تقرير: تحرك أميركي لتفادي مواجهة كبرى بين دمشق و"قسد"
ذكرت صحيفة "ذا ناشيونال" في تقرير مطول، أّن الولايات المتحدة جددت مساعيها الدبلوماسية لتسوية الخالفات الحادة بين السلطات المركزية الجديدة في دمشق وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) ذات الغالبية الكردية، وسط مخاوف من انزالق الوضع إلى صراع شامل، مع ازدياد وتيرة المواجهات الميدانية بين الطرفين.
وخلال الساعات الـ72 األخيرة، قالت السلطات السورية، إّن قواتها الأمنية صادرت قاذفات صواريخ وأسلحة أخرى كانت ُتهرب إلى مناطق سيطرة "قسد" شرق البالد.
كما أعلنت دمشق أنها أحبطت محاولة تسلل لعناصر "قسد" على أحد خطوط التماس في محافظة دير الزور، وهو ما نفته "قسد" بالمطلق.
وفي تطور مواز، ذكر التقرير أّن طائرات حربية تركية قصفت مواقع تابعة لـ"قسد" على جبهة أخرى بمحاذاة نهر الفرات، في وقت ُتعتبر فيه أنقرة الداعم الرئيسي للحكومة السورية الانتقالية الحالية.
التقرير أوضح أّن المقاربة األميركية الجديدة تتسم بقدر أقل من الضغط على الأكراد، بعد أن كانت واشنطن قد رفضت سابًقا مطالبهم بإقامة نظام حكم ال مركزي في سوريا.
ووفق المصادر التي نقلت عنها الصحيفة، فإّن اإلدارة األميركية طرحت مقترحات جديدة لردم الفجوة بين الجانبين، خصوًصا حول إصرار دمشق على حّل "قسد" بالكامل، وهو الملف الأكثر تعقيًدا.
وقال مصدر في واشنطن للصحيفة: "وزارة الخارجية كانت قد أغلقت أبوابها أمام األكراد، لكنها الآن أعادت فتحها".
وأشار إلى أّن أحداث السويداء ساهمت في تغيير الموقف األميركي تجاه الأكراد وباقي األقليات، بعدما أسفرت الحملة عن مقتل مئات المدنيين الدروز، قبل أن تتوقف بفعل تدخل عسكري إسرائيلي مباشر للدفاع عنهم.
وأضاف المصدر: "هم اآلن يستمعون إليهم أكثر من ذي قبل".
ورغم إعادة الانفتاح الأميركي، نقلت الصحيفة عن مسؤولين، أّن واشنطن حذرت الأكراد من عدم توّقع حماية مشابهة لتلك التي قدمتها إسرائيل للدروز، رغم ازدياد قنوات الاتصال بين "قسد" وتل أبيب.
وقال أحد المصادر: "الولايات المتحدة لا تزال مصرة على أن يقدم الأكراد تنازلات جوهرية.
إسرائيل ال تستطيع الدفاع عن أقلّيتين في الوقت ذاته، وستختار الدروز أوًلا دائًما".
وأضاف أّن واشنطن تتوقع من "قسد" أن تتخلى في نهاية المطاف عن المناطق العربية التي تسيطر عليها في الشرق، وأن تنهي احتكارها لقطاع النفط.
ووفق التقرير، فقد التقت السياسية الكردية البارزة إلهام أحمد، المفاوضة الرئيسية باسم "قسد"، يوم الأحد الماضي، مع عضَوين في لجان العالقات الخارجية بمجلسي الشيوخ والنواب األميركي، وذلك في العاصمة األردنية عّمان.
ونقل دبلوماسي مقيم هناك لـ"ذا ناشيونال"، أّن وزارة الخارجية الأميركية كانت حاضرة بشكل غير مباشر في النقاشات.
كما التقت أحمد بالدبلوماسي األميركي سكوت بولز، المسؤول عن الملف الكردي. فيما لم يصدر أّي تعليق من السفارة األميركية في األردن على هذه اللقاءات.
وأشارت الصحيفة إلى أّن المشرَعين الأميركيين، السناتور جين شاهين والنائب جو ويلسون، كانا قد اجتمعا قبل أيام بالرئيس السوري االنتقالي أحمد الشرع، لبحث مصير الأقليات المتعددة التي تعيش في مناطق سوريا الخاضعة لسيطرة الحكومة.
التقرير أكد أّن "قسد" تسيطر على مناطق واسعة من شرق سوريا الغني بالنفط والغاز والقمح، إضافة إلى الجزء األكبر من إنتاج الطاقة الكهربائية.
واستعادة هذه المناطق يعّد هدًفا رئيسًيا للشرع، لتعزيز موقعه السياسي، خصوًصا أمام قاعدته.
وكان اتفاق مبدئي قد ُأبرم في مارس الماضي لدمج "قسد" في الدولة السورية ما بعد الأسد، لكنه تعثر بسبب إصرار دمشق على حّل القوات الكردية.
وذكرت الصحيفة أّن واشنطن اقترحت صيغة وسطية تقضي بانضمام "قسد" جزئًيا إلى الجيش السوري الجديد، بما يسمح للشرع بتحقيق هدفه، مع بقاء جزء كبير من قوات "قسد" تحت قيادة مظلوم عبدي، وبقاء قناة اتصال مفتوحة مع دمشق.
ورغم هذه المساعي، قالت المصادر لـ"ذا ناشيونال"، إّن مستوى انعدام الثقة بين الطرفين بلغ ذروته، خصوًصا بعد أحداث السويداء. فالأكراد باتوا أكثر تمسًكا برفضهم للحل، خشية أن تعمد القوات الحكومية إلى تكرار سيناريو السويداء في الشرق.
ووصف دبلوماسي آخر إلهام أحمد بأنها من بين "المتشددين" الذين يعتقدون أّن موقعهم التفاوضي تعزز بعد الأحداث الدامية في السويداء.
أشارت الصحيفة إلى أّن المسألة الكردية تمثل العقدة األصعب أمام الجهود الأميركية لإرساء الاستقرار في سوريا بعد الحرب، مشيرة إلى أّن "قسد"، التي أنشأتها واشنطن عام 2014 كحليف بري في الحرب على "داعش"، أصبحت اليوم محور الخالف بين دمشق وواشنطن، بينما تلعب تركيا دوًرا حاسًما في مسار المفاوضات.
وقالت مصادر غربية للصحيفة: "حتى عندما ُيظهر الرئيس الشرع بعض المرونة، فإنه لا يستطيع التحرك في الملف السوري من دون الرجوع إلى تركيا".
وأوضحت أّن أنقرة تعتبر "قسد" تهديًدا وجودًيا ألمنها القومي، وترفض أّي صيغة حكم لا مركزي قد تمنح الأكراد أو غيرهم من الأقليات صالحيات فعلية في الدولة السورية الجديدة.
بحسب التقرير، من المقرر أن تسافر إلهام أحمد إلى دمشق خلال الأيام المقبلة، لعقد جولة جديدة من المحادثات حول مصير "قسد"، وهي ترفع تقاريرها مباشرة إلى قائدها مظلوم عبدي. بالمقابل، كثفت قوات الشرع استعداداتها العسكرية ضد "قسد"، وأكد الرئيس الانتقالي في لقاء مع صحفيين عرب الشهر الماضي، أنه "لا بديل عن الدولة الموحدة"، رافًضا أّي صيغة حكم المركزي.
وختم دبلوماسي غربي قائلاً: "ما لم تقبل الحكومة باللامركزية، فإّن األكراد سيواصلون المحادثات إلرضاء األميركيين، لكنهم لن يتنازلوا عن أّي سيطرة فعلية. المشكلة أنه حتى لو قبل الشرع بالتفويض، فإّن تركيا لن تقبل، وهو ال يستطيع مواجهتها".
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|