محاولات إيجاد مخرج اصطدمت بـ"تعنّت" سلام وعون أبلغه أنه "لن يشارك في جلسة يقاطعها الشيعة"
انقلاب في رأس دونالد ترامب؟
لا دور لروسيا، لا دور للصين، ولا دور حتى لله، في الشرق الأوسط، بالرغم من أن المآذن تلعلع بالأدعية، والصلوات، على مدار الساعة، وبالرغم من أن القاعات والمجالس تغص برجال الدين الذين كلما تكاثروا، تكاثرت الفرقة وتكاثر الافتراق. ما الفارق، في نظركم، بين علماء الدين الذين يدفعون بنا الى تخوم الغيب، وعلماء الدنيا الذين يدفعون بنا الى ما بعد الزمن، وربما الى ما بعد الانسان؟
لا دور لنصف مليار عربي، يطوفون، عراة، حول البيت الأبيض، والكثيرون منهم حول الهيكل. هنا أميركا التي طالما كتبنا عنها خطأً بأنها نسخة عن القضاء والقدر. هي القضاء والقدر. من يقود الكرة الأرضية الآن، ومن يلعب، ويتلاعب، بمصير البشرية. ولكن الى أين يذهب بنا الأميركيون حين ينظرون الى اسرائيل، كوديعة الهية، ما لبثت أن تحولت الى وديعة أميركية (مقدسة). العرب تماثيل الشمع، ويتربعون على عروش من الذهب!
لكأن انقلاباً حدث في رأس دونالد ترامب، ولكن دون أي تغيير في قواعد اللعبة، ولا في قواعد الاشتباك. الرجل الذي يرى فيه أتباعه "نبي القرن"، فيما نحن مازلنا نعاني مما تركه لنا الأنبياء من ويلات، حتى أن محمد أركون، المفكر الجزائري الفذ، رأى فينا "ضحايا الأنبياء". الرئيس الأميركي الذي قال "لا أحد فعل لاسرائيل أكثر مما فعلته أنا لها، بما في ذلك الضربات الأخيرة التي استهدفت مواقع نووية في ايران"، أوضح أن اسرئيل كانت "اقوى جماعة رأيتها قبل 15 عاماً، وكانت لديها سيطرة كاملة على الكونغرس، والآن فقدت ذلك"، معيدا هذا التقهقر الى "تواصل حربها في غزة"، ليقول "سيضطرون الى انهاء هذه الحرب التي، لا شك، تضر باسرائيل".
ولكن هل كان بامكان نتنياهوأن يخوض هذه الحرب، وأن يمضي بها لنحو عامين، وقد تبفى لعامين آخرين، لولا الامدادات العسكرية، والمالية، والاعلامية الأميركية.
هل تغيّر الرجل فعلاً. لعل السؤال الأهم هل يستطيع أن يتغيّر، وأن يقاطع اسرائيل ليوم واحد فقط. يوم واحد يكفي لتنفجر اسرائيل التي بلغ فيها الاحتقان الداخلي ذروته، وحتى داخل اليمين الذي يتمدد أكثر فأكثر بين كل الفئات، وبين كل الطبقات الى الحد الذي يحمل المؤرخ الاسرائيلي، والاستاذ في جامعة اكستر البريطانية، ايلان بابيه على وصف الدولة العبرية بـ "معسكر المجانين"، محذراً من التفاعلات السيكولوجية الخطرة لحرب غزة، داخلياً وخارجياً، ليسأل "هل من قتلة مثلنا، وهل ندري، في هذه الحال، الى أين تمضي بنا لعبة الدم".
بطبيعة الحال، لا يستطيع نتنياهو الآن أن يقفز فوق البيت الأبيض ويذهب الى تلة الكابيتول، ليصفق له أعضاء الكونغرس 81 مرة في 52 دقيقة. دونالد ترامب يعتبر أنه الرجل الوحيد الذي مثلما يتربع على عرش العالم، يتربع على عرش الشرق الأوسط، رئيس الحكومة الاسرائيلية ليس سوى "الصبي الأميركي" الذي يخدم، حتى بساسياته الهيستيرية، مصالح الولايات المتحدة في المنطقة التي دخلت، كخطوة أولى، وتأسيسية، في "الحرملك الأميركي"، منذ لقاء الرئيس فرنكلين روزفلت والملك عبد العزيز آل سعود في قناة السويس، عام 1945، غداة انفضاض مؤتمر يالطا مع كل من جوزف ستالين وونستون تشرشل.
لكن ما يستشف من كلام "وول ستريت جورنال" أن ترامب بدأ يشعر، أو يستشعر، أن ثمة شيئاً ما يحدث تحت الأقدام الأميركية. بتوجس نظر الى قمة منظمة شنغهاي، وحيث "الثالوث الأمبراطوري" (روسيا، الصين، الهند)، وهو "الثالوث الأوراسي" الذي اذا ما تبلور، بشكله النهائي، فقد يقلب المشهد الدولي رأساً على عقب، لنلاحظ أن فلاديمير بوتين ماض في شروطه الصلبة لحل المشكلة الأوكرانية، بالرغم من العلاقات الشخصية بينه وبين دونالد ترامب، كما أن الصين بدأت تبدي قلقها من السياسات الأميركية حيالها، وفي مسائل ذات حساسية خاصة ، في حين أن الهند صدمت بالاجراءات الاقتصادية ضدها، ليفاجأ البيت الأبيض بتبادل الابتسامات بين شي جين بينغ وناريندرا مودي في شنغهاي، حتى اذا ما شاهد الحضور في العرض العسكري الصيني، بعث برسالة الى الرئيس الصيني قال فيها "أرجو أن تبلغ أطيب تحياتي لفلاديمير بوتين، وكيم جونغ ـ أون بينما تتآمرون على الولايات المتحدة".
من الصعب، بل من المستحيل، الرهان على المفاعيل العملانية لكلام ترامب الى موقع "دايلي كولر" الأميركي، بعدما تحدث عن "تهجير طوعي"، ومقابل تعويضات، لأهالي غزة التي ستتحول الى ريفيير الشرق الأوسط. ولكن ألم يدق ناقوس الخطر من أن التحول، حتى داخل الكونغرس، في نظرة الرأي العام الأميركي حيال اسرائيل. بنيامين نتنياهو أقفل أذنيه...
لبنانياً، مورغان أورتاغوس آتية، هذه المرة، ولكن ببزة عسكرية مع قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال براد كوبر الذي نأمل أن يكون أقل عشقاً لاسرائيل من سلفه مايكل كوريلا (الغوريلا). غيرأن هذا يطرح الكثير من الأسئلة. أولاها لماذا العسكر الأميركي الآن، وهل من مؤزارة ميدانية للجيش اللبناني في عملية نزع سلاح "حزب الله"، اذا ما أخذنا بالاعتبار الطرح الخاص بنشر 2000 جندي أميركي عند الخط الأزرق؟
المشهد في ذروة الضبابية. انه المفترق الصعب. الفرنسيون بنصحون بالتعامل المرن مع الأميركيين اذا ما تمكنوا من انتزاع الملف اللبناني من بنيامين نتنياهو. اذا ما تمكنوا...
نبيه البرجي -الديار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|