعاملوا مع اسرائيل كما يتعاملون مع القضاء والقدر.
لكن المشكلة، وكما قال جنبلاط (الرافض للاملاءات الاسرائيلية)، أن لبنان لا يواجه اسرائيل وحدها، بل والولايات المتحدة معها، خصوصاً بعد التصريحات الصادمة للسناتور لندسي غراهام الذي اعتبر ألاّ نقاش في الانسحاب الاسرائيلي الا بعد نزع السلاح، كما رأى أن الأوان آن ليرحل الحزب (بقادته ومقاتليه)، تماماً كما حدث لياسر عرفات وفدائييه خلال الاجتياح الاسرائيلي للبنان، عام 1982، فهل هناك من عملية جراحية في هذا السياق؟ بالتأكيد... حين ترى حكومة نتنياهو في خطوط سايكس ـ بيكو خطوطاً واهية، ولا قيمة لها، ويمكن لها اختراقها، والعبث فيها أينما تشاء وكيفما تشاء. متى لم تكن اسرائيل كذلك. لو مرة ننظر اليها كما هي لا كما تقتضي غرائزنا وولاءاتنا ومصادر تمويلنا...؟
لكن قادة الحزب، ومقاتليه، ليسوا طارئين، ولا لاجئين، على هذه الأرض. هم أبناؤها، وبذلوا الدم لحمايتها، ولبقائها، وبالمناسبة (لمن يعنيهم الأمر) هم يشبهون اللبنانيين في حب الحياة، وفي صناعة الحياة. وحتى في العتابا والميجانا..
مسؤول في الحزب سقط في الحرب الأخيرة كان قد قال لنا "اذا تسنى لهم اقتلاع جبال لبنان، يمكنهم اقتلاعنا من ترابنا". هنا لا بد من التوقف عند تلويح غراهام بـالخطة "ب" اذا لم ينفذ قرار الحكومة بنزع السلاح، أي عودة القاذفات الاسرائيلية الى عملها ابان الحرب، والتدمير المنهجي لكل المناطق التي يتواجد فيها الحزب، لا سيما ضاحية بيروت الجنوبية، كمرفق بالغ الحيوية بالنسبة الى أهل الجنوب اوالبقاع، على تخوم العاصمة.
تبعاً لم يتبين من بعض معلقي "فوكس نيوز"، ثمة داخل اللوبي اليهودي من يعتبر أن تصفية كل القوى المعادية لاسرائيل في المنطقة، ومن جبال مران في اليمن الى ضفاف المتوسط في لبنان، تتم بتقويض نظام آيات الله، بضربات أميركية واسرائيلية صاعقة، حتى لو اقتضى ذلك اللجوء الى الضربات النووية...
نتنياهو فتح أبواب الدم على مصراعيها. لبنان، بالتأكيد، في سلّم الأولويات. اذاً على قرن ثور ـ ثور هائج ـ فهل أخذت القوى المعادية لـ"حزب الله" علماً بقول زعيم الليكود أنه في مهمة روحية، وهي اقامة "اسرائيل الكبرى" بدعم سائر مجتمعات العالم التي هالها ضيق مساحة الدولة العبرية. ألم يقل القس الأميركي جون هاغي الذي يدعو الى حرب عظمى باسم السيد المسيح، بأن يقف العالم كله، "تماماً مثلما تقف الملائكة"، الى جانب نتنياهو في هذه المهمة؟
ذاك الماشيح التوراتي الذي يعشق رقصة الفالس، تحديداً فوق جماجم العرب!!...
نبيه البرجي -الديار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|