الصحافة

ليلة إسرائيلية-تركية دامية في الساحل السوري

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

بشكل ما يمكن القول إن «محطة» 8 كانون أول الفائت، كانت نقطة تلاق تركية - «اسرائيلية»، من دون أن يعني ذلك أن مفاعيل هذي الأخيرة كانت الوحيدة للوصول إلى تلك «المحطة»، لكن «المحطات» التي تلتها كشفت، وبشكل قاطع، إن التلاقي لم يكن يحمل تصورات،تركية - اسرائيلية، مشتركة عن «اليوم التالي» في سوريا، وبمعنى أدق لم يكن هناك توافق حيال مسائل من نوع العلاقة التي ستربط ما بين أنقرة وبين سلطات دمشق الجديدة، وما هو المدى، المسموح لها اسرائيليا، أن تصل إليه، إذ لطالما كانت النظرة الإسرائيلية، شديدة الحساسية حيال مسائل الأمن، إلى فعل من نوع نشوء «خط تماس» جغرافي مع الأتراك على حدودها، هو أمر يمس عمق هذا الأخير لاعتبارات «جيوسياسية»، وهي تتعدى وجود «حزب العدالة والتنمية» الإسلامي في سدة السلطة بأنقرة، وإن كان هذا الأخير يثقل منها، وعليه فقد قامت الإستراتيجية الإسرائيلية، منذ كانون أول الفائت، على وقف محاولات التمدد التركي على امتداد الجغرافيا السورية، وعلى مدى شهري تموز وآب لوحدهما، نفذ سلاح الجو الإسرائيلي 9 ضربات ضد مواقع، في الساحل وحمص، كانت هناك الكثير من المؤشرات الكافية للجزم بإنها كانت تندرج كلها تحت ذلك الإطار، ولإيضاح مدى «الحساسية» التي تبديها تل أبيب حيال أي «تمدد» تركي داخل الأراضي السورية، يكفي التذكير بإن سلاح الجو الإسرائيلي كان قد نفذ غارات وهمية، وقام بخرق جدار الصوت لعدة مرات، ليلة 23 - 24 تموز الفائت لإجبار الرتل التركي الذي كان قد وصل إلى منطقة «رأس البسيط»، بريف اللاذقية الشمالي، على الإنسحاب، والجدير ذكره في هذا السياق هو إن الرتل لم يكن قد مضى على دخوله الأراضي السورية أكثر من ساعة، ولم يكن قد تقدم فيها لأكثر من 5 كيلومترات، كما يذكر إن الطيران الروسي كان «حاضرا» في تلك الليلة، ولم يغب عن الأجواء إلا بعد انسحاب الرتل التركي، لكن من دون أن يعرف، في حينها، سبب «الحضور»، أو الدور الذي قام فيه تلك الليلة.

شهدت أجواء الساحل ليلة الإثنين - الثلاثاء الفائتة جولة تركية اسرائيلية دامية، ووفقا لمصادر محلية استهدف الطيران الإسرائيلي، الحربي والمسير، موقع «الكلية البحرية» بجبلة بشكل مركز، وتضيف تلك المصادر إن «الإستهداف حصل بعد نحو ساعة من دخول عناصر وضباط ومعدات تركية إلى الموقع»، وتضيف المصادر أن قوات الأمن قامت بتطويق المنطقة المستهدفة على الفور، وفي الغضون جرى استهداف موقع عسكري بالقرب من «مصفاة» بانياس، وقد أكدت مصادر محلية وجود العشرات من المقاتلين الأجانب في هذا الأخير، كما أشارت المصادر، سابقة الذكر عينها، إلى إن الطيران الإسرائيلي استهدف في بانياس أيضا اجتماعا كان يضم الشيخ أنس عيروط، عضو «مجلس الإفتاء الأعلى»، وضابط تركي إلى جانب شخصيات من العلويين، ذكر منهم فادي صقر و ياسر عباس، ويضيف أحد تلك المصادر، إن الهدف الأهم لذلك الإجتماع هو محاولة إقناع تلك الشخصيات، العلوية، بطلب «الحماية التركية إذا ما تأكد أن الأمور ذاهبة في البلاد نحو التقسيم»، ولم يصدر عن السلطات الرسمية أي بيان أو موقف حيال العدوان الإسرائيلي الأخير، مما أثار الكثير من التساؤلات وإشارات الإستهداف.

وإذا ما كان الإستهداف الإسرائيلي لأي «تمدد» تركي في سوريا قد بات معتادا في الآونة الأخيرة، في مشهد يعيد بالذاكرة الإستهدافات الإسرائيلية المتكررة على مدى أربع سنوات 2020 - 2024 والتي كانت تل أبيب تضعها في سياق ضرب «التمدد الإيراني»، فإن الإستهداف الأخير، الحاصل ليلة الإثنين الثلاثاء، كان قد حمل مؤشرا جديدا لربما يشير إلى تموضع روسي جديد حيال أنقرة، فقد ذكرت مصادر ذات صلة بقاعدة «حميميم» إن الإستهداف «جرى بتنسيق كامل مع الروس»، وإذا ما صحت هذه المعلومات فإن ذلك سيمثل مؤشرا قاطعا، وهو دال على ارتفاع «مناسيب» التنسيق ما بين موسكو وتل أبيب في سوريا، أما نقطة التلاقي الكبرى، التي استدعت ذلك الإرتفاع، فهي تكون عند ضرورتين، الأولى ضرب «المقاتلين الأجانب» الذين توافدوا في الآونة الأخيرة بكثرة إلى الساحل، وإلى جبلة وبانياس على وجه التحديد، والثانية تحجيم النفوذ التركي المتزايد في سوريا، وما يؤكد على صوابية تلك الدوافع، هو تلك التقارير التي ترصد لحراك ديبلوماسي روسي في الأمم المتحدة هدفه استصدار قرار عن مجلس الأمن بخصوص «المقاتلين الأجانب» ومخاطرهم في سوريا، استنادا إلى التقريرين الأممين الصادرين عن «لجنة تقصي الحقائق الأممية» بخصوص مجازر آذار في الساحل، وتموز في السويداء، والجدير ذكره هنا هو إن كلا التقريرين كانا قد حملا القوات الحكومية مسؤولية «ارتكاب أعمال عنف ممنهجة، من بينها القتل والإغتصاب» في تلك الأحداث، وفي السياق توافق، كلا التقريرين، عند القول بإن «وجود المقاتلين الأجانب كان قد لعب دورا كبيرا في المدى الذي ذهبت إليه تلك الإنتهاكات المروعة»، والراجح هو إن عدم نجاح موسكو في مسعاها ذاك، وهو أمر محتمل، سوف يدفع إلى مزيد من التنسيق مع تل أبيب في معالجة هذا الملف.

ثمة أمر آخر يلوح من بعيد، ويقذف به «التنسيق» الروسي ـ الإسرائيلي الأخير إلى السطح، وهو يشير إلى إن موسكو ترى إن فرصة رد «الصفعة» التركية التي تلقاها «الخد» الروسي يوم 8 كانون أول الفائت، باتت سانحة الآن.

عبد المنعم علي عيسى-الديار

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا