محليات

ترامب يلوِّح بخيارات ضد حزب الله.. ولبنان أمام اختبار "السلاح"

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

يعود ملف سلاح حزب الله إلى واجهة الأحداث مجددا، وهذه المرة تحت سقف إنذار غير مباشر من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي لوح بخطوات مؤجلة ضد الحزب إذا استمر في التمسك بسلاحه.

وفي المقابل، جاء اجتماع لجنة مراقبة وقف إطلاق النار في جنوب لبنان بمشاركة أميركية بارزة، ليحمل إشارات واضحة إلى دخول مرحلة جديدة من الضغط والرقابة الدولية، في ظل دعم معلن لخطة الجيش اللبناني الهادفة إلى حصر السلاح على كامل الأراضي اللبنانية.

وبين رسائل واشنطن، وتحذيرات القوى السياسية اللبنانية، يجد حزب الله نفسه أمام معادلة دقيقة وهي إما الاندماج في مشروع الدولة، أو مواجهة ضغوط متصاعدة قد تتجاوز الحدود اللبنانية.

بداية مرحلة جديدة

وشكل الاجتماع الأخير للجنة مراقبة وقف إطلاق النار محطة لافتة، إذ تميز بحضور لافت للوفد الأميركي برئاسة مورغان أورتاغوس، وبمشاركة قائد المنطقة الوسطى في الجيش الأميركي الجنرال براد كوبر.

ولم يكن الحضور الأميركي بروتوكوليا، بل حمل دلالات سياسية وأمنية واضحة، خصوصا أن الاجتماع تزامن مع الإعلان عن تعيين رئيس جديد للجنة، في مؤشر على انطلاقة مرحلة مختلفة من الرقابة الدولية على تنفيذ الاتفاقات.

وكانت الرسالة التي خرج بها الاجتماع مزدوجة وتتمثل في دعم مطلق للجيش اللبناني في خطة حصر السلاح وانتشاره جنوب الليطاني، وفي الوقت نفسه ضغط متزايد على حزب الله لوقف أي مماطلة في تسليم سلاحه.

وعبرت عن هذا التوجه عضو المكتب السياسي لحزب الكتائب جويل بو عبود خلال حديثها إلى غرفة الأخبار على "سكاي نيوز عربية" التي أكدت أن ما جرى ليس مجرد لقاء عابر، بل خطوة عملية لمواكبة خطة الدولة اللبنانية "التي وضعتها الحكومة منذ 7 أغسطس، وقررت خلالها أن يتم تسليم سلاح حزب الله إلى الجيش قبل نهاية العام".

خطة حصر السلاح: بين الإمكانيات والتحديات

وليست الخطة التي كُلف الجيش بتنفيذها وليدة اللحظة، بل جاءت بقرار حكومي واضح، ينص على استعادة حصرية السلاح ومنع وجود أي قوة موازية للدولة.

وشددت بوعبود على أن هذه الخطوة هي "قطار انطلق ولا عودة عنه"، معتبرة أن "كل مراهنات حزب الله على كسب الوقت عبر ما يسميه الصبر الاستراتيجي لم تعد صالحة، لأن التغييرات الإقليمية والدولية كبيرة وجذرية".

ورغم إقرارها بأن إمكانيات الجيش اللبناني ليست فائقة، إلا أن بوعبود رأت أن الإرادة السياسية التي يمثلها الرئيس جوزيف عون ورئيس الحكومة نواف سلام، إلى جانب الدعم الدولي، قادرة على تمكين المؤسسة العسكرية من إنجاز المهمة.

ورغم أن الدعم الأميركي والأوروبي والعربي حاضر بقوة، لكن الشرط الأساسي يبقى أن "تساعد الدولة اللبنانية نفسها" عبر اتخاذ القرار السيادي الحاسم.

رسائل ترامب إلى حزب الله

وعلى خلفية هذه التطورات، يبرز الموقف الأميركي الأكثر حزما حيال حزب الله.

ووفق المعطيات، فإن الرئيس الأميركي دونالد ترامب لم يرسل فقط وفدا للمراقبة، بل ربط مسار الأزمة اللبنانية بمصالح واشنطن الاستراتيجية، معتبرا أن "التوسع الخارجي للحزب، لاسيما في أميركا الجنوبية وفنزويلا، بات تهديدا مباشرا للأمن الأميركي".

ويجعل هذا البعد الإقليمي والدولي أي مواجهة مع حزب الله أبعد من مجرد نزاع لبناني داخلي.

فبالنسبة للإدارة الأميركية، الحزب حليف لإيران والصين، وامتداداته في أميركا اللاتينية تجعله خصما مباشرا في "الملعب الداخلي للولايات المتحدة". وعليه، فإن أي تصعيد أميركي محتمل لن يكون دفاعا عن لبنان فحسب، بل ضمن معركة أوسع تهدف إلى إنهاء الجناح العسكري للحزب.

التحذيرات الداخلية

وفي الداخل اللبناني، برز موقف رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الذي وجّه تحذيراً شديد اللهجة إلى حزب الله من مغبة جر لبنان إلى حرب أهلية جديدة. جعجع شدد على أنه "لا خلاص للبنان دون قيام دولة فعلية، ولا دولة فعلية في ظل وجود سلاح غير شرعي".

ويعكس هذا الموقف مخاوف حقيقية من أن أي تلكؤ في تنفيذ خطة حصر السلاح قد يعيد البلاد إلى مربع الصدام الأهلي.

وقد أراد جعجع إيصال رسالة مزدوجة: تحميل حزب الله مسؤولية أي انزلاق نحو الفوضى، والتأكيد على أن مشروع الدولة بات خيارا لا مفر منه.

حزب الله بين الانكفاء والضغط الدولي

ورسمت تصريحات بوعبود صورة واضحة عن موقع حزب الله الحالي.

والحزب، وفق تقديرها، "خسر الحرب الأخيرة، وفقد ظهره الاستراتيجي المتمثل بالنظام السوري، كما انقطع تواصله مع إيران نتيجة انهيار الكوريدور الذي كان يستخدم لنقل السلاح والأموال".

وإلى جانب ذلك، يواجه الحزب سلسلة من الضربات النوعية: من منع الطائرات الإيرانية من الهبوط في مطار بيروت، إلى إحباط محاولات تهريب الأسلحة عبر الحدود السورية، وصولا إلى تدمير مصانع الكبتاغون التي كانت تمثل أحد مصادر تمويله الأساسية. وحتى على مستوى القيادات، يتعرض الحزب لاستنزاف مستمر نتيجة الاستهدافات الإسرائيلية المتكررة.

وخلصت بوعبود إلى أن "حزب الله لم يعد قادرا على شن حرب أهلية، لا عسكريا ولا سياسيا ولا إقليميا"، معتبرة أن ما يعلنه الحزب من تهويل لم يعد سوى "معركة دونكيشوطية" هدفها رفع معنويات جمهوره الذي يشعر بالخذلان.

معادلة الدولة والدويلة: استعادة القرار السيادي

واعتبرت بروعبود أن الجدل الذي يثيره حزب الله حول ربط تسليم السلاح بانسحاب إسرائيل من النقاط الحدودية المتبقية، "ذريعة باطلة".

وبحسبها فالمعادلة الصحيحة، تقوم على أن "تسليم السلاح واجب أساسي لاستعادة الدولة اللبنانية قرارها وسيادتها"، في حين أن التزامات إسرائيل تبقى قائمة لكنها لا تعفي الحزب من التزاماته.

وبهذا المعنى، يصبح مشروع الدولة في مواجهة مشروع "الدويلة"، حيث لا يمكن القبول بازدواجية في السلاح والاقتصاد والمؤسسات.

وتقول بوعبود: "لا يمكن أن يكون لدينا نظام مصرفي شرعي وآخر غير شرعي، أو نظام صحي رسمي وآخر موازي". مؤكدة أن "الشرط الأول لبناء الدولة هو حصرية السلاح بيدها".

الدعم الدولي: ضمانات أميركية وأوروبية

ولايقتصر الدور الأميركي على الضغط السياسي، بل يتجسد أيضا في ضمانات عملية.

ووفق المعطيات، فإن الولايات المتحدة هي الداعم الأكبر للجيش اللبناني ماليا وعسكريا عبر هبات سنوية ثابتة، فيما تساهم فرنسا وأوروبا بمساعدات موازية.

وأوضحت بوعبود أن وجود الوفد الأميركي في الاجتماع الأخير دليل على أن واشنطن "لن تترك لبنان وحيدا"، بل ستواكب خطته لحصر السلاح ومراقبة وقف إطلاق النار.

ويمنح هذا الحضور الدولة اللبنانية غطاء دوليا، لكنه في الوقت ذاته يرفع مستوى الضغوط على حزب الله الذي لم يعد قادرا على التصرف وكأنه خارج الرقابة.

احتضان الطائفة الشيعية: خطاب يتجاوز الانقسام

ومن الرسائل اللافتة في خطاب بوعبود تكرار ما سبق أن أعلنه رئيس حزب الكتائب سامي الجميل: "المشكلة ليست مع الطائفة الشيعية، بل مع حزب الله كتنظيم مسلح خارج الدولة". هذا التمييز يعكس حرص القوى اللبنانية المعارضة للحزب على تفكيك معادلته التقليدية التي يختبئ خلفها، عبر تقديم خطاب احتضاني للطائفة الشيعية باعتبارها جزءاً أساسياً من الدولة اللبنانية.

والرهان هنا يقوم على عزل الحزب سياسياً وشعبياً، وإعادة دمج بيئته في مشروع الدولة، بما يضعف حججه حول تمثيل طائفة بأكملها.

لبنان بين الفرص والمخاطر

كل المؤشرات تقود إلى أن لبنان يقف اليوم أمام فرصة تاريخية لاستعادة سيادته وبناء دولة القانون.

ويعد قرار الحكومة بحصر السلاح، دعم الجيش بخطة واضحة، الحضور الدولي الكثيف، والتحذيرات الداخلية من مغبة الانزلاق إلى الفوضى، كلها عناصر تجعل "القطار الذي انطلق" كما تقول بوعبود، في مسار لا عودة عنه.

لكن في المقابل، تبقى المخاطر قائمة: مقاومة حزب الله لأي تنازل، احتمالات التوتر مع إسرائيل، وصعوبة تطبيق الخطة في ظل التوازنات الداخلية الهشة.

ساعة الحسم تقترب

ورسالة ترامب المبطنة، وحضور الوفد الأميركي، وتحذيرات القوى السياسية اللبنانية، كلها تؤشر إلى أن ساعة الحسم في ملف سلاح حزب الله تقترب.

وما بين خيار الانخراط في مشروع الدولة أو مواجهة عزلة وضغوط دولية متصاعدة، يقف الحزب في أضيق زواياه منذ تأسيسه.

ومن جانبه لبنان أمام امتحان تاريخي: هل ينجح في تحويل الدعم الدولي إلى رافعة لبناء الدولة السيادية، أم يضيع الفرصة تحت وطأة الحسابات الداخلية؟ الجواب مرهون بالأسابيع والأشهر المقبلة، لكن المؤكد أن لا عودة إلى الوراء، وأن مرحلة جديدة بدأت بالفعل.

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا