المجتمع

الصحة تتحرّك: دكاكين تجميل مُشوِّهة وحضاناتٌ تخنق أطفالاً

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

لم يعد الحديث عن "الفوضى" في لبنان يقتصر على الكهرباء والمياه والطرق. الفوضى اليوم تسكن تفاصيل أكثر حميمية وحساسية: وجه المرأة في عيادة تجميل غير مرخّص لها، أو جسد طفل في حضانة بلا رقابة. في الأشهر الماضية، توالت قرارات إقفال مراكز التجميل والحضانات في مختلف المناطق اللبنانية، وكلها تتقاطع تحت عنوان واحد: غياب الرقابة، والاستسهال، والرهان على الربح السريع على حساب صحة الناس وحياة أبنائهم.

وزير الصحة، ركان ناصر الدين، يقرّ لـ"المدن" بوجود عجز صارخ: "عدد المراقبين غير كافٍ. بدأنا نحصل على دعم من الحكومة. لدينا حالياً 56 طبيباً مراقباً، وسنطلب المزيد من المفتشين والمراقبين. الحاجة كبيرة والمسؤولية أكبر".  

كلام ناصر الدين جاء على هامش أطلاق مبادرة "كارول"، بالتعاون مع الصليب الأحمر اللبناني ومركز ترشيد السياسات في الجامعة الأميركية في بيروت، تيمّناً بالطفلة التي توفيت خنقاً في إحدى الحضانات. وتهدف المبادرة إلى تعزيز السلامة العامة، تطوير كفايات العاملين في مجالات الإسعاف والاستجابة الطارئة، واعتماد معايير جديدة في الحضانات.

مراكز تجميل بلا أطباء

في مختلف المناطق اللبنانية، أقفلت وزارة الصحة العامة عدداً من مراكز التجميل بالشمع الأحمر. آخرها عيادة طبية في عشقوت تبين أنها تستعمل أدوية غير مرخصة بكمية كبيرة والأعمال التي تتم فيها ليست سليمة طبياً. وبعضها الآخر يقدّم خدمات طبية من دون وجود طبيب اختصاص أو ترخيص قانوني. شبان وشابات يتولّون تشغيل أجهزة ليزر، أطباء أسنان يمارسون البوتوكس والفيلر خلافاً للقانون، ومنتحلو صفة أطباء يجرون عمليات تجميلية...المال يشرّع التجميل، حتى لو كان المشرّح وجوه الناس.

ناصر الدين قال لـ"المدن": "المخالفات الصحية موجودة في كل العالم، لكن لا يمكن التغاضي عنها، خصوصاً حين تتعلق بصحة الناس وحياتهم". ويوضح: "نحن ملتزمون بمعايير قانونية صارمة. والإقفال يبدأ من الإنسان نفسه: عندما يتضرر مواطن، فهذا يشكّل إقفالاً أخلاقياً تجاه المخالِف قبل أن يأتي الإقفال القضائي".

ويتابع: "لا يمكننا إلا اعتماد أعلى معايير الكفاية، فنحن ملتزمون بتطبيق القوانين في شكل صارم. نريد أن تكون المؤسسات قانونية ومرخّصاً لها، ولسنا ضد أي نشاط شرعي ومنظَّم". ويشدّد: "نحن اليوم في مرحلة إصلاحية، ونسعى لترسيخ دولة القانون. في وزارة الصحة ما يعنينا أولاً وأخيراً هو صحة الناس".

عدد المراقبين غير كاف 

في بلدٍ يروّج لنفسه بأنه "المركز الأول للسياحة الصحية والتجميل في المنطقة"، تتكشّف يومياً قصص صادمة: مرضى مشوّهون بسبب عمليات تجميل رخيصة وغير آمنة، وأطفال يتعرضون للضرب أو يختنقون حتى الموت داخل مؤسسات يُفترض أن توفّر لهم الحماية والرعاية.

الدكتور جوزف الحلو، المدير السابق في العناية الطبية في وزارة الصحة، يختصر المشهد بقوله لـ"المدن": "عيادات التجميل تفرّخ مثل الفطر. كل من يملك القليل من المال يشعر بأن أسرع طريقة للربح هي فتح مركز تجميل". يضيف: "نحن في حاجة إلى فرض غرامات عالية، لأن اللبناني لا يخاف إلا حين يضطر إلى أن يدفع من جيبه".

ويذكّر الحلو بنقص الكوادر الرقابية: "منذ خمس سنوات نطالب بزيادة عدد المراقبين والأطباء الصحيين. الآن يذهب المراقبون على دراجاتهم النارية ليوفّروا ثمن البنزين".

حضانات التعنيف والإهمال

على خط موازٍ، تتكرر الفضائح في قطاع الحضانات الخاصة. في آب الماضي، أُقفلت حضانة في بلدة رميش الجنوبية بالشمع الأحمر، بعد شكاوى عن قيام صاحبتها بضرب الأطفال وتعنيفهم. الحادثة ليست استثناءً: ففي العام 2023 أُقفلت حضانة في بيروت بعد تداول مقاطع فيديو صادمة لأطفال لا تتجاوز أعمارهم ثلاث سنوات، يتعرضون للضرب والتخويف وإجبارهم على تناول الطعام وسط البكاء والصراخ.

الأمر تجاوز التعنيف إلى الإهمال القاتل. ففي الدكوانة، توفيت طفلة اختناقاً داخل حضانة بينما كانت الممرضة المسؤولة غائبة عن عملها. هذه الحادثة هزّت الرأي العام، وفتحت باب النقاش حول غياب المعايير والرقابة. في هذا السياق، شدد الوزير على الإقفال قائلاً: "أي حضانة لا تتعاون مع وزارة الصحة تُقفل منذ الآن. مش حلو الشمع الأحمر". علماً أن الوزارة كشفت أن 121 حضانة في لبنان لم تتجاوب مع الاستدعاءات التي أرسلتها الوزارة، فهل سيقفل هذا الملف بإنجاز يقفل معه هذه التجارة التي تنتهك أبسط حقوق الطفل؟ 

نغم ربيع - المدن

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا