المعادلات تثبّت الحكومة وبرّي يتحاشى المغامرات
دخل لبنان مرحلة جديدة بعد جلسات مناقشة وحصر السلاح. ولم يعد هناك من مجال للحكومة للتراجع عن هذا الملف. وتضغط واشنطن والمجتمع الدولي من أجل الحفاظ على وقف إطلاق النار لأن عودة الحرب تعني تدمير الجنوب وما تبقى من لبنان.
يصعّد "حزب الله" لهجته بشكل كبير. ويهاجم ويخوّن الحكومة التي يشكل جزءًا منها. ويركّز هجومه على رئيس الحكومة نواف سلام. وأدّت هذه الحملة إلى موجة تضامن سنية ووطنية مع سلام وحكومته.
وتغيّر الزمن الذي يستطيع "حزب الله" فرض شروطه وترهيب الحكومة واللبنانيين. ولو عدنا بالذاكرة إلى الوراء وحصل ما حصل من قرارات حكومية لكان حرّك "الحزب" المنطقة وليس الأرض اللبنانية فقط خصوصًا لو كان الأمين العام السيد حسن نصرالله على قيد الحياة.
اتخذت الحكومة في جلستَي 5 و7 آب قرارات مصيرية بشأن حصر سلاح "الحزب"، ومن ثمّ استتبعتهما بجلسة يوم الجمعة الماضي، وأقصى ما فعله "الحزب" الانسحاب من الجلسة مع وزراء حركة "أمل" وإنزال سرايا الموتوسيكلات في الضاحية والبقاع والجنوب.
وتتبدّد المخاوف من محاولة "حزب الله" إسقاط الحكومة، إذ لا يملك القدرة على القيام بهذا العمل، ووضعية ما بعد حرب "تموز" 2006 تبدّلت. وقتها خرج من الحرب شبه منتصر وكان لديه كوكبة من الحلفاء السنة والمسيحيين والدروز، وعمل على إسقاط حكومة الرئيس فؤاد السنيورة وصولًا إلى افتعال أحداث 7 أيار 2008 وقلبه المعادلة بدعم إيراني وسوري.
ويختلف الوضع مع حكومة الرئيس سلام هذه المرّة، ففي السابق كان هناك صراع بين محور 14 آذار و"الممانعة"، أما اليوم، فقد سقط محور "الممانعة" في سوريا والمنطقة وألحقت هزيمة عسكرية بـ "حزب الله" ودمّرت معظم بناه وبات بلا حلفاء.
وتحظى حكومة سلام بدعم سياسي داخلي، وتجمع القوى على استمرارها في القيام بعملها وتملك أغلبية برلمانية مريحة، علمًا أن "حزب الله" و"أمل" لم يسميّا سلام. وكذلك يوجد رئيس جمهورية في قصر بعبدا متناغم مع رئيس الحكومة وعلى "الموجة سوا" رغم اختلاف أسلوب التعبير، وأي انقلاب ينفذه "الحزب" على الحكومة لن يترجم في السياسة.
وتتمتع الحكومة الحالية بدعم عربي وأميركي وأوروبي كبير. وزاد منسوب هذا الدعم بعد القرارات الأخيرة التي اتخذتها في شأن حصر السلاح، لذلك لن يستطيع "حزب الله" تنفيذ أي انقلاب بدعم إيراني وسط هذا الدعم الداخلي والدولي للحكومة.
وتتركّز أنظار المجتمع الدولي على لبنان، وأي غلطة من "الحزب" تشبه 7 أيار ستواجه بردّ حازم، فالمنطقة كلها تتغيّر وتتبدّل وما كان مسموحًا به بالأمس بات محرّمًا اليوم، والساحة اللبنانية لم تعد متروكة مثل السابق.
وإذا كان "حزب الله" يرغب بالتصعيد إلى أقصى حدود، إلا أن رئيس مجلس النواب نبيه برّي يحاول تغليب لغة العقل والمنطق والواقعية، فهو لا يستطيع الوقوف بوجه "الحزب"، وواهم من يتصوّر برّي أنه يقدم على مثل هكذا خطوة، ومن جهة ثانية، يعمل بري على عدم ذهاب الأمور إلى نقطة اللاعودة لأنه يعلم أن الطائفة الشيعية ستدفع الثمن الأكبر وليست في موقع قوة كما كانت من قبل.
وتأتي زيارة برّي إلى بعبدا ولقاء رئيس الجمهورية جوزاف عون في إطار تبريد الأجواء ومحاولة تمرير المرحلة بأقل خسائر ممكنة. ويضع برّي لاءات وخطوطًا حمراء لا يريد لأبناء بيئته تجاوزها. وتتمثل هذه اللاءات بمنع استخدام الشارع وإحياء خطوط التماس القديمة. أما النقطة الثانية، فهي عدم التصادم مع الجيش لأن أي معركة مع الشرعية مكلفة، ويعتبر بري تأمين الاستقرار السياسي والأمني أولوية. لذلك، يؤيد استمرار عمل الحكومة ولا يرغب في الاستقالة أو العمل على إسقاطها لأنه يعرف موازين القوى جيدًا، والدخول في أي مغامرة ستكون مكلفة جدًّا.
آلان سركيس - نداء الوطن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|