أكثر لاعبى المونديال حزنًا
ليسوا كلهم سعداء فى المونديال؛ فهناك من سافر ولم يلعب.. وهناك من لعب ولم ينتصر.. وهناك من انتصر ولم يتأهل.. لكن يبقى ميلان بورجان هو أكثر الجميع حزنًا وألمًا.. وكان ما جرى له يوم الأحد الماضى هو النهاية القاسية والمؤلمة لمشوار دام 27 عامًا عاشها ميلان كأنه بطل رواية طويلة مكتوبة بالدم، لا الحبر.. رواية بدأت أحداثها 1995 فى مدينة كنين، مدينة فى كرواتيا، لكن معظم سكانها من الصرب، وحين قامت الحرب الكرواتية الصربية فى 1991، حاول الصرب الاحتفاظ بكنين، وحارب الكروات من أجل طرد الصرب من كنين.
ونجح الكروات وخرج الصرب من المدينة، وكان منهم ميلان بورجان كصبى لا يزال فى الثامنة من العمر.. وبعد خمس سنوات قضاها مع أسرته فى بلجراد بدأ خلالها يلعب كرة القدم مع ناشئى نادى رادنيشيكى، قررت الأسرة فى 2000 الهجرة إلى كندا هربا من جروح قديمة وتوتر دائم وخوف لا ينتهى.. وعاد ميلان لكرة القدم من جديد فى كندا، وبدأ ينتقل بين أندية الأرجنتين وأوروجواى بحثا عن حلم يمكن تحقيقه.. واضطر فى 2009 للعودة إلى أوروبا.. لعب فى صربيا وتركيا والبوسنة وبلغاريا حيث بدأ يلفت الانتباه لموهبته كحارس مرمى.. ولم يتردد فى اللعب لمنتخب كندا احتراما وامتنانا لما قدمته له هو وأسرته.. وأصبح ميلان الحارس الأساسى والدائم لمنتخب كندا الذى شارك فى مونديال 2022 فى قطر.
وكانت القرعة قد أوقعت كندا مع كرواتيا فى مجموعة واحدة، ليلعب الاثنان معًا يوم الأحد الماضى.. ومنذ بداية المباراة، قررت الجماهير الكرواتية الانتقام من ميلان، كأنه المسؤول الأول عن كل ما عاشته البلقان من حروب ومآسٍ ومجازر ومخاوف ودماء.. توالت اللعنات واللافتات والرسومات والعبارات التى تسخر من ميلان.. وكانت تزداد حدة وقسوة كلما أحرزت كرواتيا هدفًا فى مرمى كندا.. وبعد أربعة أهداف فازت بها كرواتيا، تلقى ميلان أكثر من 2500 رسالة عبر تليفونه الخاص فاضت بالسخرية والإهانة.. فقد قام أحدهم بنشر رقم تليفونه عبر الإنترنت ومواقع التوصل الاجتماعى، وكان ما جرى أثناء وبعد المباراة مزعجا وكافيا لأن يبدأ الفيفا تحقيقًا رسميًا بشأن ما جرى. وأيًا كانت نتيجة هذا التحقيق وعقوبات متوقعة على كرواتيا وفريقها وجمهورها، فلن ينجح كل ذلك فى إغلاق جروح ستبقيها كرة القدم مفتوحة طول الوقت.
*نقلا عن المصري اليوم
شاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|